واصلت صناعة الساعات السويسرية النمو، خلال السنوات الأخيرة، رغم المنافسة الصينية، التي تعتمد على إنتاج ساعات بأسعار منخفضة جداً. ويبلغ متوسط تكلفة الساعة السويسرية الواحدة نحو 685 دولاراً، بينما لا تتعدى تكلفة نظيرتها الصينية التي لها نفس مقدرة عرض الوقت، دولارين فقط لا غير. ومع هذا الفرق الكبير في الأسعار إلا أن سوق الساعات السويسرية لم تتأثر به. وقال اتحاد صناعة الساعات السويسري الشهر الماضي، إن قيمة صادرات الساعات السويسرية ارتفعت بنسبة 10,9% العام الماضي حتى رغم تباطؤ النمو في السوق الصينية بشكل كبير. وارتفعت الصادرات للخارج لتصل قيمتها إلى 21,4 مليار فرنك سويسري “23,3 مليار دولار”. بعدما عوض قطاع الساعات الفاخرة التراجع في عدد الساعات المباعة بشكل عام. وانخفض الطلب في الآونة الأخيرة في الأسواق الكبيرة مثل الصين وأميركا وسنغافورة، لكن تم تعويض ذلك من قبل المحبين للساعات من العرب والأوروبيين. وفي العادة، لا يقوم الذين يشترون الساعات السويسرية بغرض معرفة الوقت، بقدر ما ينجذبون إلى الهندسة الدقيقة والتصميم الراقي. لكن ومع أن فن الصناعة الراقية اندثر في بعض البلدان الأخرى، لكنه لا يزال مزدهراً في سويسرا، حيث أصبحت علامة “صنع في سويسرا”، واحدة من أكثر العلامات التجارية قيمة في العالم. وفي حين يتخيل الكثيرون أن هذه الصناعة تتم في قرى سويسرا الجبلية الصغيرة، لكن في حقيقة الأمر تخضع سيطرة هذا القطاع لشركة “سواتش” التي تملك علامات مثل “بريجيت” و”أوميجا” و”بلانكبين” وغيرها، حيث بلغ إجمالي مبيعاتها خلال العام الماضي نحو 7,3 مليار فرنك، بزيادة قدرها 15,6% عن السنة التي سبقتها. وتشكل الشركة ثلث مبيعات الساعات في سويسرا ككل. وذهبت هيمنة “سواتش” على القطاع أبعد من ذلك، حيث تعتبر أكبر شركة لتوريد المكونات الصغيرة التي تعمل على حركة الساعة. كما أنها تملك شركة “إي تي أيه” التي تنتج أكثر من 70% من هذه المكونات المستخدمة من قبل شركات صناعة الساعات الأخرى حول العالم. وتقوم كذلك شركة “نيفاروكس” التابعة لها، بصناعة أكثر من 90% من زنبرك التوازن الذي ينظم حركة الساعات. وتعتمد العديد من العلامات التجارية الكبيرة على مكونات “سواتش”، مثل “أل في أم أتش” المالكة لعلامات بولجاري وهوبلوت و”ريشمونت” التي تملك فاشرون وبياجيت، وكذلك شركات الساعات الألمانية والبريطانية التي تسعى لولوج هذه السوق المربحة، إلا أن القليل من هذه الشركات قادرة على مضاهاة دقة زنبرك التوازن الذي تنتجه “نيفاروكس”. وبرزت “سواتش” كشركة لصناعة الساعات في ثمانينات القرن الماضي نتيجة لدمج شركتين لتقوم بعدها بطرح علامة ساعات “سواتش” بسعر منخفض، لكن ليس لمستوى الساعات الصينية. وظلت تهيمن على القطاع نظراً إلى أن بعض الشركات وجدت من السهل أن تتحمل شركة أخرى كل صعوبات الإنتاج والتكاليف لصناعة المكونات التي تتطلبها ساعاتها. لكن اكتشفت “سواتش” أن هذه الهيمنة مثيرة للقلق، مما حدا بها التخطيط لخفض مبيعات مكوناتها بنسبة 30% بحلول 2018. ووافقت “لجنة المنافسة السويسرية” على خفض متوسط في العام الماضي. وبعد الضغوطات التي مارستها عليها شركات صناعة الساعات الأخرى، لا تنوي الشركة القيام بالمزيد من عمليات الخفض خلال العام الحالي، لكنها ربما تعود للمحاولة في العام المقبل. وبذلك، من المتوقع أن تُسدي “سواتش” خدمة للقطاع، حيث يمكن أن تدفع تصرفاتها هذه الشركات الأخرى للمزيد من الاستثمارات في مصانعها الخاصة وشرعت بالفعل كل من “ريشمونت” و”أل في أم أتش”، في شراء مؤسسات صغيرة تعمل في صناعة المكونات.