الرئيس السوري بشار الأسد
دمشق - جورج الشامي
اعتذرت هيئة أركان الجيش "الحر" عن زيارات كان من المفترض القيام بها لبعض الدول العربية والأجنبية، من أجل مناقشة موضوع تزويد الثوار بالسلاح، دون الإفصاح عن الأسباب وراء إرجاء أو إلغاء الزيارات، التي كانت تهدف لتزويد المقاتلين بأسلحة مضادة للطائرات وكمامات واقية من الأسلحة الكيمياوية، بعد قرار
الجامعة العربية السماحَ بإرسال مساعداتٍ عسكريةٍ فردية إلى المعارضة.
فيما أظهرت صور انتشار مقاتلين أجانب في صفوف مقاتلي النظام في دمشق، من لواء "أبو الفضل العباس"، معظمهم من العراق ولبنان وإيران، وهدفهم كما يقولون "حماية العتبات المقدسة" للشيعة في سورية، بينما تتهمهم المعارضة بالمشاركة بصورة مباشرة في المعارك الجارية في دمشق، وذلك بعد الدعوة العلنية، التي أطلقها مفتي الدولة أحمد حسون، حين اعتبر الدفاع عن النظام "فرض عين" على كل مسلم.
وحذر الرئيس السوري بشار الأسد من أن سقوط نظامه، أو تفكك بلاده، سيطلق موجة من عدم الاستقرار تهز الشرق الأوسط لسنوات مقبلة، وذلك في مقابلة أذاعتها قناة "أولوصال" التركية، مؤكدًا حياته، وأن الصراع ليس صراعًا محليًا، متهمًا تركيا بالتدخل في شؤون بلاده، هذا في حين تتواصل الاشتباكات في مناطق سورية عدة.
ويأتي هذا بالتزامن مع تحقيق نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية، أكدت من خلاله أن الأردن يواجه تصاعدًا في التوترات مع جارته سورية، في ضوء مؤشرات تدل على أنه يضطلع بدور أكثر فعالية، دعمًا للمقاتلين السوريين، الذين يسعون للإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد، ويتزامن مع ذلك أيضًا إعلان الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أن "رئيس الحكومة السورية الموقتة غسان هيتو قد بدأ مشاوراته المتعلقة بتشكيلة الحكومة، التي ستعرض على الائتلاف خلال الأسابيع المقبلة".
وفي شأن إشاعة وفاته، وعن مكان وجوده قال الأسد "أنا موجود أمامكم، ونحن فوق الأرض، وليس في ملجأ، وهذه الإشاعات، التي يحاولون بثها من وقت لآخر، هي للتأثير على الروح المعنوية للشعب السوري، وأنا لا أعيش لا في بارجة روسية ولا في إيران، أنا أعيش في سورية، في نفس المكان الذي كنت أعيش فيه دائمًا"، مشيرًا إلى أن "الصراع في سورية لم يكن بالأساس محليًا، لكن الموضوع برمته صراع خارجي على سورية، مرتبط بالخارطة الإقليمية، نحن محاطون بدول تساعد الإرهابيين، وتسمح لهم بدخول بلادنا"، موجهًا اتهامه إلى تركيا بدعم "المتمردين" عمدًا، ومشككًا بالدعم الأردني لمعارضيه، مضيفًا أن "أردوغان لم يقل كلمة صدق واحدة منذ بداية الأزمة في سورية"، كذلك وجه انتقادًا خاصًا للجامعة العربية، التي جمدت عضوية سورية، في تشرين الثاني/نوفمبر 2011، وأعطت المقعد الخالي للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، معتبرة إياه الممثل الشرعي للشعب السوري، حيث قال "الشرعية الحقيقية ليست من منظمات ولا من مسؤولين خارج بلدك، كل هذه المسرحيات ليس لها أي قيمة بالنسبة لنا"، محذرًا من أن "سقوط حكومته، أو انقسام سورية، سوف يكون له تأثير الدومينو في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وسيكون مفتتحًا لفترة من عدم الاستقرار لسنوات طويلة وربما لعقود".
وعن تصريح وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو، الذي أكد فيه أنه "يفضّل الاستقالة عن مصافحة الأسد"، وصف الرئيس السوري التصريح بأنه ليس محط إهتمام، مهاجمًا أوغولو بالقول "إذا لم يكن هناك من ربّاه تربية صحيحة في منزله، فأنا في منزلي تربّيت تربية صالحة، وإن لم يكن قد تعلّم شيئًا من أخلاق الشعب التركي، التي رأيتها خلال زياراتي إلى تركيا، فأنا في سورية تعلّمت الكثير من أخلاق الشعب السوري".
