باع البنك المركزي المصري 600 مليون دولار إلى البنوك في عطاء استثنائي للعملة الصعبة امس الأحد وذلك لتمويل واردات القمح واللحوم وزيت الطعام ومواد ضرورية أخرى في وقت تواجه فيه البلاد أزمة عملة. ويظهر حجم العطاء – الذي يعادل 15 مثل ما يبيعه البنك المركزي في العطاءات الدورية – حجم الطلب الكامن على الدولار بينما تكابد مصر أزمة اقتصادية منذ عامين إثر الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك. وبيعت العملة الصعبة بسعر 6.87 جنيه للدولار أي قرب السعر الرسمي. والجنيه متداول بسعر أضعف بكثير في السوق السوداء التي يضطر معظم المستوردين من القطاع الخاص إلى اللجوء إليها لتدبير حاجاتهم من العملة الصعبة. ويأتي العطاء الاستثنائي إثر تعهد قطر الأسبوع الماضي بشراء سندات حكومية بثلاثة مليارات دولار، مما عزز الاحتياطيات الأجنبية التي تراجعت إلى مستويات حرجة دون مستوى الخمسة عشر مليار دولار الضروري لتغطية واردات ثلاثة أشهر. وبلغت الاحتياطيات 13.4 مليار دولار في نهاية الشهر الماضي. وقال متعاملون بسوق الصرف الأجنبي إنه سيكون على السلطات استخدام مزيد من الاحتياطيات الدولارية لتدبير إمدادات الغذاء. كان ارتفاع أسعار الغذاء أوقد شرارة قلاقل من قبل. وقال متعامل طلب عدم نشر اسمه ‘التأثير سيكون مؤقتا لأن الطلب أعلى من ذلك بكثير. يجب أن يعاودوا الكرة لكن من غير الواضح متى سيكون هذا.’ ويقنن البنك المركزي بيع الدولار منذ أواخر كانون الأول/ديسمبر عن طريق طرح عطاءات دورية للعملة الصعبة بهدف الحيلولة دون تهافت على بيع العملة المحلية. ومنذ ذلك الحين فقدت العملة عشرة بالمئة من قيمتها بالأسعار الرسمية. ويطرح البنك المركزي ثلاثة عطاءات أسبوعيا قيمة كل منها 40 مليون دولار. ويؤدي نقص الوقود المستورد إلى تعطل النقل وانقطاع الكهرباء. ومصر أكبر بلد مستورد للقمح في العالم وقد اضطرت إلى خفض مشترياتها الخارجية منه هذا العام على أمل أن يكون المحصول المحلي وفيرا. وقال البنك المركزي إن عطاء امس طرح على البنوك التي يستورد عملاؤها سلعا أساسية مثل القمح وزيت الطعام والشاي واللحوم والأسماك والفول والزبد والذرة وحليب الأطفال ومكونات العقاقير واللقاحات وقطع الغيار. ويتزامن عطاء البنك المركزي مع بدء جني محصول القمح والذي يحتاج إلى الوقود لتشغيل معدات الحصاد ونقل المحصول إلى مواقع التخزين. ولم يذكر البنك المركزي متى سيطرح العطاء غير الدوري التالي مكتفيا بالقول إن العطاءات الجديدة سيعلن عنها في بيان. وقال متعاملون إن البنك المركزي يحاول تضييق الخناق على السوق السوداء التي انتعشت هذا العام بفعل شح العملة الصعبة. وساعدت تعهدات المساعدة الأجنبية في الآونة الأخيرة في رفع الجنيه في السوق السوداء. وقال المتعامل إن الجنيه متداول الآن بنحو 7.3 جنيه للدولار مقارنة مع 7.8 قبل الإعلان عن المساعدة القطرية والليبية. وكانت مصر قد بدأت امس الاول تطبيق اجراءات جديدة تسمح للمسافرين بادخال النقد الاجنبي دون حد اقصى مع وجوب تسجيل المبالغ التي تتجاوز 10 الاف دولار، ليتزامن هذا القرار مع معاناة البلاد من نقص حاد في العملات الاجنبية، حسب ما افادت مصادر في مطار القاهرة. وقال مصدر في مطار القاهرة ان ‘السلطات المصرية بدأت بالسماح للمسافرين الاجانب بدخول البلاد بدون اي حد (للنقد الاجنبي) مع وجوب تسجيل المبالغ التي تزيد عن عشرة الاف دولار’ واوضح المصدر انه ‘لا يجوز السماح للمسافرين بالمغادرة بمبالغ تفوق ما تم التصريح عنه عند الدخول’. وكانت السلطات المصرية قررت قبل عام منع الدخول للبلاد او الخروج منها بنقد اجنبي تزيد قيمته عن 10 الاف دولار. وكانت الاجراءات السابقة تقضي بمصادرة المبالغ التي تزيد عن عشرة الاف دولار من المسافرين في المطار حال يقررون دخول البلاد. وقال المصدر نفسه ان ‘عددا كبيرا من المسافرين كانوا يقررون الرجوع من حيث اتوا لتفادي مصادرة اموالهم.’ وتراجع احتياطي النقد الاجنبي من 36 مليار دولار الى 13 مليارا فقط في غضون عامين. وانخفضت قيمة الجنيه المصري امام الدولار الاميركي بشكل كبير منذ نهاية العام الماضي، ليصبح سعر صرف الدولار 6.83 جنيهات مصرية بزيادة قدرها نحو 80 قرشا. وتقول تقارير صحافية محلية ان عددا كبيرا من المصريين قاموا بتهريب مبالغ مالية كبيرة من النقد الاجنبي في الفترة التي اعقبت سقوط نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك في شباط/فبراير 2011.