التجارة الإلكترونية تشهد على المستوى العالمي نموا متزايدا و إهتماما أكبر بها من طرف المستهلكين و المنتجين و المسوقين ، و لعل العالم العربي من المحيط إلى الخليج يعيش نفس الواقع و إن كان بحجم متواضع مقارنة بالدول و القوى الأكبر في العالم حاليا . لكن من الأكيد أن دول الخليج هي التي تقود حجم التجارة الإلكترونية في عالمنا العربي ، تتبعها دول الشرق الأوسط و شمال أفريقيا . و رغم أن ما يجري من تقلبات سياسية و أوضاع غير مستقرة في العديد من تلك البلدان لا يساعد فعلا التجارة الإلكترونية العربية على النمو ، إلا أن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تؤكد عبر إحصائياتها الأخيرة بداية هذا العام على أن الأسواق العربية تزخر بالفرص و أن أمام الشركات التي تعتمد البيع على الإنترنت مليارات من الدولارات يمكنها إكتسابها سنويا من هذه المنطقة ، و للدلالة على ذلك فقد أقرت تلك المنظمة أن حجم التجارة الإلكترونية في مصر تجاوز 14 مليار دولار ، و هي التي تعيش الأن على وقع أحداث سياسية ساخنة ، فما بالك بدول الخليج التي تنعم بالأمن و العديد من الدول العربية الأخرى بما فيها المغرب مثلا ؟ و من المعروف أن هناك العديد من المتاجر الكترونية العربية التي تنافس الأن في الأسواق العربية و لعل سوق.كوم أحد تلك المتاجر ، إضافة إلى سلسلة متاجر أجنبية و منها جوميا التي تنافس الأن في المغرب و مصر و تسعى للتوسع في دول شمال أفريقيا . و هي التي يقبل عليها بكثرة المستهلك العربي لشراء ما يود الحصول عليه وفق عروض بعضها مغري و بعضها باهض الثمن ، دون أن ننسى مشاكل التأخير التي يواجهها في الحصول على طلباته و أيضا الدعم الفني المتواضع بإمكانياته لدى تلك المتاجر المتنافسة . و في ظل هذا المشهد يتجه المستهلكين الذين يملكون بطاقات الدفع الإلكترونية لشراء المنتجات من المتجر العالمي العملاق أمازون و منافسيه العالميين و هم فئة قليلة ، بينما الأغلبية المتبقية تختار رغما عنها المتاجر العربية المحلية و الأجنبية التي لها فروع في تلك الدول . متجرا عربيا محترما و أمام هذا الواقع يتمنى المستهلك العربي أن يرى الأن متجرا عربيا محترما يلبي رغباته بأقل الأسعار و وفق معاملة راقية و بشكل سريع ، لكن و للأسف تبدوا الخطوات التحسينية التي تنهجها العديد من تلك المتاجر بطيئة جدا و لم ترقى بعد إلى المستوى المطلوب ، ليركز أنظاره على المتاجر العالمية الكبرى و بالضبط على أمازون . هذه النتيجة التي أصبح يتبناها المستهلك العربي عادية و طبيعية جدا ، و كيف لا يحلم بذلك و أمازون هي التي توفر الكثير من المنتجات في مختلف المجالات وفق عروض و تخفيضات جيدة ، مع خدمات توصيل سريعة و دعم فني إحترافي مراقب مباشرة من طرف الداهية “جيف بيزوس” ؟ و الحقيقة أن نظرة أمازون إلى العالم العربي غير معروفة ، لكن بما أنها تعمل بشكل مستمر على فتح فروع لها في الدول العالمية و النامية و الصاعدة من أجل إقتحام المزيد من الأسواق غير أوروبا و الولايات المتحدة الأمريكية و أوستراليا فمن المفترض أن تطمح مستقبلا ليكون لها وجود في هذه المنطقة التي تؤكد كل التقارير و الإحصائيات أنها من المناطق العالمية الواعدة على مستوى الشراء من الإنترنت . الحجم الحالي للتجارة الإلكترونية العربية و هنا نتساءل هل فعلا أمازون مهتمة بعالمنا العربي ؟ هل رأت الإحصائيات و الأرقام التي تتحدث عن الحجم الحالي للتجارة الإلكترونية العربية ؟ و هل تعرف جيدا ما يجري في الأسواق العربية ؟ أعتقد أن الجواب المنطقي على الأسئلة السابقة يكمن في نعم ، فمن الطبيعي أن شركة مثل أمازون ستنظر إلى العالم العربي و تحاول فهم طبيعة المستهلك العربي سواء إنطلاقا من التعاملات التي تتم مع أصحاب بطاقات الدفع الإلكترونية ، أو من خلال الدراسات التي تنشر في هذا الصدد ، كما أن الأرباح الضخمة التي تحققها الأن على سبيل المثال “جوميا” الموجودة بالمغرب و مصر ، هي التي ستدفع أمازون لإقتحام الأسواق العربية واحدة تلو الأخرى.