الاتصالات الخلوية

نجحت وكالة الأمن القومي الأميركية، بالتعاون مع جهاز الاتصالات الحكومي البريطاني، في رصد كميات هائلة من الاتصالات الخلوية، عبر إقدامهما على اقتناص مفاتيح تشفير بطاقات الخلوي.

ويأتي ذلك وفق ما أورده موقع ذا إنترسبت الأميركي، الذي أطلقه غلين غرينوالد مكرسًا إياه لجمعيات حماية الحريات الشخصية عبر الإنترنت، بالاستناد إلى وثائق سرية وفرها خبير المعلوماتية الأميركي المُنشق إدوارد سنودين.

وتتيح المعلومات المتوافرة في تلك البطاقات، صنع نُظُم للدخول على شفرة مكالمات الخلوي للأفراد، من دون الاضطرار إلى الحصول على إذن من الحكومة وشركات الخلوي.

كما تتميّز تلك النُظُم، بأنها لا تترك أثرًا يدل على الجهة التي اخترقت الاتصالات.

وقارن موقع ذا إنترسبت الوضع بسرقة مفتاح ناطور وُضعت في عهدته مفاتيح جميع الشقق في المبنى.

ووفق المعلومات على الموقع، ساعدت وكالة الاستخبارات الأميركية نظيرها جهاز الاتصالات الحكومي البريطاني، في التسلل إلى الشبكات المعلوماتية التابعة لشركة "جِمالتو"، المصنّع الرئيسي لبطاقات سيم SIM للتعريف الشخصي على الخلوي، بهدف سرقة مفاتيح تشفير تلك البطاقات.

ويقع مقر الشركة في هولندا، وهي مدرجة ضمن مؤشر كاك 40 الفرنسي.

وتورّد الشركة البطاقات إلى 450 شركة لتشغيل الخلوي في 85 دولة، وتملك 40 معملاً لتصنيع تلك البطاقات، وبسبب اشتغالها في حماية شفرة البطاقات، تعتبر من كبرى الشركات في مجال الأمن المعلوماتي أيضًا.

إلا أن نشاط الشركة لا يتوقّف عند تلك الحدود، بل تصنع أيضًا رقائق آمنة باتت منتشرة الاستعمال في بطاقات المصارف والهوية وقيادة السيارات وغيرها، وحتى جوازات السفر الـ"بيومترية"، أي التي تستعمل مؤشرات بيولوجية مثل البصمة وحدقة العين، في التعريف بأصحابها.

وأصدرت جِمالتو بيانًا عن معلومات الموقع، موضحة أنها تنظر إليها بكثير من الجدّية، مشيرة إلى اعتقادها بأن الموقع لم يستهدفها بحدّ ذاتها، بل حاول لفت الأنظار إلى مشكلة تواجه عددًا كبيرًا من الهواتف المحمولة، ولم يحل ذلك دون هبوط أسهمها %، في اليوم التالي لنشر التقرير.

وأطلق جهاز الاتصالات الحكومي عمليّة رصد للشركة عبر الإنترنت، في محاولة لتحديد الشخصيّات التي تملك حق النفاذ إلى مفاتيح التشفير في الشركة.

وبعدها، استُخدِم برنامج "أكس كي سكور"، الذي تصنعه وكالة الأمن القومي، لقرصنة صناديق بريد إلكترونية وحسابات "فيسبوك" تابعة لأولئك الأشخاص، ما فتح الباب أمام وكالتي الاستخبارات للوصول إلى مفاتيح تشفير بطاقات الخليوي.

وعلّق الموقع على تلك المعلومات بالإشارة إلى أن وكالتي الاستخبارات أطلقتا عمليات عالية التنسيق بينهما، بهدف إنجاح عمليّة سرقة مفاتيح بطاقات الخلوي.

وأضاف الموقع أن من المستحيل معرفة العدد الفعلي للمفاتيح المسروقة من جانب الوكالة والجهاز، لكن تؤكد المؤشرات أنه عدد فائق الضخامة.
وذكّر الموقع بأن الوكالة كانت قادرة منذ العام 2009 على معالجة ما يترواح بين 12 و22 مليون مفتاحًا لبطاقات الخلوي في الثانية، كي تستعملها عند الحاجة للتنصّت على مكالمات أو رصد رسائل إلكترونية.
وعقب الكشف عن ذلك الاختراق لشركة غربيّة تعمل في صناعة التكنولوجيا الدقيقة، زار وزير الداخلية الفرنسي، برنار كازنوف، وادي السيليكون في الولايات المتحدة، والتقى عددًا من قادة الشركات الكبرى للمعلوماتية والاتصالات المتطورة.

وإضافة إلى بحث اختراقات الأجهزة الاستخباراتية، عمد كازنوف إلى إعطاء أولئك القادة، شرحًا عن "المقاربة الفرنسية" تجاه الدعاية الجهادية للتنظيمات الإسلامية المتطرفة.

وتوقّع البعض حدوث توتّر في العلاقات بين فرنسا والولايات المتّحدة، عقب زيارة كازنوف، لكن الأمور سارت على نحوٍ هادئ تمامًا.

وبعد الزيارة، أعلنت فرنسا عن شراكة بالغة الأهمية مع شركة "سيسكو سيستمز" الأميركيّة التي تصنّع أجهزة شبكات الاتصالات، على رغم أن وثائق سرّبها سابقًا خبير المعلوماتية الأميركي سنودن، بيّنت أن وكالة الأمن القومي طوّرت برمجيّات خبيثة، بهدف مراقبة المعلومات التي تتدفق عبر الأجهزة التي تصنعها "سيسكو سيستمز" تحديدًا.