برلين ـ جورج كرم
يستعد العلماء، في ألمانيا لتشغيل أكبر مفاعل ستيلاراتور للاندماج في العالم، وأطلق على المفاعل اسم W7-X وسيحتوي على بلازما فائقة السخونة في تصميم وصفه الباحثون بـ"غير العادي".
ويعتبر المفاعل الجديد بمثابة مصدر لا ينضب من الطاقة، ويعمل باستخدام نوعين من ذرات الهيدروجين وهي الديوتيريوم والتريتيوم، وحقن هذا الغاز في وعاء الاحتواء، ثم تضاف الطاقة التي ستحرر الإلكترونيات من الذرة المضيفة لتشكل ما يوصف بالبلازما الأيونية والتي ستطلق كميات هائلة من الطاقة.
وتستخدم حقول مغناطيسية قوية للحفاظ على البلازما بعيدًا عن الجدران المصنعة من لفائف توصيل محيطة بوعاء الاحتواء، وتيار كهربائي ليحرك البلازما.
ويعتبر توكاماك هو التصميم الأكثر شيوعًا لهذا المفاعل، وهي غرفة معدنية مجوفة على شكل دونات، يُسخّن فيها الوقود على درجات حرارة تزيد عن 150 مليون درجة مئوية لتشكيل البلازما الساخنة، وبالرغم من أن توكاماك يعتبر التصميم المثالي لاحتواء هذه البلازما إلا أنه يشكّل بعض المخاطر التي تهدد السلامة إذا فشل التيار أو حدث اضطراب مغناطيسي، والتي من شأنها أن تطلق العنان لقوة مغناطيسية قوية تكفي لتدمير المفاعل.
ويعتقد العلماء أن مفاعل W7-X هو الخيار الأكثر عملية في التغلب على مشاكل السلامة مقارنة بتوكاماك، ففي توكاماك يستخدم مجموعتين من المغناطيس لاحتواء البلازما، مجموعة خارجية محيطة بالفراغ الخارجي، ومجموعة داخلية تعمل كمحول يدفع تيار البلازما، مما يكوّن مجالًا مغناطيسيًا قويًا في المركز أكثر من الخارج، ونتيجة لذلك يمكن أن تتحرك البلازما في الداخل باتجاه الجدران الخارجية لينهار المفاعل.
وصمم مفاعل ستيلاراتور لحصر البلازما بواسطة 50 لفة مغناطيسية خارجية فائقة التوصيل بطول 3.5 متر على نطاق 16 متر، تخلق خطوط مجال ملتوية حول الفراغ الداخلي، مما يدفع البلازما بشكل مستمر بعيدًا عن جدران المفاعل.
وظهر أول تصميم لمفاعل ستيلاراتور في عام 1951 صنعها العالم ليمان سبيتزر من جامعة برنستون، ولكن في ذلك الوقت وجد العالم صعوبة في تصنيع المفاعل نظرًا للقيود المفروضة على المواد في منتصف القرن العشرين، ولكن اليوم بوجود أجهزة كمبيوتر عملاقة ومواد جديدة، حقق العلماء حلم ورؤية سبيتزر وصنعوا المفاعل.
وصرّحت وزيرة التعليم والبحث الألمانية جونا وانكا " نعلم كلنا مقدار حاجة الاقتصادات العالمية إلى الطاقة، وعندما نتحدث عن الطاقة، فنحن بحاجة لأبحاث تبقي على جميع الخيارات مفتوحة، وواحدة من هذه الخيارات هي الاندماج النووي، ويعتبر المفاعل الجديد خطوة إلى الأمام لتقديم أفضل خيارات الاندماج ."
وأخذ المفاعل، مليون ساعة من التصنيع والتجميع في واحدة من أكثر النماذج الهندسية تعقيدًا في العالم، وانتهى اختبار المجال المغناطيسي في المفاعل الجديد في حزيران/يونيو، وينتظر حاليًا موافقة الجهات التنظيمية لبدء تشغيل المفاعل في نوفمبر/تشرين الثاني ليبشر بالتغيير باتجاه قوة الاندماج وهو أمر طالما حيّر العلماء.