باريس - أ.ف.ب
ما زالت المغنية الفرنسية الراحلة اديت بياف، وبعد مئة عام على ولادتها، تمثل احد رموز باريس بنظر العالم، وقد ظهر ذلك من خلال تأدية الكثير من اغانيها خلال الوقفات التضامنية مع العاصمة الفرنسية اثر اعتداءات الثالث عشر من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.
ولدت بياف في التاسع عشر من ايلول/سبتمبر العام 1915 في بيلفيل وقد اقيم قداس في ذكرى ولادتها السبت في كنيسة هذا الحي الشعبي في باريس. وستكرم ذكراها طوال عطلة نهاية الاسبوع مع حفلات غنائية في قاعة الحفلات التابعة للاوركسترا الفلهرمونية. وهي استحالت رمزا لفرنسا الى جانب العلم الفرنسي الثلاثي الالوان وبرج ايفل والنشيد الوطني.
فقد قطعت مادونا، وعيناها مغرورقتان بالدموع، حفلة كانت تحييها في ستوكهولم لتأدية اغنية "لا في ان روز" (الحياة الوردية). وفي لوس انجليس اختارت الكندية سيلين ديون ان تغني "نشيد الحب" (ليم آ لامور) لتكريم ذكرى ضحايا اعتداءات باريس خلال حفل توزيع جوائز "اميريكن ميوزيك اواردز" (اما).
وفي المكسيك بث نادي "تيغريس" لكرة القدم "لا في ان روز" بعد دقيقة صمت فيما انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي مقتطفات من اغنيتها "سو لو سييل دو باري" (تحت سماء باريس) واشرطة فيديو لاشخاص عاديين يغنون "جو نو روغريت ريين" (لا اندم على شيء).
وجعل الفكاهي الاميركي جون اوليفر نجم محطة "اتش بي او" الاميركية، اديت بياف من بين العناصر المنيعة للثقافة الفرنسية.
وقال خلال مشهد انتشر عبر العالم مخاطبا فيه مخططي الهجمات على فرنسا "اذا اردتم شن حرب على الثقافة الفرنسية ونمط حياتها فحظا سعيدا (..) الا انكم خاسرون!"، أمام الكاتب والفيلسوف جان بول سارتر واديت بياف.
ويقول كاتب سيرتها روبير بيليريه "قبل محتوى اغانيها، صوتها هو الذي اثر بالكثير من الناس عبر العالم. فالصوت يتجاوز اختبار الزمن والحدود الجغرافية ومن المؤثر ان نرى ان هذه الطفلة الصغيرة من بيلفيل تكون دائما في المقدمة كلما مرت البلاد بمأساة".
ويضيف "لقد عرفت حياة مضطربة ولم تسلك دائما الطرقات السليمة لذا لا يمكن ان نعتبر انها بطلة تجسد القيم الفرنسية. الا انها كانت ناطقة باسم البلد بسبب الشغف الذي كان يتملكها للقيام بمهنتها الى اخر حدود" قوتها الجسدية والنفسية.
وكانت بياف اول فنانة فرنسية تكون جمهورا عالميا ولا سيما في الولايات المتحدة. وهي، الى جانب شارل ازنافور، واحدة من الفنانين القلائل الذين حققوا نجاحا واسعا باللغة الفرنسية.
ومنذ وفاتها في العاشر من تشرين الاول/اكتوبر 1963 لم تتراجع شهرتها البتة.
وترد اغنية "لا في ان روز" التي الفت كلماتها سنة بعد اخرى بين افضل عشر اغان فرنسية وتحقق افضل حقوق المؤلف على الصعيد العالمي الى جانب اغان ضاربة لدافيد غيتا ودافت بانك.
وقد عزز النجاح العالمي لفيلم المخرج الفرنسي اوليفيه دهان "لا موم" الذي حازت مارين كوتييار جائزة اوسكار افضل ممثلة عن دورها فيه، الهالة التي تتمتع بها الفنانة التي سجل اغانيها فنانون من افاق مختلفة من ليدي غاغا وغريس جونز الى مغنية الروك الانكليزية آنا كالفي وفرانك سيناترا.
وفي دليل على الاهتمام الذي تستمر باثارته بعد مئة عام على ولادتها تقام عروض تتمحور على اغانيها في اماكن كثيرة من العالم من ريو دي جانيرو الى بودابست مرورا بلندن ونيويورك وباريس.
ويقول بيليريه "يمكن الاستماع الى اغاني بياف في امكان بعيدة من العالم. اذكر اني سمعت اغنية +نشيد الحب+ في مقهى صغير على ساحل تشيلي المطل على المحيط الهادئ وفي متاجر في اليابان. ولا امثلة كثيرة على ظاهرة كهذه في العالم".