الولايات المتحدة تُعلن استعدادها لـ"تسليم" نظام تسمية نطاقات الإنترنت

أكدت الولايات المتحدة أنها مستعدة أخيرا للتنازل عن سلطة نظام تسمية نطاقات الإنترنت، لتُنهي بذلك عملية دامت نحو 20 عاما وتُسلّم جزءا مهما يتعلق بنظام التحكم في الإنترنت عالميا.
ويعتبر نظام تسمية نطاقات الإنترنت واحدا من أهم مكونات الإنترنت، فهو يربط عناوين مواقع الإنترنت سهلة التذكر، مثل bbc.com، مع خوادم الإنترنت ذات الصلة بها.
وبدون نظام تسمية نطاقات الإنترنت لن تستطيع الوصول إلى المواقع الإلكترونية إلا عن طريق كتابة بروتوكول الإنترنت "IP" الخاص بالموقع، وهو مجموعة من الأرقام مثل 194.66.82.10.

وظلت الولايات المتحدة - بالمصادفة أكثر من التعمّد - تحظى بالكلمة العليا بشأن التحكم في نظام تسمية نطاقات الإنترنت، لكن ليس لفترة طويلة في المستقبل.
وسوف تتنازل الولايات المتحدة عن سلطتها نهائيا إلى شركة "الإنترنت للأسماء والأرقام المخصصة (آيكان) Icann، وهي منظمة غير ربحية.
وقد جرى الاتفاق في عام 2014 على شروط نقل هذه السلطة، لكن الولايات المتحدة أعلنت الآن فقط عن رضاها بشأن استعداد آيكان للتغيير.

وسوف تحصل آيكان على "مفاتيح المملكة"، كما وصفها أحد الخبراء، في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول 2016. واعتبارا من ذلك التاريخ، ستفقد الولايات المتحدة سيطرتها، على الرغم من بقاء مقر آيكان في لوس أنجليس.
ولن يلحظ أي من مستخدمي الإنترنت أي تغيير، نظرا لأن آيكان تؤدي تلك المهام منذ سنوات.
لكنها خطوة ينتقدها بشدة بعض السياسيين الأمريكيين باعتبارها تفتح الباب لأطراف كالصين وروسيا للتدخل في نظام ظل دائما خاضعا لـ"حماية" من الولايات المتحدة.

وحذر نواب جمهوريون في خطاب إن "الخطوة ستعزز بشدة سلطة الحكومات الأجنبية على الإنترنت".
ويعتمد قدر الاعتقاد في تلك المخاوف وتبريرها على مدى ثقتك بقدرة آيكان على أداء مهامها.
وتأسست الشركة عام 1998 بهدف تولي مهام تخصيص أسماء مواقع الإنترنت. وحتى هذه المرحلة، كان شخص واحد يؤدي المهمة وهو جون بوستيل. وهو معروف لدى الكثيرين بلقب "إله الإنترنت"، في إشارة إلى سلطته على الإنترنت، فضلا عن عمله البحثي لوضع بعض الأنظمة لدعم الشبكة.

توفي بوستيل بعد فترة وجيزة من تأسيس شركة آيكان، وكان من مهامه إدارة هيئة أرقام الإنترنت المخصصة "أيانا" IANA. وفي وقت لاحق، أُسندت إدارة أيانا إلى آيكان، لكن إدارة الإتصالات والمعلومات الوطنية "نتيا" NTIA، وهي تابعة لوزارة التجارة، ظلت تحظى بالكلمة العليا بشأن ما يمكن للشركة أن تفعله.
واعتبارا من شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل لن يعود للحكومة الأمريكية، من خلال إدارة الاتصالات والمعلومات الوطنية، القدرة على التدخل في أمور تتعلق بتسمية نطاقات مواقع الإنترنت.

ونادرا ما كانت الحكومة الأمريكية تتدخل. وتدخلت عندما أرادت آيكان إطلاق نطاق جديد عالي المستوى يُطلق عليه ".xxx" كي يكون مخصصا للمواد الإباحية. وأرادت الحكومة من آيكان أن تصرف النظر عن الفكرة، لكنها في نهاية المطاف أطلقت العنان للخطوة.
واعتبارا من أكتوبر/ تشرين الأول المقبل ستصبح آيكان "الجديدة" منظمة تستجيب لكثير من أصحاب الأسهم الذين يريدون أن يكون لهم سلطة على الإنترنت. ومن بين أصحاب الأسهم هؤلاء دول وشركات ومجموعات تقدم استشارات فنية.

وتعليقا على الخطوة الجديدة، قال الان وودوورد الأستاذ جامعة سيري في بريطانيا "إنه تغيير كبير".
وأضاف "يمثل ذلك نقطة تحول من كونها شبكة إنترنت تحكمها دولة واحدة بفاعلية إلى نظام متعدد من أصحاب المصالح، وهو حل عالمي مناسب لما أصبح يطلق عليه أصول عالمية".
ومن الناحية الفنية تؤدي الولايات المتحدة هذا العمل طواعية، وإن كانت ترغب في الاحتفاظ بالسيطرة على نظام تسمية نطاقات الإنترنت، لفعلت ذلك. لكن البلد طالما أقر بأن التنازل عن سيطرته عمل فعال للدبلوماسية الدولية.

وثمة دول أخرى، لاسيما الصين وروسيا، مارست ضغطا على الأمم المتحدة في الدعوة إلى أن يصبح نظام تسمية نطاقات الإنترنت خاضعا لاتحاد الاتصالات الدولي التابع للأمم المتحدة.
وطرحت معاهدة لذلك على طاولة النقاش في عام 2012، غير أن الولايات المتحدة، إلى جانب بريطانيا وكندا واستراليا، رفضت مستشهدة بمخاوف تتمثل في انتهاك حقوق الإنسان إذا تعاظمت سلطة دول أخرى وأصبح لها سيطرة على الإنترنت وكذا المؤسسات التكنولوجية.

واستخدمت الولايات المتحدة بدلا من ذلك سلطتها القائمة على نظام تسمية نطاقات الإنترنت لنقل السلطة إلى آيكان وليس إلى الأمم المتحدة.
وردا على تلك المخاوف بشأن انتهاك حكومات أجنبية للإنترنت، قالت آيكان إنها استشارت خبراء وقالوا إن احتمال حدوث تدخل من حكومة ما هو أمر "بعيد المنال".
وفيما يتعلق بكيفية أن يغير ذلك ما يحدث على الإنترنت، فسيكون ثمة تأثير في أضيق الحدود على أرجح التقديرات.
وقال وودوورد "ذلك لا علاقة له بقوانين الإنترنت".

وأضاف "تلك القوانين الوطنية الباقية هي تلك القوانين التي تتعلق بهذه الدول".
وقال "يتعلق ذلك بشكل كبير بقدر السيطرة رسميا لمؤسسات الإنترنت وعناوين المواقع الإلكترونية وأسماء النطاقات، التي بدونها لا تعمل الشبكة".