في السنوات الأخيرة تصارعت مجموعة من تطبيقات التراسل الفوري من أجل الهيمنة العالمية وتفاخر بعضها بتقديم مزايا متنوعة إلى جانب الاتصالات مثل التسوق الإلكتروني والألعاب. لكن مارك زوكربرج، الرئيس التنفيذي لموقع فيسبوك، قرر الأسبوع الماضي دفع 19 مليار دولار لشراء "واتس آب" الذي قد يكون أبسط تطبيقات التراسل من حيث المزايا والذي يحقق إيرادات لا تذكر. واكتفى "واتس آب" الذي بلغ عدد مستخدميه 450 مليون مستخدم بوظيفة التراسل الأساسية وكذلك بنموذج أعمال بسيط يعتمد على أخذ رسوم اشتراك من المستخدمين تبلغ دولارا واحدا فقط سنويا. قرارا استراتيجيا وقد يتبين في نهاية المطاف أن "زوكربرج" اتخذ قرارا استراتيجيا ذكيا إذ إنه سيقصي منافسه جوجل عن هذه الظاهرة الناجحة وسيكسب أعدادا هائلة من المستخدمين وبياناتهم في الأسواق الناشئة. ورحبت "وول ستريت" بالصفقة، لكن الشخصيات المطلعة في "وادي السليكون" وجدت صعوبة في الاقتناع بثمنها الباهظ لا سيما إذا لم يتطور نموذج أعمال "واتس آب" وخصائص المنتج تحت قيادة "فيسبوك". فتطبيق "واتس آب" يحقق إيرادات قدرها 20 مليون دولار فقط سنويا بحسب بيانات فوربس. وبافتراض وصول عدد المستخدمين إلى مليار مستخدم بحلول عام 2016 كما توقع بعض خبراء القطاع والحصول على رسوم قدرها دولار واحد سنويا من كل مستخدم، وهو أمر مستبعد، فإن ثمن الصفقة يعادل 34 ضعف الإيرادات المتوقعة لعام 2016 بزيادة 21% عن قيمة فيسبوك التي تعادل 28 ضعف الإيرادات المتوقعة لعام 2016. توليد الإيرادات وتحيط الشكوك بفرص "واتس آب" في توليد الإيرادات بعد أن استبعد "زوكربرج" والرئيس التنفيذي لـ"واتس آب" جان كوم استخدام الإعلانات كمصدر للإيرادات، وقال "كوم" إنه يعطي أولوية لتطوير وظيفة التراسل الأساسية بالرغم من أن التطبيقات المنافسة توسعت في مجالات أخرى. وفي آسيا على سبيل المثال حقق تطبيق "لاين" الياباني للتراسل إيرادات قدرها 338 مليون دولار العام الماضي والآن يحقق نحو 60% من إجمالي إيراداته من الألعاب. وقال "زوكربرج" و"كوم" في مؤتمر عبر الهاتف، يوم الأربعاء الماضي، إنهما سيركزان على زيادة عدد المستخدمين وليس توليد الإيرادات. وشدد "كوم" على أنه يريد تحسين الجوانب "غير الجذابة" في "واتس آب" مثل توصيل الرسائل وثبات التطبيق واستهلاكه للبطارية بدلا من إدخال تعديلات جديدة براقة. وحتى إذا لم يساهم "واتس آب" على الفور في تعزيز إيرادات "فيسبوك" فإنه يضيف قيمة إستراتيجية لا تنكر لأكبر شبكة تواصل اجتماعي في العالم. وتوسع الصفقة أيضا قاعدة "فيسبوك" إذ إن "واتس آب" الذي استقطب 450 مليون مستخدم ويضيف مليون مستخدم جديد يوميا يحظى بالانتشار في أوروبا والهند وأمريكا اللاتينية وإفريقيا وهي أسواق استثمرت "فيسبوك" فيها في السنوات الأخيرة لتحقيق الانتشار. وحتى لو ظل "واتس آب" مجرد خدمة أساسية للتراسل فإن بياناته قد تكون ذات قيمة لـ"فيسبوك" لا سيما حين تتضافر مع كنز هائل من بيانات المستخدمين المتاحة على شبكة التواصل الاجتماعي.