رئيس الحكومة التونيسية هشام المشيشي

يتجه هشام المشيشي، رئيس الحكومة التونسية، للحفاظ على قائمة الوزراء التي اقترحها خلال التعديل الوزاري الأخير، غير عابئ بانتقادات الأحزاب السياسية، سواء من الحزام السياسي الداعم له أو من أحزاب المعارضة التي شككت في سيرة 3 وزراء مقترحين على الأقل، واتهمتهم بشبهات فساد، فيما تصر أطراف أخرى على أن معظم الوزراء الـ11 الجدد من المنتمين أو المقربين من حزبي «حركة النهضة الإسلامية» و«قلب تونس».
وللرد على هذه الانتقادات، كشفت رئاسة الحكومة عن إجراء مجموعة من التحريات، عن طريق الهيئة التونسية لمكافحة الفساد، وهيئات الرقابة التابعة لمصالح رئاسة الحكومة، خاصة حول المعطيات المتعلقة بوزيري الصحة والتشغيل المقترحين في التعديل الوزاري. وأكدت في بياناتها أن ما يروج من اتهامات «لا يرقى إلى مستوى شبهات الفساد وتضارب المصالح». وكانت قيادات من حركة النهضة، المتزعم للحزام السياسي الداعم لحكومة المشيشي، قد تحدثت عن طلب إجراء تعديل جديد على التعديل الحكومي قبل عرضه على البرلمان الثلاثاء المقبل، وطالبت بالاستغناء عن بعض الأسماء التي حامت حولها شبهات فساد وتضارب مصالح، حتى تتمكن من منح ثقتها لأعضاء الحكومة الجدد دون تعرضها لانتقادات.
وفي السياق ذاته، أكدت منظمة «أنا يقظ» (منظمة حقوقية مستقلة) أن التعديل الوزاري المقترح يضم أسماء «مشبوهة مثيرة للجدل تم اعتمادها في إطار حسابات حزبية وسياسية». واتهمت رئيس الحكومة بعدم الاتعاظ من أخطاء سابقيه، مذكرة بأن تضارب المصالح «كان السبب المباشر في استقالة حكومة إلياس الفخفاخ»، مشددة على ضرورة التحري، وحسن اختيار أعضاء الحكومة وإطارات الدولة، والابتعاد عن التعيينات المشبوهة التي تكرس فكرة «الحصانة السياسية».
يذكر أن منظمة «أنا يقظ» هي التي كانت وراء إثارة ملف نبيل القروي، رئيس حزب قلب تونس المتهم بتبييض الأموال والتهرب الضريبي، وكان من نتائج تلك الشبهات صدور أمر باعتقاله وسجنه. وكان رئيس الحكومة قد أوضح غداة الإعلان عن تعديله الوزاري أنه حافظ على «فلسفة وطبيعة» الحكومة التي نالت ثقة البرلمان في بداية سبتمبر (أيلول) الماضي، معتبراً أنها «حكومة مستقلة غير متحزبة»، وتضم كفاءات «لا يشك أحد في نزاهتها»، مؤكداً تمسكه بالدفاع عن هذه الحكومة، على اعتبارها «خياره واجتهاده الشخصي الذي لن يتراجع عنه»، وهو ما يعني -حسب متابعين للشأن المحلي- رفضه التنازل عن خياراته، وعدم القبول بتعديل التحوير. وبهذا الخيار، يرى مراقبون أن المشيشي وضع حزامه السياسي أمام خيارين لا ثالث لهما: إما القبول بما فرضه في تعديله، رغم الشبهات التي تلاحق بعض مرشحيه، أو إسقاط هؤلاء، والدخول في صراع مع رئيس الحكومة، وإضعافه سياسياً.
وفي غضون ذلك، تواصل أحزاب الحزام السياسي الداعم للحكومة، المكونة من «النهضة» و«حزب قلب تونس» و«ائتلاف الكرامة» و«تحيا تونس»، إضافة إلى «كتلة الإصلاح الوطني» و«الكتلة الوطنية»، مشاوراتها بهدف التوصل إلى توافقات، وعقد «صفقات» سياسية، سواء فيما بينها أو مع الحكومة.
وكانت كتلة «تحيا تونس» و«الإصلاح الوطني» قد اشترطتا استقلالية الوزراء المقترحين، لكن أسامة الخليفي، رئيس كتلة حزب قلب تونس، أكد انعدام هذا الشرط، بعد أن أكد أن من بين الوزراء المقترحين شخصية قريبة جداً من حزبه، وأخرى من حركة النهضة، وهو تصريح سيؤثر لا محالة على علاقة الحكومة بالأحزاب الممثلة في البرلمان. وفي هذا الشأن، قال جمال العرفاوي، المحلل السياسي التونسي، لـ«الشرق الأوسط»، إن المشهد السياسي الحالي «يفتح على احتمالين أساسيين: إما مرور التعديل برمته، وتحقيق نصر للمشيشي، ليس فقط على حساب رئاسة الجمهورية، بل على حساب حزامه البرلماني الذي سيتكبد خسائر بمفرده، خاصة النهضة التي انقسمت كتلتها إلى شقين».
ويتابع العرفاوي: «أما الاحتمال الثاني، فيتمثل في إسقاط أسماء وزارية مقترحة في جلسة المصادقة، وبذلك يفقد المشيشي الدعم السياسي للحكومة، ويصبح أضعف مما هو عليه، داخلياً وخارجياً، لأنه لن يستطيع أن يسوق لنفسه بصفته رئيس حكومة له القدرة على اتخاذ القرار وفرضه»، على حد تعبيره.
من جهة ثانية، تظاهر مئات التونسيين أمس في العاصمة ومدن أخرى احتجاجا على القمع الأمني وللمطالبة بسياسة اجتماعية أفضل، وذلك عقب أيام من الاحتجاجات الليلية شهدت أحداث عنف وتوقيف المئات.

قد يهمك ايضا 

رئيس الوزراء التونسي هشام المشيشي يعفي وزير الداخلية من مهامه

حديث عن الوضع العام في تونس بين هشام مشيشي و نور الدين الطبوبي