واشنطن ـ العرب اليوم
في عام 1964 كتب المؤلف الأمريكي إسحاق أسيموف مقالاً لجريدة “نيويورك تايمز” الأمريكية يتوقع فيه ما سيحدث من تطور، خاصة على المستوى التقني، خلال 50 عاماً وصولا لعام 2014. ومع دخول العالم إلى عام 2014 ومقارنة ما توقعه أسيموف قبل 50 عاماً بما حدث على أرض الواقع، فقد صادف المؤلف وعالم الكيمياء الحيوية الأمريكي الكثير من التوفيق في توقعاته بالمقال. وسجل أسيموف، الذي توفى عام 1992، في مقاله “رحلة إلى معرض العالم في 2014″ توقعاته بحدوث تطور كبير في الأجهزة الكهربائية وطريقة استخدامها في حياة الإنسان العادية، كما توقع تطور الذكاء الاصطناعي وظهور العوالم الموازية المعتمدة على التقنية. وكتب أسيموف في مقاله “الأشخاص سوف يستمرون من الانسحاب من الطبيعة، لخلق بيئة من شأنها أن تناسبهم بشكل أفضل”، وذلك في إشارة إلى ظهور العوالم الإفتراضية التي انتشرت مع إنتشار الإنترنت بشكل عام والشبكات الاجتماعية والألعاب الإلكترونية بشكل خاص. وكان قد ظهر منذ عدة سنوات علم اجتماع الإنترنت، وهو العلم الذي يعني في الأساس بدراسة سلوكيات المجتمعات الافتراضية على الشبكة العنكبوتية بعد أن أصبحت منتشرة بفضل الانتشار الكبير للإنترنت حول العالم. وأضاف المؤلف الأمريكي في مقاله “ستتواصل المبتكرات لتخلص البشرية من الوظائف المملة، فسوف يضم المطبخ الأدوات التي تقوم بإعداد الوجبات بشكل سريع وتلقائي وفي ساعة يتم تحديدها مسبقاً”، كما قال “سيكون استعمال اللوحات الإلكترونية المضيئة شائعاً خاصة في المنازل حيث ستكون على السقوف والجدران وسيتم التحكم بها عبر ضغطة زر”. وتقترب توقعات أسيموف من مفهوم المنزل الذكي الذي يحتوي على أجهزة إلكترونية يمكن التحكم بها عن بعد عبر أزرار تحكم قابلة للبرمجة حسب رغبة المستخدم، وهو المفهوم الذي بدأت كبريات شركات صناعة الإلكترونيات في صنع أجهزة تعمل على تطبيقه فعلياً على أرض الواقع. وكانت سامسونج كشفت في ديسمبر الماضي على إمكانية بناء تطبيقات للتحكم بالأجهزة المنزلية بواسطة أجهزة التلفاز الذكية التي بدأت في الإنتشار بمعدل جيد عالمياً، وكان ذلك متزامناً مع تأكيد “إل جي” على عزمها تطوير إمكانية للتحكم والتراسل مع أجهزة المنزل الذكية. هذا، وتوقع أسيموف انتشار الأجهزة المحمولة المعتمدة على البطاريات كمصدر رئيسي للطاقة، حيث قال “في عام 2014 لن يكون للأجهزة الحبال الكهربائية لانها سوف تكون مدعومة من قبل بطاريات طويلة الأمد”. وتوقع المؤلف الأمريكي كذلك دخول الروبوت إلى المنازل، بل ووصف أحد الروبوتات المستقبلية بأنه أداة للتنظيف، ليتوقع ظهور روبوتات التنظيف التي بدأت في الظهور مؤخراً والتي تستشعر الأماكن غير النظيفة وتقوم بعملية التنظيف وحدها. ويعد أسيموف أول من أطلق مصطلح “روبوت” على الرجال الآليين، ووضع قوانين أساسية يجب أن يزود بها الصانع رجله الآلي، والتي عرفت بالقوانين الثلاثة للروبوتات وهي القوانين التي تضمن عدم إنقلاب الآلة على البشر، كما كتب سلسلة “أنا، روبوت” (I, Robot) التي تم اقتباس فيلم أمريكي يحمل نفس الاسم منها. وتحدث أسيموف كذلك في مقاله حول “العالم في 2014″ عن تطور تصميمات السيارات المزودة بذكاء اصطناعي، والتي أكد أنها سوف تتدخل لتحل محل الإنسان في القيادة، وهو الأمر الذي بدأ يتحقق بشكل كبير بظهور السيارات بلا سائق والتي تعمل على تطويرها شركات عديدة أبرزها “نيسان” و”جوجل”. وقد بدأ الذكاء الاصطناعي يدخل السيارات بشكل كبيرة لأداء بعض المهام باستخدام المستشعرات، حيث أصبحت بعض السيارات تقدم وظائف مثل الركن والحفاظ على السرعة والمسافات بين السيارات القريبة دون تدخل السائق. وأشار أسيموف كذلك في مقاله إلى تطور الاتصالات والهواتف النقالة، حيث قال “سوف تصبح الاتصالات صوتية وبصرية، حيث ستكون قادراً على سماع ورؤية من تحدثه عن بعد؛ والشاشة لن تكون فقط لرؤية من تتحدث معه بل ستساعد في رؤية الصور ودراسة المستندات وقراءة الفقرات من الكتب؛ هذا وستساعد الاقمار الصناعية الهائمة في الفضاء على الاتصال المباشر بأي بقعة على الأرض”. وأكد أسيموف أن جزء كبير من العالم في 2014 سوف يحرم من الأجهزة الجديدة رغم التطور التقني، حيث كتب في مقاله “جزء أكبر من اليوم سوف يحرم من التقنية على الرغم من تحسن حالته المادية على مما هو عليه اليوم، وتلك الأجزاء من العالم ستنتقل إلى الوراء مقارنة مع الأجزاء المتقدمة من العالم”. يذكر أن أسيموف كان له عدة توقعات أخرى خلال المقالة مثل ظهور تقنية العرض ثلاثي الأبعاد والشاشات المسطحة، وهبوط السفن غير المأهولة على سطح المريخ، بل تنبأ بظهور أول نموذج تفصيلي لمستعمرة على المريخ خلال 2014 وهو الأمر الذي قد يحدث بالفعل ضمن مشروع “مارس وان” الذي تقوم عليه شركة هولندية، ويهدف لإنشاء أول مستوطنة بشرية على الكوكب الأحمر.