تونس- تونس اليوم
القى تخفيض تصنيف الائتماني السيادي لتونس الى B-، الصادر عن وكالة "فيتش" ، مؤخرا، بظلاله على نشاط وارباح البنوك التونسية مستقبلا ، حيث انها باتت مهددة بتراجع تصنيفها هي الاخرى على المستوى الاقليمي والعالمي، خاصة مع اقتراب موعد سداد تونس لديونها السيادية خلال الاشهر القادمة ، وتنامي مخاطر التخلف عن سدادها والذي يكلف البنوك خسائر تصل الى 8 مليار دولار.وخفضت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، الأسبوع الماضي، تصنيف تونس، من (B) إلى (B-) ، مع نظرة مستقبلية سلبية، وقالت الوكالة في بيان، إن "خفض التصنيف والتوقعات السلبية، يعكس زيادة مخاطر السيولة المالية، مع المزيد من التأخير في الاتفاق على برنامج جديد مع صندوق النقد الدولي". واكدت وكالة التصنيف العالمي ، ان اتفاق تونس مع صندوق النقد بات "ضروريا للوصول إلى دعم الميزانية من قبل الدائنين الرسميين ، مشيرة في بيانها: "إن عدم وضوح المشهد السياسي والمعارضة الاجتماعية، يحدان من قدرة الحكومة على سنّ تدابير قوية لضبط أوضاع المالية العمومية".
مخاطر التخلف عن سداد الديون
وأشارت الوكالة أنه "في حالة عدم وجود إصلاحات قوية، قد يعتبر الدائنون الرسميون إعادة هيكلة الديون أمرا ضروريا قبل تقديم دعم إضافي"، وتوقعت الوكالة أن يبقى عجز الميزانية مرتفعا عند 8.9 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي هذا العام، على أن ينخفض إلى 6.7 بالمائة في 2022، و5.5 بالمائة عام 2023. وكانت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني قد نشرت موفى سنة 2020 تقريرا ، حول آفاق القطاع المصرفي التونسي على المدى القصير، كاشفة من خلاله أن البنوك التونسية ستواجه زيادة حادة في مخاطر التخلف عن سداد الائتمان، كما لاحظت الوكالة حسب التقرير، أن القدرة على إدارة القروض المصرفية في تونس تضعف أكثر مع انتهاء الإجراءات المتخذة لإعادة جدولتها.وأفاد التقرير أن معظم البنوك الكبرى سجلت زيادات طفيفة في قروض العملاء مع زيادة ملحوظة في مخصصات مخاطر التخلف عن السداد خلال النصف الأول من عام 2020 ، مما يعكس آثار السياسة النقدية التقييدية التي اعتمدها البنك المركزي التونسي.
كما اشارت الوكالة في تقرير شامل حول الاوضاع العالمية، إن ما يقرب من 60 بالمائة من التصنيفات المصرفية كانت ما تزال على توقعات "سلبية" في نهاية 2020 ، وذكرت فيتش في تقرير بحثي، أن هذه التصنيفات سجلت انخفاضا هامشيا فقط من التصنيفات السابقة بالنصف الأول من العام الماضي.وتعرض الاقتصاد العالمي لهزة كبيرة خلال 2020 والذي شهد الإغلاق الكبير وتوقف الإمدادات العالمية، بسبب مخاوف الإصابة بفيروس كورونا، مما أدى انكماش بنسبة 3.5 بالمائة، حسب تقديرات صندوق النقد الدولي. وحذرت كل من وكالتي «ستاندرد آند بورز غلوبال» و"فيتش رايتنغ" في تقريرين منفصلين، من مخاطر تخلف تونس عن سداد ديونها السيادية خلال سنة 2021 والذي من شأنه ان يكلف البنوك حوالي 8 مليار دولار ، بالاضافة الى التسبب في ازمة مالية واقتصادية خانقة.
وقالت وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال» في تقرير حديث، أن تخلف تونس عن سداد ديونها السيادية سيرفع من النسبة للبنوك لتوازي 102 في المائة من إجمالي حقوق الملكية للنظام المصرفي، و17.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2021.ورغم ان التقرير استبعد ان تتخلف تونس لمدة 12 شهرا ، الا ان المخاطر المالية التي تهددها من حين الى آخر يرفع من مخاطر الكلفة الناجمة عن تأخر سداد ديونها والتي ستكون مشطة على البنوك التونسية وقدرت ب 7.9 مليار دولار، علما وان البنوك التونسية مولت 50 بالمائة من حاجيات الميزانية لسنة 2021. كما حذرت وكالة فيتش في تقرير حديث لها من مخاطر تراجع التصنيف السيادي لتونس جراء الازمة المالية التي تمر بها ، مشيرة الى أن عدم قدرة الحكومة على تأمين مستويات إقراض للقطاع العام يمثل ضغط إضافي لتخفيض تصنيف تونس. ولمحت الوكالة في تقريرها إلى أن خطط الإصلاح وان تمت الموافقة عليها فإنها تواجه مخاطر تنفيذها ، الأمر الذي يؤثر في آفاق التمويل من صندوق النقد الدولي وغيره من التمويلات، هذا بالإضافة إلى ارتفاع التوتر الاجتماعي نتيجة الصعوبات الاقتصادية المرتبطة بتفشي فيروس كورونا الذي من شانه أن يكبح جهود الحكومة لخفض النفقات المرتبطة بالأجور.
