أثينا ـ سلوى عمر
تتخذ أثينا "الإجراءات اللازمة لضمان أمنها الوطني"، بعد "تدخل" مسؤولين روس في الخلاف القائم بين اليونان وجمهورية مقدونيا اليوغوسلافية السابقة، حسب تصريحات لمصدر حكومي يوناني لوكالة الصحافة الفرنسية، إلا أن المصدر لم يؤكد طبيعة هذه "الإجراءات" كما لم يعط تفاصيل إضافية حين طلب منه التعليق على مقال أوردته صحيفة "كاثيميريني" اليونانية، ومفاده أن أثينا تستعد لطرد دبلوماسيين روسيين ومنع دخول اثنين آخرين إلى البلاد، رغم علاقات الصداقة القائمة بين روسيا واليونان. وما يدل على هذه الصداقة التقليدية بين البلدين، الموقف اليوناني خلال قضية تسميم العميل الروسي السابق سيرغي سكريبال في بريطانيا إذ لم تطرد أثينا دبلوماسيين روسيا كما فعلت الدول الأوروبية.
واستندت الصحيفة في مقالها على مصادر دبلوماسية، أكدت أن الخطوات الرسمية اليونانية اتخذت بسبب شكوك حول محاولة روسيا تقويض اتفاق أبرمته اليونان مع جارتها مقدونيا الشهر الماضي. ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء عن وزارة الخارجية الروسية قولها إنها سترد بالمثل على طرد اليونان اثنين من الدبلوماسيين الروس. ورفض مسؤول في وزارة الخارجية اليونانية التعليق. لكن ديمتريس تزاناكوبولوس المتحدث باسم الحكومة اليونانية قال إن بلاده لن تتهاون مع أي سلوك ينتهك القانون الدولي
وذكرت صحيفة "كاثيميريني" أن اليونان اتهمت الدبلوماسيين الروس بممارسة أنشطة لا تلائم وضعهم الدبلوماسي منها أنشطة غير قانونية تضر بالأمن القومي. وأضافت أن سلطات أثينا أقدمت على هذه الخطوة بعد ما يعتقد أنها محاولات من الدبلوماسيين الروس لتقويض اتفاق أبرمته اليونان مع جمهورية مقدونيا اليوغوسلافية السابقة الشهر الماضي ينهي أزمة دبلوماسية مستمرة منذ عقود حول اسم مقدونيا. ومن المتوقع أن يسهل الاتفاق انضمام مقدونيا الدولة الصغيرة، ذات الأهمية الاستراتيجية، إلى حلف شمال الأطلسي في منطقة تتنافس فيها روسيا مع الغرب على النفوذ.
وكشف المتحدث باسم الحكومة ديمتريس تزاناكوبولوس لقناة "سكاي" أن "الحكومة اليونانية تريد علاقات جيدة مع جميع الدول، لكنها لا يمكن أن تقبل بسلوكيات تنتهك القانون الدولي ولا تحترم السلطات اليونانية". وأضاف: "في هذا الإطار، اتُخذت إجراءات". ولم يؤكد تزاناكوبولوس ولا المصادر طبيعة هذه "الإجراءات" كما لم يتم تقديم تفاصيل إضافية في معرض التعليق على مقال صحيفة "كاثيميريني"، نقلا عن مصادر دبلوماسية، مفاده أن أثينا تستعد "لطرد دبلوماسيين اثنين على الفور أحدهما فيكتور ياكوفليف الموظف في سفارة روسيا في أثينا" ولمنع دبلوماسيين اثنين آخرين من دخول البلاد.
وقال أحد المصادر: "لقد حصلت مشكلة تدخل في الملف المقدوني". وأفادت القناة الرسمية "آرت 1" أن المسؤولين المستهدفين ألقي القبض عليهم "الأسبوع الماضي بالجرم المشهود". وتقول القناة إن أثينا تتهمهم بمحاولة التأثير على الرهبان في جبل آثوس في شمال شرقي البلاد، المعروفين بتعصبهم القومي، وعلى السلطات المحلية في الشمال للدفع من أجل تنظيم مظاهرات ضد الاتفاق مع سكوبيي.
وتظاهر مئات آلاف اليونانيين في فبراير/شباط، ومايو/أيار ضد احتمال التوصل إلى اتفاق حول تقاسم اسم مقدونيا مع الدولة المجاورة، والذي أبرمته في نهاية المطاف حكومة ألكسيس تسيبراس اليسارية رغم معارضة قوية من اليمين وأوساط القوميين. ونظمت سلسلة تجمعات أخرى منذ إبرام الاتفاق رسميا لكن مع مشاركة ضعيفة لم تتعد الأوساط القومية أو مناصري حزب "الفجر الذهبي" اليميني المتطرف.
وقال ناطق باسم وزارة الخارجية الروسية في موسكو لوكالة الصحافة الفرنسية إن "روسيا ستتخذ إجراءات مماثلة كما هي الحال عليه عادة في مثل هذه الظروف". وأكد أحد المصادر الحكومية أن أثينا "تبقي قنوات الاتصال" مع روسيا، مشيرا إلى أن اليونان "لا مشاكل لديها" مع موسكو.
وكانت أثينا وسكوبيي وقعتا في منتصف يونيو (حزيران) اتفاقا لحل خلافهما الذي يعود إلى 27 عاما حول تسمية مقدونيا بهدف تجاوز الاعتراض اليوناني على انضمام هذه الجمهورية اليوغوسلافية السابقة الصغيرة إلى حلف الأطلسي. وسيطلع الحلف على هذا التقدم خلال قمته في بروكسل عبر القول إنه مستعد لضم جمهورية مقدونيا اليوغوسلافية السابقة حين يطبق الاتفاق بالكامل في سكوبيي في غضون أشهر. وينص الاتفاق على تغيير اسم هذه الدولة إلى "مقدونيا الشمالية". وفي أحدث استطلاع للرأي، عبرت غالبية من اليونانيين عن رفضها الاتفاق بين سكوبيي وأثينا على اسم "مقدونيا الشمالية" الهادف لإنهاء الخلاف بين البلدين الجارين.