الرئيس ميشال سليمان
بيروت ـ جورج شاهين
كشفت مصادر من القصر الرئاسي اللبناني، لـ"العرب اليوم"، عن أن اللقاء الذي جمع بين والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة تمام سلام، السبت، فتح الطريق أمام مرحلة جديدة من الاتصالات ستتوسع قريبًا بجولة أوسع لسلام، قد تشمل رئيس مجلس النواب نبيه بري
وبعض القيادات السياسية والحزبية، للبت في صيغة تجمع مختلف الأطراف اللبنانية بأسماء معتدلة ومقبولة من الجميع لا تثير النفور والاستفزاز لدى أي طرف، ومن دون إعطاء الثلث المعطل لأي منها، على أن يكون سلام شخصيًا هو الضامن لهذه التركيبة، التي لا يُقبل أن يكون لأي طرف فيها، من قوى 8 أو 14 آذار أو الوسطيين، ومنهم أكثر من 8 وزراء، متعهدًا بالاستقالة فور الإخلال بهذه التركيبة المتوزانة.
وغرد الرئيس سليمان عبر "توتير"، السبت، في إشارة إلى الخلط بين ما هو أمني وما هو سياسي، ومن باب الفشل في إطلاق صاروخ باتجاه القصر الجمهوري ووزارة الدفاع وقع في أحد الأحراج، وهو في الطريق إلى هدفه، قائلاً "إن نوايا الفتنة تظهر من خلال اتخاذ منطقة كسروان مكانًا لإطلاق الصاروخين، أكثر مما تظهر من الأهداف المقصود ضربها، ولكن لن نسمح بحصول الفتنة".
وقالت المصادر نفسها، "إن الرئيس سليمان أبدى للرئيس المكلف كل تعاون من أجل تأليف الحكومة الجديدة، علمًا أن اللقاء الذي جمعهما السبت واستمر ساعة، ركز على الأطر العامة للتأليف، فيما ونفت أوساط سلام عبر "العرب اليوم"، صحة ما تردد عن طرح صيغ تحاول تسويق فكرة الثلث المعطّل بصيغ مختلفة، وهذا ما دعا سلام إلى التأكيد بصورة لا لبس فيها أنه مستمر في طرح صيغة الثلاث ثمانات ولن يتخلى عنها، والتي تعني أن لا ثلث معطلاً لأي فريق، وأن البحث جار في الصيغ التي يمكن أن "تقلع"، وأن اختزالاً للأسماء بدأ، وثمة دفعة كبيرة من أصل 250 اسمًا متداولة تمت غربلتها، مؤكدة أن التأليف لم يعد بعيدًا.
ولم يتأكد بعد، عما إذا كان موفدا رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" نجله تيمور ووزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور، سيزوران الرياض للقاء زعيم "تيار المستقبل" سعد الحريري والأمير بندر بن سلطان، للبحث في مخارج للتشكيلة الحكومية، في ضوء بعض الاقتراحات الجديدة التي لم يكشف عنها بعد، فقد أكد أبو فاعور أن الرئيس المكلف أطلق مرحلة جديدة لتأليف الحكومة، وهو غير مقيّد بجدول زمني، بل بجدول جدوى".
وتلقى صيغة الثلاث ثمانات دعمًا واسعًا من كل القوى باستثناء "8 آذار" وتحديدًا "حزب الله"، الذي هدد بالقيام بما يلزم لعدم قيام حكومة لا تمثل "أحجام القوى اللبنانية"، فيما يبدو أن العقدة تبقى مشاركة "حزب الله" التي يرفضها فريق "14 آذار" وتحديدًا "تيار المستقبل" المستعد من أجل تحقيق هذا المطلب ألا يشارك في الحكومة.
وتوقعت مصادر مواكبة للتأليف، أن تنشط الاتصالات من أجل ابتكار صيغة تتيح تمثيل كل القوى السياسية من دون علاقة حزبية مباشرة، على أن يكون سلام هو الضامن لقوى 14 و8 آذار والوسطيين ضمن صيغة الثلاث ثمانات، لتنفيذ تعهدات تطمئن الجميع في المسار المقبل للحكومة الجديدة، واستعداد سلام للاستقالة شخصيًا في حال الإخلال بهذه التعهدات.
وأكد الوزير الاشتراكي غازي العريضي، في تصريح لصحيفة "النهار"، أنّ البحث في موضوع تشكيل الحكومة في الساعات الماضية، بدأ بعد صدور قرار المجلس الدستوري، مؤكدًا أن الحكومة سياسية، وسيكون شكلها وتركيبتها ووزاراتها محور البحث الجدي، معتبرًا أنّ "حكومة الثلاث ثمانات مرفوضة من (حزب الله) وفريق 8 آذار، وأنه لسبب مشاركة الحزب في سورية والشرط الذي وضعه (تيار المستقبل) والقوى السياسية الحليفة بعدم جلوسهم إلى طاولة واحدة مع الحزب وهو يقاتل هناك، فلا حكومة في الوقت القريب، وأنّ أي حكومة لا يشارك فيها مكون أساسي من مكونات البلد لا تستمرّ".