وتطرق إلى القضية التركية الكردية موضحًا "نحن منذ أن بدأ التحرك داخل تركيا، منذ سنوات عدة، باتجاه حل المشكلة الكردية، كان موقفنا الواضح والصريح هو دعم أي حل بين الأكراد والأتراك، لأننا لا نريد أن نرى المزيد من الدماء في بلدكم، والتي ستنعكس سلبًا على المنطقة، نحن ندعم أي حل صادق في هذا الاتجاه، لأن الأكراد جزء طبيعي من نسيج المنطقة، هم ليسوا ضيوفًا أو مهاجرين جددًا، هم يعيشون في هذه المنطقة منذ آلاف السنين"، معتبرًا أن "الحكومة التركية تساهم في قتل الشعب السوري بصورة مباشرة، وأن سورية ترفض الأعمال الإجرامية"، لافتًا إلى أن "الشعب التركي شعب شقيق، وأردوغان يريد أن يفتعل صدامًا على المستوى الشعبي، وبالتالي يحصل على بعض الشعبية التي خسرها، نحن في سورية لن نقع في هذا الفخ، لأسباب مبدئية، ولأن مصلحتنا مع الشعب التركي، حيث أن الدخول في صراع بين الشعبين لن يخدمنا، وسيجعل الأمر معقدًا، وما قامت به دمشق، خلال الـسنوات العشر الماضية، هو محاولة لمحو الماضي السيء بين العرب والأتراك، وأردوغان يسعى لإعادة هذا التاريخ".
يذكر أن المقابلة تم بثها ليلة الجمعة، بعد 3 أيام من تصويرها، كما ستنشرها مجلة "أيدنليك"، التي تصدر السبت.
من جانبها، نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، في شأن تطورات الأزمة السورية، تقريرًا تحت عنوان "توترات لسبب تزايد دور الأردن في سورية، جاء فيه أن "الأردن سمح بنقل شحنات أسلحة إلى معارضي الأسد، الذين حققوا بعض المكاسب في محيط درعا، وهي المدينة السورية القريبة من الحدود الأردنية، وأن الوضع العسكري في سورية يعكس تزايد الإمدادات العسكرية إلى المقاتلين السورييين، مشيرة إلى أن " زيارة الرئيس الأميركي للأردن، بصفتها دولة عربية، تشير إلى أن الملك عبد الله يتعرض لضغوط متصاعدة، حتى يدعم أكثر فأكثر المحاولات التي تقودها دول الخليج لإزاحة الأسد عن السلطة، وأن القوات الخاصة البريطانية والفرنسية تشارك في تدريب المقاتلين السوريين، وتقديم المشورة لهم، بالإضافة إلى تقديم الدعم اللوجيستي والاستخباراتي لهم".
وتضيف الصحيفة نقلا عن شخصية سورية معارضة "إن الأردنيين سعداء بتقديم الدعم، لكنهم لا يريدون أن يكونوا في الواجهة، كانوا خائفين من مخابرات الأسد، التي قد تنتقم من الأردن، وتلحق الضرر به، لكنه الآن أصبح الأسد ضعيفًا، وبالتالي يشعرون بجرأة حتى يضطلعوا بدور أكبر"، ونقلاً عن مصدر أردني مسؤول، أوضحت الصحيفة أن "الأردن لا يمكن أن يبقى متفرجًا على ما يحدث، ويرى تنظيم القاعدة والمتشددين الآخرين وهم يستولون على الحدود مع سورية، يجب أن يتخذ خطوات استباقية لإحداث توازن بشأن البنية الأمنية في الحدود".
وذكر بيان الائتلاف الوطني السوري المعارض، السبت، أنه "انسجامًا مع قيم الثورة السورية النبيلة، لاسيما فيما يتعلق بتطبيق معايير وآليات استقطاب المهارات والكفاءات اللازمة لإدارة المرحلة المقبلة، بدأ هيتو مشاوراته المتعلقة بتشكيلة حكومته، وأن مجموعة من اللجان بدأت عملها، لاستقطاب أصحاب الخبرة والاختصاص من السوريين، داخل سورية وخارجها، للعمل في وزارات هذه الحكومة"، موضحًا أن "الحكومة السورية الموقتة تتألف من 11 وزارة وهي الدفاع، والداخلية، والشؤون المدنية، والشؤون الخارجية، والإدارة المحلية، والاقتصاد والموارد العامة، والتعليم والزراعة والموارد المائية، والشؤون الصحية، والبنية التحتية والنقل والاتصالات، وشؤون الإغاثة والمهجرين واللاجئين، والعدل".
