الرياض - عبدالعزيز الدوسري
يتجدّد في كل عام السيناريو الجدلي بشأن آلية تأكيد رؤية هلال شهر رمضان من عدمه، وسط ظهور أصوات منادية باعتماد آلية معينة تنحصر بين الشهود والفلكيين في آنٍ معًا، لتأكيد الرؤية الشرعية لهلال الشهر الكريم، خصوصًا أن هناك من يُقلل من أهمية الاعتماد على المنظار المتطور (التلسكوب)، الذي اعتمدته مدينة الملك عبد العزيز خلال السنوات الأخيرة كمصدر موثوق لتحديد الوقت الفعلي لظهور الأهلة، في حين ستبدأ متابعته قبل غروب شمس الإثنين المقبل بـ50 دقيقة.
وجرى في وقت سابق شرح إمكانية تحديد أوقات الأهلة بشكل علمي من قبل "مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية"، والتحقق من ذلك عبر إيفاد مختص بالفلك و"تلسكوب" للتحقق من شهادة كل من يدعي رؤية الهلال، الأمر الذي عدّه المهتمون بالشأن الفلكي بمنزلة علاقة جديدة بين المجتمعات الشرعية والتقنية.
في المقابل، هناك مبدأ شرعي معتمد في السعودية لرؤية هلال رمضان بالعين المجردة، بوصفها المصدر الرئيس في تحري وقت دخول الشهر أو خروجه، الأمر الذي عده المختصون من أشد المهام حساسية، لما يترتب عليه من أمور شرعية تتعلق بالعبادات المفروضة.
وأكّد مصدر مطلع أن هذه القضية على وجه التحديد ليس لها حل (حسب تعبيره)، عازيًا ذلك إلى تعدد وجهات النظر العلمية فيما يخص الفلك.
وأعلن: "إن الحلول غير مقبولة من قبل الطرفين الشرعي والعلمي، لوجود قناعات لدى كل منهما بأنه على حق"، مسترجعًا الذاكرة إلى الخلف قبل أكثر من عقدين من الزمن، عندما أجازت هيئة كبار العلماء صحة الاعتماد على المنظار العلمي (التلسكوب) بوصفه أحد الأدلة الدامغة لظهور الأهلة.
وفي ما يخص عملية الرصد لهلال هذا العام، أوضح المصدر أن السيناريو سيتكرر مثل كل عام، وأن ليلة السبت هي المحك الحقيقي لإثبات الرؤية بين الشهود وعلماء الفلك، وهي التي كانت وما زالت محل اختلاف منذ أكثر من 30 عامًا.
وبخصوص ما يتعلق بما هو دائر في السعودية خاصة، والدول الإسلامية عامة، من حيث رؤية الأهلة، بيّن المستشار القضائي الخاص، صالح اللحيدان، أن هناك بلبلة قد تحصل أحيانًا بالتزامن مع دخول شهر رمضان، وأحيانًا قبل دخول شهر ذي الحجة، مشيرًا إلى أن هيئة كبار العلماء درست هذا الموضوع وكذلك مجمع البحوث في الأزهر، لأجل توحيد أمور العبادة، مؤكدًا أن الدولة حريصة على أن لا تكون هذه المسألة موضع اختلاف بين العلماء.
وأفصح عن ضرورة توافر خمسة أمور لضمان الوصول إلى نتيجة دقيقة في ما يخص الأهلة، ذاكرا أن الطريقة الأولى هي الرؤية المجردة إذا تحققت من عدل مميز، ثانيا إذا شوهد الهلال في مكان وشوهد أيضا في مكان آخر مختلف، فإنه ينظر إلى الأكثر تأكيدا، وذلك عن طريق الصبر والتحقق، مضيفا أن الطريقة الثالثة تكون بالاستعانة بالمنظار المقرب لتحديد الولادة الحقيقية للهلال، ومن ثم يجري النظر بالعين المجردة، وأن الطريقة الرابعة تكون بأهمية وجود هيئة علمية دقيقة تشترك فيها الهيئة العليا ووزارة الشؤون الإسلامية ومدينة الملك عبد العزيز، أما في الطريقة الخامسة فيُستحسن فيها أن لا يعلن دخول شهر رمضان إلا بالنظر إلى الأمور الأربعة السابقة؛ لأن الحاجة داعية إلى الدليل المادي.
من جهته، أوضح رائي الأهلة المعتمد لدى المحكمة العليا منذ 30 عامًا، عبد الله الخضيري، أن هلال شهر رمضان سيتابع ابتداءً من، الإثنين، وهي الفترة التي يتراءى فيها الهلال، مبينًا أن حضور الرائين في مكان الرصد سيكون قبل غروب الشمس بـ50 دقيقة على أقل تقدير، ليتابعوا حركة الهلال حتى لحظة غروبه التي تستغرق دقائق معدودة.
وبيّن الخضيري أنه في لحظة الترائي يقف خلف الرائي مساعده الذي يُطلَق عليه (الميقاتي) ومهمته تسجيل وقت مشاهدة الهلال عندما يلحظه الرائي، حيث تتطلب مهمة الرائي الإمعان في النظر في اتجاه موقع الهلال وتحديد خط سير الكواكب في السماء أثناء لحظة الغروب ليتمكن من رصد الهلال بشكل دقيق، بينما يصف كل رائي، سواء في ورقة أو شفهيًا، ما رآه أمام القاضي، وفيما إذا كان شكل الهلال مستويا أو منتصبا أو منحرفا، ويضيف لها وقت الرصد، ثم ينظر القاضي في تطابق الرؤى من خلال الاطلاع على الشهادات، ومن ثم ترفع الشهادات من مكان الرصد للمحكمة العليا، التي بدورها تتولى إعلان بدء الشهر.
وبخصوص تحري هلال شهر رمضان، فإنه يجري انضمام الرائين إلى لجنة الرصد الرسمية المكونة من محكمة حوطة سدير، ومندوبي مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، ووزارة العدل، ومركز حوطة سدير، ومن ثم يُعَد محضر في حالتي الرؤية أو عدمها، ويوقَّع عليه من قِبل كل شاهد عن طريق موظفي المحكمة.