جنيف ـ عادل سلامه
في أعماق معمل مختبر سويسري، توجد آلة تقدم وعد بتحويل عالم البنوك، حيث في الطابق السفلي من مبنى منخفض الارتفاع يطل على بحيرة زيوريخ، ومن خلال باب لا يمكن الوصول إليه إلا لقلة مختارة، تقوم شركة "آي بي إم" ببناء جهاز يمكن أن يخترق حتى أكثر أشكال أمن الكمبيوتر الحديثة تطورًا.
عندما تخطو إلى داخل، أول شيء تلاحظه هو الضوضاء، ثابتة وصاخبة، وهي تنبعث من وحدتي تبريد على شكل علبة بيضاء، إذ يتم تبريد الأسلاك النحاسية الصغيرة والرقائق التي يمكن وضعها في كف اليد إلى درجات حرارة أقل من درجة حرارة الفضاء الخارجي، وعلى بعد بضعة سنتيمترات منها، تصبح الحرارة داخل الغرفة مثل حرارة الجزء الخلفي من الثلاجة في المنزل.
أجهزة الكمبيوتر الكمية التي يتم تطويرها في زيوريخ، وهي أحد أقدم المراكز المالية في العالم، تعمل كقواطع للشفرات الرئيسية، فهي قادرة في ساعات، على حل المشكلات، وكشف الرموز التي قد تستغرق الحاسبات التقليدية آلاف السنين.
وهذا يجعلها إمكانية قيمة بشكل لا يصدق، ويوضح السبب في أن أكبر البنوك في العالم، تولي اهتمامًا كبيرًا للعمل الجاري هناك، ولذلك بنوك "باركليز" و"جيه بي مورغان تشيس" من بين مجموعة من الشركات، التي بدأت في اختبار تقنية الكم من "آي بي إم" هذا العام.
في الوقت الراهن، لا تزال التكنولوجيا متقلبة، ولكن في غضون السنوات العشر إلى العشرين المقبلة، يعتقد الخبراء أن قوة الحواسيب الكمية ستترك المختبر وتدخل عالم الأعمال والتمويل، مع تداعيات هائلة.
إذا وقعت هذه التكنولوجيا في الأيدي الخطأ ، فلن تكون الأنظمة التي تتحكم في حركة الأموال آمنة بعد الآن، يمكن اعتراض الحوالات المصرفية وإفراغ الحسابات، مما يسبب الفوضى، وقد تصبح التكنولوجيات الجديدة المتقدمة مثل نظام سلسلة الكتل قديمة وغير قيمة، عندما تطلق العنان لهذه التكنولوجيا، يمكن أن تؤدي إلى الفوضى المالية.
مع انتقال التهديد الكمي من الخيال العلمي إلى الواقع، يقول خبراء شركة "آي بي إم" إن الشركات، بما في ذلك البنوك، آخذة في السباق مع الوقت لتغيير أنظمتها في الوقت المناسب للنجاة من تلك القفزة، فيقول الدكتور فاديم ليوباشيفسكي، اختصاصي التشفير في "آي بي إم"، من أجل حماية البيانات في المستقبل، يجب عليهم البدء في تغيير أنظمتهم الآن.