ميدانيًا، شهدت محافظات سورية عدة مواجهات دامية، أسفرت عن قتلى و جرحى ودمار للبنى التحتية و الأبنية و المنازل.
ففي محافظة ريف دمشق، تعرضت أطراف مدينة يبرود للقصف بالطيران الحربي، رافقها تصاعد لأعمدة الدخان في سماء المنطقة، كما تعرضت مناطق في مدينة المعضمية للقصف من قبل القوات النظامية، واستشهد ثلاثة مواطنين، بينهم سيدة، إثر القصف الذي تعرضت له بلدة العتيبة، التي تشهد اشتباكات عنيفة، منذ صباح السبت، بين القوات النظامية ومقاتلين من الكتائب، وتعرضت بلدتي عين ترما وكفربطنا للقصف من قبل القوات النظامية، رافقه اشتباكات عنيفة، وشهدت المناطق الواقعة بين بلدتي الحسينية والذيابية غارات جوية، في حين تشهد مدن وبلدات الغوطة الشرقية تحليقًا للطيران الحربي في سمائها، واستشهد رجل مجهول الهوية، برصاص القوات النظامية، في منطقة سيدي مقداد.
وفي محافظة دمشق، تتعرض منطقتي المادنية وبورسعيد في حي القدم، وحي الحجر الأسود (المتاخمين لمخيم اليرموك) للقصف من قبل القوات النظامية، واستشهد مواطنان اثنان من حي القابون، أحدهما سيدة، جراء القصف الذي تعرض له حي برزة، فجر الجمعة.
فيما استمر سقوط قذائف الهاون، من جانب الجيش "الحر"، على مراكز حكومية وأمنية ومدنية في دمشق، حيث سقطت على ملعب تشرين في منطقة البرامكة، وفي محيط مبنى صحيفة الثورة عند دوار كفرسوسة، ووالبانوراما على طريق حرستا، ووردت معلومات أولية عن إصابات بشرية ومادية.
وفي محافظة حمص، لا يزال القصف مستمرًا من قبل القوات النظامية على أحياء الخالدية وجورة الشياح وحمص القديمة، بالتزامن مع اشتباكات عنيفة مستمرة في محيط هذه الأحياء، في حين تعرضت القرى المحيطة بمدينة القصير للقصف بالطيران الحربي، وتعرضت قرية آبل في ريف حمص للقصف بالطيران الحربي، حيث نفذت طائرة حربية ثلاث غارات جوية، ما أدى إلى سقوط جرحى، وأضرار مادية.
وفي محافظة حماة، هز انفجار حي طريق حلب في مدينة حماة، تبعه اشتباكات بين مقاتلين من الكتائب والقوات النظامية، ولم ترد معلومات عن حجم الخسائر حتى اللحظة.
أما في محافظة حلب، نفذت طائرة حربية غارة جوية على حي الشيخ مقصود، ما أدى إلى استشهاد خمسة مواطنين، وأصيب آخرون بجراح، في حصيلة أولية، وتدور اشتباكات عنيفة بين مقاتلين من "جبهة النصرة" وكتائب آخرى، والقوات النظامية في قرية عزيزة في ريف حلب، في محاولة من القوات النظامية السيطرة على القرية، وذلك لفك الحصار الذي يفرضه مقاتلو الكتائب على مطار حلب الدولي.
وفي محافظة درعا، داهمت القوات النظامية الحي الغربي في بلدة ازرع في ريف درعا، ولم ترد معلومات عن اعتقالات، فيما لا تزال الاشتباكات مستمرة بين مقاتلين من الكتائب والقوات النظامية عند أطراف بلدة أم المياذن، في محاولة من القوات النظامية إعادة السيطرة على حاجز أم المياذن العسكري، والذي استولى عليه مقاتلو الكتائب، الجمعة، عقب اشتباكات عنيفة مع القوات النظامية.
وفي محافظة إدلب، تعرضت بلدتي الركايا وكفرسجنة في ريف إدلب للقصف من قبل القوات النظامية، فيما استشهد مواطن على الأقل، وأصيب آخرون، جراء القصف العنيف الذي تعرضت له بلدة حيش في ريف معرة النعمان.
وفي محافظة دير الزور، يتعرض حي الصناعة في مدينة دير الزور للقصف من قبل القوات النظامية، ولم ترد معلومات عن خسائر بشرية