قنديل يترأس مجلس الوزراء المصري (صورة أرشيفية)
القاهرة ـ الديب أبوعلي/أكرم علي/عمرو والي/علي رجب
أدى الوزراء الجدد في الحكومة المصرية، اليمين الدستورية أمام الرئيس محمد مرسي، الثلاثاء، وذلك بعدما أعلنت الحكومة تغيير 9 وزراء، فيما أثار التعديل الوزاري الجديد تباينًا في ردود الأفعال لدى الأحزاب والقوى الثورية، حيث اعتبروه مخيبًا للأمال، و"ضربة قاصمة" إلى كل مؤيدي مرسي من المجموعات السلفية وبخاصة
مع خلو التعديل من أي شخصيه سلفية أو وطنية ذات كفاءة، في حين اعتبرته القوى الصوفية تعديلاً "إخوانيًا" بامتياز.
وقد وصل رئيس الوزراء هشام قنديل والوزراء الجديد والمستمرون في مناصبهم أيضًا إلى قصر الاتحادية (غرب القاهرة)، لأداء حلف اليمين أمام الرئيس محمد مرسي قبل سفره إلى البرازيل، الثلاثاء، للقاء نظيرته البرازيلية ديلما روسيف الأربعاء، في حين يفتتح منتدى الأعمال بين مصر والبرازيل الخميس.
وقال الناطق الرسمي باسم مجلس الوزراء المصري علاء الحديدي، في تصريح للصحافيين، إن 9 وزراء جُدد شملهم التعديل الوزاري الذي كان الرئيس محمد مرسي أعلن عن إجرائه على الحكومة التي يترأسها هشام قنديل، موضحًا أن "الوزراء الجدد هم كل من المستشار أحمد محمد أحمد سليمان وزيرًا للعدل، والدكتور فياض عبد المنعم حسنين إبراهيم وزيرًا للمال، والمستشار حاتم حمد عبدالله بجاتو وزير دولة لشؤون المجالس النيابية، والمهندس شريف حسن رمضان هدّارة للبترول والثروة المعدنية، والدكتور أحمد محمود على الجيزاوي للزراعة واستصلاح الأراضي، وأحمد عيسى أحمد وزير دولة لشؤون الآثار، وأحمد محمد عمرو درّاج وزيرًا للتخطيط والتعاون الدولي، وعلاء عبدالعزيز السيد عبدالفتاح للثقافة، ويحيى حامد عبدالسميع حامد للاستثمار، وعلى غير المتوقع استمر وزير الإعلام صلاح عبدالمقصود بعد التعديل الوزاري الذي شمل 9 حقائب وزارية.
وتسبب احتفاظ وزير الداخلية، اللواء محمد ابراهيم، بمنصبه، في حالة من الغليان والاستياء لدى الأحزاب والقوى الثورية، معتبرين ذلك استمرارًا لسياسات النظام الديكتاتوري، عن طريق الاحتفاظ بوزير داخلية ينفذ أجندة الجماعة في التنكيل بشباب الثورة والنشطاء، وأنه رغم استمرار حالة الانفلات الأمني إلا أن رئيس الحكومة قرر الاحتفاظ بوزيره، الذي يتفانى في تأمين مقرات حزب "الحرية والعدالة" ومقر مكتب الإرشاد.
فقد علق الأمين العام لـ"اتحاد القوى الصوفية وتجمع آل البيت"، الدكتورعبدالله الناصر حلمي، علي التعديل الوزراي قائلاً، "إن المؤسسات العامة المصرية خضعت لنفوذ جماعة (الإخوان المسلمين)، وبخاصة بالتزامن مع عدم استعداد الجيش لتوريط ذاته في السياسة الداخلية، وأصبح القضاء هو القوة الأخيرة التي تقف ضد الحملة (الإخوانية) الصارمة التي تسعى لتأكيد قوتها، وإن التعديلات المقترحة أخيرًا في مجلس الشورى المهيمن عليه من الجماعة، بإصلاح قانون السلطة القضائية، أشعلت نيران الانتقادات لهذا الأمر."
وأوضح حلمي، أن "هذه التعديلات تم النظر إليها كحملة لتطهير القضاء من نفوذ مبارك، وذلك في محاولة لحشد الدعم من الجانب العلماني والليبرالي، وأن الجهود الإخوانية المبذولة لوصف حملتهم بأنها حملة عنيفة ضد الماضي، زاد من المخاوف وجنون العظمة بين منافسيهم السياسيين"، مضيفًا أن "التعديل الوزاري الذي تم الإعلان عنه هذا الأسبوع سيعمل على تأجيج لهب (الأخونة)، وعلى الرغم من مطالب المعارضة فمن المرجح أن يستخدم الرئيس محمد مرسي فرصته لضم المزيد من الموالين له، وبينما قدم مرسي محاولات للمصالحة مع المعارضة متعهدًا بالأخذ في الاعتبار توصيات القضاة بشأن التعديلات، يبدو أن الإسلاميين في مجلس الشورى لديهم نية ضعيفة في الاستجابة لنداءات الرئيس، وإنه بغض النظر عن ما إذا تم تمرير التشريع فإنه من المرجح أن تعمل الجلسات المقبلة على توسيع الفجوة بين (الإخوان) ومعارضيهم، مما يهدد بمدّ أمد الأزمة السياسية التي فرضت ضررًا كبيرًا على الاقتصاد وطاردت ثقة المستثمرين".