قدرة البنوك التونسية تضعف
وكشفت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني في تقريرها حول آفاق القطاع المصرفي التونسي على المدى القصير، أن البنوك التونسية ستواجه زيادة حادة في مخاطر التخلف عن سداد الائتمان، كما لاحظت الوكالة حسب التقرير، أن القدرة على إدارة القروض المصرفية في تونس تضعف أكثر مع ارتفاع كتلة الاجور والنفقات العامة. وسبق تقرير وكالتي «ستاندرد آند بورز غلوبال» و"فيتش رايتنغ"، تقرير لوكالة موديز (Moody’s) الأمريكية ليزيد في عمق الأزمة الاقتصادية التي تعيشها تونس، بعد تخفيض تصنيفها الائتماني من "بي2" (B2) إلى "بي3" (B3)، مع نظرة مستقبلية سلبية، وهو الامر الذي دفع بالمختصين في الشأن الاقتصادي الى التحذير من أن التصنيف السلبي الجديد هو بمثابة إنذار أخير للحكومة والقيادات السياسية في البلاد، لتبادر مبكرا بحزمة من الإصلاحات اللازمة قبل حصول الكارثة والنزول بالتصنيف الائتماني للبلاد إلى مستوى "عالي المخاطر".
تخفيض تصنيف 29 بنكا حول العالم
ويشدد خبراء الاقتصاد أن التصنيف السلبي الأخير لوكالات التصنيف السيادية العالمية أخذ بعين الاعتبار الوضع السياسي المتأزم، والذي كان ملحوظا في جل التقارير الصادرة عن هذه الوكالات، وبالتالي فإن التزام تونس بتعهداتها تجاه المؤسسات المالية العالمية رهين أرضية سياسية مستقرة تعكس نظرة اقتصادية مستقبلية لخلق الثروة وتسديد الدين.
وتحتاج تونس سنة 2021 لموارد مالية تناهز 19 مليار دينار (7 مليارات دولار)، موزعة بين تمويل خارجي بحوالي 13 مليار دينار (4.8 مليارات دولار)، وتمويل داخلي من البنوك التونسية بنحو 5.6 مليارات دينار .وشكك تقرير موديز الاخير، من قدرة الحكومة التونسية ومؤسساتها السيادية على تطبيق الإجراءات والتوصيات المقدمة من البنوك العالمية والمؤسسات المالية لخروج تونس من مرحلة الخطر وتخفيف حدة الدين، بسبب ارتفاع حدة المطالب الاجتماعية وسوء حوكمة الأموال العمومية، مشيرا الى أن جائحة كورونا ألحقت ضررا بالغا بتونس، وأدت إلى هبوط اقتصادي غير مسبوق وارتفاع في الدين العام إلى اكثر من 87% من إجمالي الناتج المحلي. وتأثرت البنوك العالمية من تداعيات فيروس كورونا وسط تراجع جودة الأصول وزيادة تكلفة المخاطر، مع تبني البنوك المركزية حول العالم لأسعار فائدة منخفضة وتسهيلات للمقرضين بشكل أضر بأرباح المصارف. وحسب تقرير "فيتش" حول الاوضاع العالمية، صدر موفى 2020، كشف عن تخفيض تصنيف 29 من البنوك في مختلف الدول، وذلك عقب تراجع تصنيفها الائتماني. وقالت الوكالة ، آنذاك ، إنها خفضت تصنيف بضعة بنوك وشركات عُمانية بعدما خفضت التصنيف الائتماني للسلطنة نفسها في وقت سابق، وخلال شهرين متتالين خلال سنة 2020 ، علما وان تصنيف السلطنة مشابه لتصنيف تونس خلال الفترة الحالية.
قد يهمك ايضا
وزارة المالية التونسية تمنج تسهيلات اضافية للشركات المتضررة من كورونا
المصادقة على نتائج الدراسة الإستراتيجية لانطلاق الصندوق التونسي للاستثمار