بيروت ـ العرب اليوم
كم أنتى محظوظة يا لبنان، ولما لا ومغارة "جعيتا" على بعد 20 كيلومترا من العاصمة بيروت، إنها المغارة التى كان يعتقد في الماضى مسكنا للجن والأرواح الشريرة، إلا أنها في الواقع مسكنا للإبداع والاندهاش والذهول من روعة نحت الطبيعة على مدار ألاف السنين.
بمجرد اقترابك من مغارة "جعيتا" ستخطف عقلك وتأسر القلب، ولا يملك الزائر سوى السكوت والنظر بكل الاحترام والتبجيل للأعجوبة عندما يرى الماء - هذا المهندس المجهول - وقد نجح في تجويف قاعة هائلة في باطن الجبل ثم يزينها بمكوناته محدثا مناظر خلابة تسحر الأنظار.. وحين ترشح المياه المشبعة بكربونات الكالسيوم من سقف المغارة ينتج عنها حلقات بلور الكالسيوم المتتالية أنابيب صغيرة تسمى بـ "المعكرونة" وحين ينسد أحد هذه الأنابيب تنساب المياه على الجوانب الخارجية وتصلبها لتنشأ بذلك الهوابط الحجرية ومن قاع المغارة تنمو الصواعد مستديرة إلى أعلى في اتجاه الهوابط.
إنها الطبيعة الربانية التى لا يفوقها أى إبداع إنساني، وكأنها تنظر في شموخ وتقول هل من منافس، نعم هل من منافس، الإجابة لا بالتأكيد "لا" فالإنسان يقف مكتوف الأيدي أمام هذا، ومغارة "جعيتا" خير دليل فما فعلته المياه في جوف الجبال يعجز اللسان عن وصفه.