واعتبر د.الناصر أن التعديل الحكومي هو تعديل "وزاري إخواني" بامتياز، ومرفوض جملة وتفصيلاً، مشددا على أن الهدف من التعديل هو السيطرة على جميع الوزارات التي تؤثر على حاضر المصريين ومستقبلهم، مضيفًا أن "التعديل لم يشمل الوزراء التي طالبت بإقالتهم المعارضة المصرية مثل وزراء الداخلية والإعلام والأوقاف، مما يؤكد أن مصلحة الجماعة أهم بكثير جدًا من مصلحة الشعب المصري بطوائفه كافة، كما لو كانت مصر خلقت لتنفيذ أطماع الجماعة وليس العكس، وأنه لا أمل من هذه الحكومة ما لم يتم تغييرها بالكامل".
وقلل الناشط السياسي والعضو في حزب "الدستور"، جورج اسحاق، من قيمة التعديل الوزاري، قائلاً "لا توجد أي فائدة من أي تغييرات وزارية طالما أن هشام قنديل لا يزال في منصبه"، فيما رأى رئيس حزب "مصر الديمقراطي الاجتماعي"، الدكتور محمد أبو الغار، أن التعديلات الوزارية الجديدة التي أعلن عنها الرئيس محمد مرسي، ما هي إلا مسرحية على الشعب المصري، الهدف منها التحضير من قبل جماعة (الإخوان المسلمين) للانتخابات التشريعية، التي ستتم خلال أشهر قليلة، وأن حزبه اعتذر عن الذهاب إلى قصر الرئاسة لمناقشة تشكيل الحكومة الجديدة، لاكتشافه خطة تزوير الانتخابات لصالح أحزاب بعينها، وأنه أرسل خطابًا إلى الرئاسة يقترح خلاله باستمرار حكومة قنديل بكل مساوئها إلى أن يتم تغيير الوزارة كلها والمجئ بوزارة جديدة محايدة تقوم بالتحضير للانتخابات التشريعية بحياد ونزاهة تامة، ومن يكسب الانتخابات هو من يشكل الوزارة المقبلة".
واعتبر المتحدث الإعلامي لـ"التيار الشعبي"، عماد حمدي، لـ"العرب اليوم"، أن التعديل الوزاري الذي أجراه رئيس الوزراء، وشمل استبدال عدد من الوزراء بشخصيات إخوانية، هو بمثابة إصرار واضح من نظام مرسي على تعقيد الأزمة السياسية والاقتصادية والاحتقان المجتمعي وصم للآذان عن مطالب القوى السياسية، وأن هذا التعديل ما هو إلا مرحلة جديدة من مراحل (أخونة) الدولة، والسيطرة على مفاصلها ودليل واضح على أن نظام مرسي ماض في طريق الفشل والانحراف عن مسار الثورة"،.
وأضاف حمدي، أن "الشعب المصري لن يصبر طويلاً على هذا الإصرار الرهيب على الفشل، وبخاصة بعد أن فاض الكيل من حكومة قنديل التي التزمت بسياسات اقتصادية واجتماعية زادت المصريين إفقارًا، وأن إصرار قصر الرئاسة على الإبقاء على الدكتور هشام قنديل رئيسًا للوزراء على الرغم من إخفاقه في تلبية حاجات المصريين، هو بمثابة تحد واضح للقوى الوطنية التي طالبت بحكومة جديدة محايدة من الكفاءات، تتولى إدارة الانتخابات المقبلة، وأن النهج الذي تسير عليه السلطة لا يبشر بأي انفراجة في الأفق مع المعارضة".
وأكد نائب رئيس الدعوة السلفية، الدكتور ياسر برهامي، أن التعديل الوزاري لن يحقق الاستقرار المطلوب، ولن يحقق رضاء الشعب، وأن حزب (النور) سبق وأن تقدم بمبادرة لتشكيل حكومة ائتلافية، وأنه لن يقبل بغير ذلك، وأنه لابد أن تشارك الفصائل السياسية كافة في إدارة البلاد في هذه المرحلة الحرجة، وعدم الاكتفاء بفصيل واحد فقط، ولابد من حدوث تغيير شامل في فلسفة وعقيدة القيادة الحالية، وأن الشعب فقد الثقة في هذه العقيدة".
