بغداد-نجلاء الطائي
رحَّل عميد الصحافة العراقية، فائق بطي، في العاصمة البريطانية، لندن، بعد صراع مع مرض السرطان، عن عُمر ناهز الواحد والثمانين عامًا، بعد مسيرة طويلة في العمل الصحافي، الذي ورثه عن والده مؤسِّس جريدة "البلاد" والنائب روفائيل بطي، إذ قضى حياته في البحث وتأريخ الصحافة العراقية.
ويعد الراحل أحد أبرز رموز الصحافة العراقية ويقترن اسمه بدوره في توثيق الصحافة العراقية، منذ إصداراتها الأولى المتمثلة في جريدة الوزراء في ستينات القرن التاسع عشر، ومن خلال عدد من الكتب والدراسات التي أصدرها عن تاريخ الصحافة العراقية، وصحافة الأحزاب، وصحافة تموز، والصحافة اليسارية في العراق، والصحافة الكردية.
وكل هذا يأتي من ولعه وعشقه المبكر للصحافة، فقد نشأ في مطبعة والده الصحافي الأديب والشخصية الاجتماعية والسياسية روفائيل بطي، ودرس على يديه مبادئ العمل الصحافي، الذي تأطّر على الدوام بقدسية هذه المهنة وسمو مقاصدها.
واعترض بطي على تسمية الصحافة "مهنة البحث عن المتاعب"، فهو يجدها "مهنة البحث عن الحقيقة"، وهذا ما يمنح الصحافي، برأيه، مسؤولية خطيرة أمام الناس، وكان يؤكد أن خطأ طبيب واحد قد يودي بحياة شخص أو اكثر، لكن نشر التحريض أو الأكاذيب قد يتسبَّب في موت الآلاف.
والراحل من مواليد بغداد العام 1935، وأكمل مراحل الدراسة الثلاث الأولى في بغداد، وحصل على بكالوريوس صحافة من القاهرة والدكتوراه من موسكو 1979، وتسلّم منصب رئيس تحرير جريدة "البلاد" ومدير تحريرها 1958-1963، التي توقفت وتعرض للسجن مرات عدة.
كما أنه من مؤسِّسي نقابة الصحافيين العراقيين وعضو مجلس النقابة 1971-1978، وعمل سكرتير تحرير في كلٍ من صحف "النور" و"التآخي" و"طريق الشعب"، والسكرتير العام لرابطة الكتاب والصحافيين والفنانين الديمقراطيين العراقيين في المنفى، والسكرتير العام للاتحاد الديمقراطي العراقي في الولايات المتحدة وكندا، ورئيس تحرير "صوت الاتحاد".
وأصدر جريدة "عراق الغد" في لندن نصف شهرية 1984- 1986، ومجلة "رسالة العراق" في لندن 1993 – 2003، وصدرت له 8 مؤلفات حول تاريخ الصحافة العراقية وهي: الصحافة العراقية، ميلادها وتطورها، صحافة العراق، تاريخها وكفاح أجيالها، صحافة تموز وتطور العراق السياسي، صحافة الأحزاب، أعلام في صحافة العراق، الموسوعة الصحافية العراقية، الصحافة اليسارية في العراق، وأخيرًا قبل أشهر كتاب الصحافة العراقية في المنفى.
كما صدرت له الكتب الآتية: أبي، الخيانة الكبرى، قضايا صحافية، الوجدان الجزء الأول، رفائيل بطي ذاكرة عراقية "مجلدان" إعداد وتحقيق، الوجدان الجزء الثاني، ووضع اللمسات الأخيرة للجزء الثالث من كتاب "الوجدان" وبعنوان "ذاكرة وطن"، كما بدأ تحرير كتاب جديد يحمل اسم "شخوص في ذاكرتي"، وكان لديه مشروع كتابة تاريخ الصحافة الكُردية بالاعتماد على المصادر في كلٍ من أربيل والسليمانية والموصل وكركوك، إلى جانب ما صدر منها في بغداد، وبالتعاون مع الكتاب والصحافيين الكُرد، والاستفادة من الجامعات والمكاتب ووزارة الثقافة في الإقليم.