القدس المحتلة ـ ناصر الأسعد
قامت السلطات الإسرائيلية أخيرًا بإلقاء القبض على شقيقة الممثلة الكوميدية الأميركية، سارة سيلفرمان وابنة شقيقتها هاليت، بعد أن قامتا بصحبة عشرات النساء بارتداء شال الصلاة أمام حائط المبكى وذلك في تحدٍ صارخ للحظر الذي تفرضه السلطات الإسرائيلية والذي يدعمه قرار صادر العام 2003 من المحكمة العليا الإسرائيلية. ومن المعروف أن التقاليد الدينية اليهودية تقضي ليس فقط بإرغام النساء اليهوديات على الصلاة في مكان أصغر من ذلك الذي يصلي فيه الرجال أمام الحائط الغربي في القدس المعروف باسم حائط المبكى، وهو أحد الأماكن المقدسة في الديانة اليهودية، على الرغم من الازدحام الذي يشهده المكان الضيق ، ولكن أيضًا منعهن من ارتداء شال الصلاة أو حمل التوراة والمشاركة في صلاة الجماعة. وقد علقت الممثلة الكوميدية الأميركية على موقع "تويتر" على ذلك الحدث بقولها إنها "فخورة بما قامت به أختها وابنة اختها من عصيان مدني". وقد لفت تعليق النجمة الأميركية على ذلك العصيان المدني النسائي الانتباه من جديد إلى حملة الاحتجاج النسائية التي أطلقت منذ 24 عامًا، والتي تطالب بمساواة المرأة اليهودية بالرجل اليهودي في الصلاة أمام الحائط. وكانت الشرطة الإسرائيلية قد قامت باحتجاز عشر من النساء لعدة ساعات، كما أصدرت أوامر في حق البعض منهن، تمنعهن من زيارة الحائط لمدة 15 يومًا. وفي وقت لاحق، بررت رابي سيلفرمان احتجاجها بقولها إنها "من وجهة نظر لاهوتية، تعارض قيام المتشددين بامتلاك الديانة اليهودية، ومن وجهة نظر ديموقراطية ، فهي ترى أن تحكم مجموعة واحدة من المواطنين في بقية المواطنين، يعد انحرافًا عن الديموقراطية". وأضافت في تصريحات أدلت بها إلى صحيفة "هاآرتس الإسرائيلية "أن "حقيقة الأمر هو أن حائط المبكى قد اختطفته مجموعة صغيرة من المتشددين". ومنذ العام 1988 تطالب حركة تحمل اسم "نساء الحائط" بمساواة المرأة اليهودية بالرجل في الصلاة أمام الحائط، وتعارض إصرار التشدد الديني الذي يعارض السماح للمراة بارتداء شال الصلاة أو التلاوة من التوراة أو الصلاة بصوت مسموع. وفي ظل تصاعد الصراع وتزايد قيام الشرطة باعتقال النساء أمام الحائط بسبب تحدي التشدد الديني، قد شهدت الأشهر القليلة الماضية داخل وخارج إسرائيل، تزايد الدعم والتأييد لمطالب الحركة النسائية اليهودية، كما اعترف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتانياهو بـ "مدى الحاجة إلى حل لتلك المشكلة". وخلال كانون الأول/ ديسمبر الماضي، قام بإسناد مهمة التوصل إلى حل وسط بين مطالب النساء اليهوديات وبين تعاليم شوميل رابينويتز حاخام حائط المبكى ، إلى الوزير الإسرائيلي السابق ناتان شارانسكي ، وهو يهودي روسي سبق وأن سجن خلال العهد السوفيتي. ومن المتوقع أن يقدم شارانسكي تقريرًا في هذا الشأن خلال الربيع المقبل. يذكر أن الآلاف يقومون يوميا بالصلاة أمام حائط المبكى، ويقومون بحشر قصاصات الورق التي تحمل أدعية مكتوبة بخط اليد داخل الشقوق بين أحجاره. وتحرم التقاليد الدينية صلاة الرجال والنساء معًا. وتتم صلاة النساء في ركن ضيق صغير. وتقول زعيمة حركة نساء الحائط، أنات هوفمان "إن مطالبنا متواضعة وبسيطة جدًا ، فنحن نريد أن نصلي ساعة واحدة شهريًا نرتدي خلالها شال الصلاة، والصلاة بصوت مسموع وتلاوة التوراة" . وتؤكد أن "السلطات ترى أن هذه المطالب تخالف التقاليد المحلية، الأمر الذي دفع بالكثيرات بالابتعاد وعدم ممارسة الشعائر أمام الحائط". وأوضحت هوفمان أن "الحركة تضم الكثير من اليهود المتدينين والإصلاحيين والمحافظين "، وترى أن "المتشددين والمغالين في التدين ينظرون إلى المراة كمواطن من الدرجة الثانية داخل المعبد، ويطالبونها بالصلاة من خلال تحريك الشفاة من دون صوت، إنهم لا يعتبرونها جزءًا من المجال العام". كما تضع هوفمان حملة "نساء الحائط" في سياق أوسع، إذ يمتد ويتسع نفوذ التعاليم الدينية المتشددة والمغالية في الحياة العامة في المجتمع الإسرائيلي، وخلال السنوات الأخيرة، بذل المتشددون جهودًا فائقة من أجل الفصل بين الرجل والمرأة في وسائل المواصلات العامة والعيادات الطبية وطوابير السوبر ماركت، وعلى الأرصفة وخلال المناسبات العامة والخاصة. ويطالبون بمنع المرأة المجندة من الغناء في حضور زملائها من الرجال وإزالة صور النساء من لوحات ولافتات الإعلان. وتقول هوفمان التي تعمل أيضًا مديرة لمركز الدعاوى الدينية الذي يكافح الفصل بين المرأة والرجل وإقصاء المرأة ، إنها "في كل يوم تتلقى شكاوى في هذا الشأن، وآخر تلك الشكاوى الفصل بين النساء والرجال أمام صنابير مياه الشرب في مدافن بتاح تكفا". وكانت الشرطة الإسرائيلية قد اعتقلت هوفمان أمام الحائط في أربع مناسبات، وفي إحدى هذه المرات، تم تقييدها وتفتيشها واحتجازها داخل زنزانة ليلة كاملة ، كما تتلقى مكالمات تليفونية مهينة وبذيئة في منزلها. وستعود هوفمان وغيرها من النساء الناشطات في الحملة إلى الحائط في الـ 25 من شباط/فبراير الجاري وهن يرتدين شال الصلاة ، وتقول شرطة القدس إنها "ستعتقل أي امرأة تتحدى القانون من خلال ارتداء ملابس محرمة".