ودعا محامي الجماعات الإسلامية، ممدوح إسماعيل، القوى الثورية الإسلامية كافة وغيرها ومن عندهم اهتمام وإحساس بالثورة والشعب المصري إلى تنظيم أكبر حالة معارضة ضد تعيين المستشار حاتم بجاتو وزيرًا للدولة للشؤون القانونية، موضحًا أنه صاحب الدور الكبير في حل مجلس الشعب وغيره من الأحكام الدستورية العظيمة لصالح أعداء الثورة، بخلاف موضوع الجنسية الأميركية لوالدة حازم صلاح أبو اسماعيل رئيس حزب "الراية"، مؤكدًا أن جبهة "الإنقاذ" وقنوات الحقد الفضائي سترحب به، على حد تعبيره.
وأوضح القيادي في حزب "الجبهة الديمقراطية"، وأمين سر لجنة الانتخابات في جبهة "الإنقاذ"، المهندس عمرو علي، أن أي تغيير وزاري يخرج عن الوزارات التي تؤثر في العملية الانتخابية المقبلة، مثل وزارات الداخلية والتموين والشباب والتنمية المحلية، بمثابة تحطيم فرص مشاركة "الإنقاذ" في الانتخابات.
وقال وكيل مؤسسي "الحزب الاشتراكي المصري"، المنسق العام لـ"الجمعية الوطنية للتغيير"، المهندس أحمد بهاء الدين شعبان، إن الإبقاء على وزير الداخلية في منصبه سببه تنفيذه لتعليمات مكتب الإرشاد والسلطة الحاكمة بما يحقق أهداف جماعة "الإخوان المسلمين"، وأن الداخلية هي المخلب الذي تنقض به الجماعة على معارضيها، كما أنها أداة من أدوات قهر القوى الوطنية، كما كان الوضع في ظل النظام السابق، فيما أعرب رئيس حزب "الحرية والعدالة"، الدكتور محمد سعد الكتاتني، عن سعادته بالتشكيل الوزاري الجديد، مشددًا على دعم الحزب الكامل لحكومة الدكتور قنديل، مضيفًا عبر بيان للحزب، أن "تعليماته واضحة لوضع كل إمكانات الحزب الفنية وكوادره في خدمة الحكومة الجديدة، حتى تستطيع عبور المرحلة الانتقالية بسلام، وصولاً إلى الانتخابات البرلمانية، وأن هناك بعض الصعوبات التي تواجه تشكيل الحكومات في المراحل الانتقالية، وأنها قد لا تلبي الطموحات كافة"، داعيًا كل القوى الوطنية وكل الخبراء التكنوقراط إلى تقديم العون للحكومة الجديدة، مشيرًا إلى أن التحديات التي تواجه الشعب المصري تتطلب تضافر الجهود كافة.
ورأى المتحدث الرسمي باسم حزب "التجمع"، نبيل زكي، أن جوهر القضية ليس في بقاء أي وزير في منصبه، وأنه يرفض التعديل الوزاري من الأساس، لأن المصريين في حاجة إلى حكومة جديدة تضم كفاءات لتنتشل المصريين من جملة الانهيارات التي يعانون منها.
وانتقد حزب "المصريين الأحرار" على لسان المتحدث الرسمي باسم الحزب، شهاب وجيه، تصريح رئيس الحكومة الدكتور هشام قنديل، بأن وزير الداخلية الحالي اللواء محمد ابراهيم سيستمر في الحكومة، موضحًا أنه كلام قنديل يؤكد أنه لا يستطيع تغيير وزير الداخلية، وأن القرار ليس في يده، ويبدو ان بقاء وزير الداخلية له اعتبارات أخرى تخص جماعة "الإخوان المسلمين" ليس من بينها قدرة الداخلية على استعادة الأمن في الشارع، بل هي تأمين مكتب الإرشاد ومقرات "الحرية والعدالة" واستهداف النشطاء وشباب الثورة.
ودافع القيادي في حزب "الحرية والعدالة"، عضو اللجنة التشريعية في مجلس الشورى صبحي صالح، عن بقاء وزير الداخلية في منصبه عقب حدوث تحسن في الحالة الأمنية إلى حد ما، معتبرًا ذلك بأنه خطوة لاستكمال تصحيح مسيرة العمل الأمني، وإعطاء الوزير فرصة لهيكلة الوزارة، وأن وزير الداخلية قدم أداءً جيدًا لتحسين الحالة الأمنية في هذه المرحلة، مشيرًا إلى أن الوزارة الحالية لن تستمر في عملها لأكثر من 3 أو 4 أشهر قبل الانتخابات البرلمانية وتشكيل حكومة جديدة.
يُشار إلى أن وزير التعاون الدولي والتخطيط الجديد عمرو دراج، ينتمي إلى جماعة "الإخوان المسلمين"، وكذلك وزير الاستثمار يحيى حامد عبدالسمع الذي كان أحد المتحدثين باسم الحملة الانتخابية للرئيس مرسي العام الماضي