سان فرانسيسكو- عادل سلامة
يواجه عملاق شركات تكنولوجيا المعلومات "آبل" تحديًّا فنيًّا كبيرًا في ما يتعلق بالثغرات الأمنية لهواتفها، بعدما استطاعت حكومة الولايات المتحدة الأميركية فكّ شفرة هاتف "آيفون" الخاص بأحد المشتبه بتورطهم في واقعة إطلاق النار في سان بيرناردينو العام الماضي، من دون مساعدتها، وهو ما يجعل الأخير تحت ضغوط كبيرة من أجل سرعة إيجاد وإصلاح هذه الثغرة الأمنية في هواتفها.
وتبدأ التحديات مع الافتقار إلى المعلومات حول الطريقة التي تمكنت من خلالها سلطات إنفاذ القانون الأميركية بمساعدة "طرف ثالث" إلغاء الحماية على هاتف آيفون الخاص بأحد المشتبه بهم في تنفيذ اعتداءات سان بيرناردينو العام الماضي، ويدعى سيد رضوان فاروق، ورفض المسؤولون الفيدراليون تحديد هوية الشخص أو المؤسسة التي ساعدت في فكّ الجهاز، كما رفضوا تحديد الإجراء المستخدم في فتح جهاز آيفون، فضلاً عن عدم قدرة آبل على استعادة الجهاز مثلما يحدث في حالات القرصنة الأخرى من أجل إصلاح الثغرة الأمنية.
وما جعل الأمور أكثر تعقيدًا، أن آبل أجرت تغييراً في فريق العمل المعني بأمن الأجهزة نهاية العام الماضي، بحيث ترك المدير الذي كان مسؤولاً عن التعامل مع غالبية طلبات استخراج بيانات الحكومة، فريق العمل وانتقل إلى جزء آخر من الشركة، وفقاً لأربعة موظفين حاليين وسابقين في شركة آبل، والذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم؛ لأنه غير مصرح لهم بالتحدث علناً عن تلك التغييرات، كما رحل عن الشركة خلال الأشهر القليلة الماضية موظفين آخرين كان من بينهم من تتضمن مهامه محاولة اختراق الأجهزة الخاصة بشركة آبل، مع انضمام أشخاص آخرين.
وتخوض آبل عمليات كرّ وفرّ مع القراصنة، إلا أنه في هذه المرة تواجه الشركة عقبة كبيرة كون من قام باختراق الجهاز هو حكومة الولايات المتحدة، وتحتاج الشركة الآن أن تحوز ثقة عملائها، بحسب ما يقول الرئيس التنفيذي لشركة "سيناك" للأمن التقني ومحلل وكالة الأمن القومي السابق، جاي كابلان، ومن ثم ستكون بحاجة إلي إيجاد حل في أسرع وقت لهذه الثغرة الأمنية، وأشارت الشركة في بيانٍ لها عقب الإعلان من جانب الحكومة عن إلغاء حماية جهاز آيفون الخاص بفاروق، أنها ستستمر في زيادة مستوى الأمان لأجهزتها في ظل التهديدات والهجمات المتواترة والمتطورة على بياناتها.
وأوضح الرئيس التنفيذي لشركة آبل، تيموثي كوك، خلال حديثه إلى زملائه، أنه يدعم خطة آبل في تشفير كل شئ مخزن على أجهزتها وخدماتها إضافةً إلى المعلومات التي يتم تخزينها في خدمة آبل السحابية "آي كلود" المستخدمة في عمل نسخة احتياطية من البيانات على الأجهزة النقالة، كما بدأ أيضًا المهندسون في شركة آبل وضع تدابير أمنية جديدة من شأنها أن تجعل من الصعب على الحكومة فتح جهاز آيفون يتمتع برمز حماية، ولا يسع الخبراء في الوقت الراهن سوى تخمين كيفية قيام الحكومة بفكّ جهاز آيفون سي5 والذي يعمل بنظام تشغيل آي.أو.أس 9، حيث ذكر خبراء الأدلة الجنائية أن الحكومة ربما تكون قد هاجمت نظام آبل باستخدام وسائل متعددة لاستخلاص المعلومات من منطقة تتمتع بالحماية في الهاتف، عبر إزالة شريحة ووقف تخمين كلمة المرور.
وحال أدخلت وكالة الاستخبارات المركزية كلمة المرور خطأ عشر مرات لإلغاء حماية الهاتف ثم فشلت، فربما إذاً بإمكانها تكوين نسخة جديدة من محتويات الهاتف ومحاولة تخمين كلمة مرور أخرى، وتتمتع أجهزة آيفون الجديدة بمعالج أيه7 مع حماية تسمى الجيب الآمن، والذي يتميز بمفتاح رقمي فريد من نوعه غير معروف للشركة وضروري لتأمين المعلومات المخزنة على الهاتف، بما يجعل من الصعب اتباع هذه الطريقة في اختراقه.
وباتت الثغرات الأمنية في منتجات شركة آبل محل اهتمام متزايد من جانب القراصنة في الأعوام الأخيرة، مع انتشار الأجهزة النقالة للشركة، وهو ما يجعل آبل تقوم بإجراء تغيير مستمر على الفرق الأمنية الخاصة بها، فهناك مجموعة تسمي كور أو.أس لهندسة الأمن والتي تفحص ما إذا كانت البيانات مشفرة وغير معلومة المصدر أم لا، وفريق آخر لمنتجات الأمن والذي يتعامل مع الثغرات التي توصل إليها أشخاص من خارج آبل، وذكر موظف سابق في الشركة أن المتخصصين في مجال أمن الأجهزة أكثر طلباً في قطاع التكنولوجيا بعد المهندسين.
ومن المرجح عدم تصريح الحكومة بالطريقة التي تم من خلالها الوصول إلى البيانات على جهاز آيفون بعد إلغاء الحماية التي كان يتمتع بها؛ لأنها ملكية خاصة للشركة التي ساعدت مكتب التحقيقات الفيدرالي، بحسب ما قال محامي في ستبتو آند جونسون، والسكرتير الأول المساعد للسياسة في إدارة الأمن الداخلي، ستيوارت بيكر، أما رئيس قسم التكنولوجيـا في شركة "هاكروان" الأمنية في سان فرانسيسكو، أليكس رايس، فقد شدد على أنه من مصلحة الجميع وصول آبل إلى هذه الثغرة الأمنية.