وشدد العريضي على وقوف جبهة "النضال الوطني" بجانب رئيس الجمهورية ميشال سليمان وتضامنها معه، وأن الرئيس في فترة معينة هاجمته قوى "14 آذار" وقاطعت دعوته إلى الحوار وانتقدت مواقفه، وفي فترة أخرى هاجمته قوى "8 آذار" ورفضت دعواته، ووصلت إلى حد التخوين والاتهام، مما يدلّ على أن ميزانه دقيق، ولم يكن لفريق من دون آخر، وأنّ رسالة الرئيس سليمان إلى الأمم المتحدة والجامعة العربية ضد سورية، أو كل من ينتهك سيادة الأراضي اللبنانية، هي محقة، وأنّ الحملات ضد سليمان ظالمة وسينصفه التاريخ.
وأعلن رئيس "كتلة الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد، "أن صيغة 8 8 8 أو الوزير الملك، أو كل ما يقترح من أجل ألا تتمثل القوى السياسية بأوزانها الحقيقية في تشكيل الحكومة، هي صيغ لن تستطيع البقاء"، داعيًا الرئيس المكلف إلى "عدم تضييع الوقت، لأن الحكومة التي يمكن أن ترى النور وتملك القدرة على البقاء والاستمرار، هي الحكومة التي تتمثل فيها كل القوى السياسية بأوزانها التي تتمثل فيها في المجلس النيابي"، مشددًا على "أن الشعب في لبنان يحتاج إلى حكومة تدفع الأذى عنهم، وتمنع اشتعال نيران الفتنة التي يحاول البعض أن يشغلنا بها، عبر استخدام أدوات صغيرة في أكثر من منطقة".
وتحدث رعد في كلمته، خلال الاحتفال الذي أقامه "حزب الله" لمناسبة ذكرى ولادة الإمام المهدي، في بلدة الخيام، عن الشأن السوري، معتبرًا "أن الهدف الأساسي من استهداف الدولة والشعب والوحدة والمكونات والإمكانات في سورية، هو جعلها مثخنة بالجراح حتى تقبل بالشروط الأميركية الإسرائيلية، وتتخلى عن دعم محور الممانعة في المنطقة، وأن كل ما يطرح من شعارات للتغيير والإصلاح ليس إلا كذبًا على الناس من أجل تمرير مشروع المؤامرة لتهديم سورية وإضعافها"، مؤكدًا "أن سورية هي محطة للانتقال إلى المقاومة في لبنان، ولذلك فإنه من حقنا أن نهيئ كل ما يلزم للدفاع عن أنفسنا وأرضنا ووطننا ومقاومتنا، وسنكون حيث يقتضي الواجب من دون أن تمنعنا لا جغرافيا ولا خطوط حمر يحاول العدو أن يفرضها على المعادلة، وأن ما نقوم به هو لتحصين مقاومتنا وشعبنا في مواجهة الخطر الإسرائيلي المتربص شرًا بوطننا، وأن العدو الصهيوني استحدث امتدادا لمحوره ضدنا، وقد أوكل مهمته لأعوانه من التكفيريين ليطعنوننا في ظهرنا من الخلف عبر الحدود السورية في البقاع، وأن بندقية المقاومة ستبقى مصوبة في اتجاه العدو الإسرائيلي، وكل من يستخدم من قبله ويحاول أن يحمي مشروعه".
وواصل "حزب الله" هجومه على "تيار المستقبل"، واعتبر عضو "كتلة الوفاء للمقاومة"، النائب علي فياض، أن "الفوضى الأمنية والإنفلات الأمني المسلح وقطع الطرقات وإطلاق النار على الجيش اللبناني، كلها ممارسات مدروسة وخطيرة تنفذها أدوات مأجورة وخطيرة، وأن الأخطر منها أولئك الذين يوفرون لها الغطاء السياسي داخليًا، وفي طليعتهم (تيار المستقبل) الذي طالما لم يحدد موقفًا واضحًا وصريحًا إزاء ما يجري، ولا يتصدى فعليًا لمواقف التأليب المذهبي ولغة الفتنة، كما لا يتصدى بحزم للتعرض إلى الجيش اللبناني"، مؤكدًا أنه "بذلك يضع نفسه فعليًا في موضع المتواطئ مع ما يجري، أو يراهن على ما يجري لتوظيفه سياسيًا ضد المقاومة".
واتهم فياض، خلال حفل الافتتاح الذي أقامته الهيئة الصحية الإسلامية لمركز تابع لها في بلدة كفركلا الحدودية، "تيار المستقبل" بـ"أنه الراعي الفعلي للفوضى الأمنية ولجوقة الفتنة المتنقلة، وأنه مطالب بأن يبرئ نفسه لأن التهمة تلبسه تمامًا، معتبرًا "أنه في الوقت الذي يريد فيه هؤلاء الفتنة فإننا نقوم بتعطيلها، وأن ممارساتهم هي مزيج من جنون وحقد وعدم اعتراف بمصلحة لبنان، وإنما نقوم بتعطيل الفتنة التي يريدونها لأنها ليست معركتنا، فيما هم يسعون إلى الإفادة من موقفنا الذي يعرفونه جيدًا ويقرأونه جيدًا، وهو أننا لا نريد الفتنة ونهرب منها، لأنها ستدمر الوطن وسيدفع ثمنها الجميع".