باريس - أ ف ب
يكشف المسبار الاوروبي روزيتا شيئا فشيئا طبيعة المذنب "تي جي 67 بي" المكتشف في العام 1969، في مهمة ترمي الى فهم حقائق حول تشكل المجموعة الشمسية والكون والحياة، بعدما اثارت هذه الاجرام على مدى الوف السنين فضول البشر وخيالهم الغيبي.
ففي الماضي، كانت المذنبات تثير فضول البشر واهتمامهم لاعتبارها ذات تأثير غيبي على الانسان وعلى مجريات الامور على الارض.
لكن البشرية اليوم باتت تهتم بهذه الاجرام لاسباب مغايرة، اذ ان هذه المذنبات ما زالت تحتوي على المادة الاولية التي تكونت منها مجموعتنا الشمسية قبل اربعة مليارات و600 مليون سنة.
والمذنبات هي اجرام صغيرة ضمن المجموعة الشمسية، لها نواة صلبة مكسوة بالجليد والغبار.
وتسبح المذنبات في مدارات اهليجية تجعلها تمر من وقت بشكل غير دائم قرب الشمس.
ولدى اقترابها الشمس ترتفع حرارتها فتنبعث منها الغازات والبخار، وهو ما يعطيها شكل جرم ذي ذنب.
ويشبه علماء الفلك المذنبات بانها اسطوانات شاهدة على نشأة النظام الشمسي الذي يقع فيه كوكبا.
وعلى ذلك، فان الاطلاع على ما في داخل هذه الاسطوانات من جليد ومواد اخرى، يزود العلم الحديث بمؤشرات مذهلة حول اصل المجموعة الشمسية وربما عن اصل الحياة في الكون كذلك، اذ انها تحتوي على جزيئات عضوية.
وبحسب بعض النظريات العلمية، فان الحياة على الارض تشكلت حين ارتطمت مذنبات تحمل المياه والمواد العضوية على سطح كوكبنا ذي البيئة المناسبة لنشوء الحياة وتطورها. وفي القرون الخمسة والعشرين الماضية رصد اقتراب 2000 مذنب من الارض.
ومع تقدم الانسان في غزو الفضاء القريب، حلقت مسبارات قرب مذنبات والتقطت لها صورا، منها المذنب هالي الشهير الذي مر المسبار الاوروبي جيوتو على ارتفاع 600 كيلومتر من سطحه في العام 1986.
لكن هذه المرة، تنفذ وكالة الفضاء الاوروبية مهمة فريدة من نوعها، اذ ان المسبار روزيتا (حجر الرشيد) سيواصل اقترابه من المذنب "تي جي 67 بي" الى ارتفاع بضعة كيومترات، ومن ثم سينزل على سطحه روبوتا صغيرا لدراسته.
وتمكن روزيتا حتى الآن من التقاط صور من مسافات مخلتفة اثناء اقترابه على مدى اشهر من المذنب.
وفوجئ العلماء بالشكل الذي نقلته الصور، اذ تبين من صورة ملتقطة من مسافة اربعة كيلومترات ان للمذنب نواة مؤلفة من جزأين متداخلين، التحما على ما يبدو اثر ارتطامهما بسرعة بضعة امتار في الثانية، وهي فرضية ينبغي التحقق منها في قابل الايام.
والمسبار روزيتا مزود بجهاز "فيرتيس" لقياس الطيف الضوئي، وهو يزود العلماء بالمؤشرات الاولية حول درجة الحرارة على سطح المذنب، والتي قدرها العلماء اخيرا بانها في حدود سبعين درجة تحت الصفر.
واقرت وكالة الفضاء الاوروبية ارسال هذه المهمة قبل عشرين عاما، وقد اطلق المسبار روزيتا قبل عشر سنوات، وتستمر مهمته الى العام 2015.