«واتس آب» برنامج مجاني للمحادثة يمكن تحميله على «الموبايل» والتواصل مع الأقارب وزملاء العمل، ولكن أبرز عيوبه عبارة "متصل الآن"، التي جعلته نقمة على مستخدميه، إذ إنها توضح أن الشخص يستخدم البرنامج الآن، ما يعني أن هاتفه بين يديه، وإن لم يرد على الرسائل التي تصله في لحظتها لسبب ما، فإن هذا يترك انطباعاً لدى مرسلي الرسائل بأنه يتهرب منهم أو يهملهم عن قصد، فضلاً عن أن البرنامج يتيح لجميع الفضوليين الاطلاع على آخر وقت ظهر فيه الشخص عليه، وهو الأمر الذي يعد أقرب للمراقبة والتجسس دون احترام خصوصية الآخر وحياته الشخصية. "البيان" تعرض لكم تجارب واقعية أجج فيها "واتس آب" مشكلات أسرية ومهنية وإحراجات اجتماعية. وتقول سلمى عيسى: يقيد البرنامج حريتي في التعبير والتواصل مع الآخرين، ويتيح لهم التدخل في شؤوني الخاصة، فبمجرد أن أكتب عبارة ما على البرنامج تصلني تعليقات مختلفة منها ما هو مقبول ومنها ما هو مستفز، ولو فكرت في حظر هؤلاء المستفزين على البرنامج، فإنني سأكون متهمة بالغرور ومسؤولة عن قطع العلاقات وإنهائها. وتابعت: لا تتيح أجهزة "سامسونغ" إخفاء عبارة "متصل الآن" أو آخر وقت للظهور، على عكس أجهزة "الآي فون"، وهذا ما شجعني على اقتناء جهاز متحرك من الشركة الأخيرة. أما بثينة طوالبه، فقالت: لا أكون دائماً بحالة نفسية ومزاجية جيدة تسمح لي بالحديث أو الرد على رسائل أشخاص معينين، وهذا يفتح علي أبواباً من المشكلات، ولا سيما الاجتماعية منها، إذ أتفاجأ بأخذ هؤلاء الأشخاص موقفاً حازماً ضدي، ما يؤدي لاحقاً إلى برود العلاقات وفتورها. وللصور قصص أخرى على برنامج "واتس آب"، إذ إن البعض يرفض وضع صورته الحقيقية حتى يُجنب نفسه حسد الآخرين ونواياهم السيئة التي تتلخص في أعمال السحر والشعوذة، أما البعض الآخر فيكون هدفه عدم إتاحة الفرصة للآخرين للاحتفاظ بالصورة ثم توظيفها كما يحلو لهم، في حين أن البقية تتحكم بهم القوانين الزوجية والأسرية، وفي هذا الإطار تقول لمى محمد: أصبح البرنامج مقياساً لاهتمامي بزوجي، ومعياراً لصدقي أو كذبي، فإن دخل المنزل ولم يجد الغداء جاهزاً في الوقت المحدد، ينظر إلى آخر وقت ظهرت فيه على البرنامج، ويتهمني بالانشغال بالهاتف. على صعيد آخر، قال خالد سفاريني: كنت أندهش من جرأة البعض في الربط بين آخر وقت ظهرت فيه على "واتس آب" وعدم ردي على رسائلهم، ولا أنكر في البداية أنني كنت أعتذر وأقدم مبررات، ولكنني سئمت لاحقاً من هذا الأسلوب، وقررت عدم السماح لأحد بالتدخل في شؤوني الخاصة. وقالت الدكتورة رواء نحاس، أستاذ مساعد في العلوم الإنسانية في الجامعة الكندية في دبي: كان "واتس آب" وسيلة للتواصل السريع، ولكنه أصبح حالياً وسيلة للاستفزاز السريع، فضلاً عن أنه تحول إلى أداة لفهم الآخرين بشكل مناقض لما هم عليه وتحليل شخصياتهم بشكل يزيد علينا الضغوطات السلبية. وأضافت: مع هموم الحياة فقدنا توزاننا، وبدلاً من أن يلبي البرنامج حاجتنا للتواصل، أصبح يسرق منا حاجتنا إلى الراحة، كما انضم إلى إكراهاتنا اليومية التقليدية التي تؤدي إلى استجابات انفعالية تطيح بالهدوء والسكينة، وتثير غرائزنا العدوانية التي تفقدنا علاقاتنا الحميمة. عصام سالم حذف البرنامج من هاتفه المتحرك، بعد أن أصبح وسيلة مراقبة لدى زملائه في العمل، ففي حال لم يرغب بالرد على اتصالاتهم وأخبرهم لاحقاً بأنه كان مشغولاً، فإنهم يأتون على ذكر ظهوره على "واتس آب" على سبيل المزاح.