رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر أثارت الجدل في حياتها وموتها، الجدل بلغ أوجه حول مراسم تكريم "المرأة الحديدية".وانقسم البريطانيون حول طبيعة مراسم دفن رئيسة وزراء بلادهم السابقة مارغريت تاتشر، مثلما انقسموا حول تقييم إرثها السياسي، وأعلنت الحكومة البريطانية أن مراسم دفن البارونة تاتشر ستتم الأربعاء. وقررت الحكومة أن تقام لأول امرأة تتولى حكم بريطانيا تشريفات عسكرية في كاتدرائية سانت بول، بعد تشييعها من وستمنستر إلى الكاتدرائية، وهذه الإجراءات تماثل تلك التي شيعت بها الأميرة ديانا والملكة إليزابيث الأولى كما نقلت جريدة "الشرق الأوسط". ومن المقرر أن يشارك في مراسم التشييع رئيس الوزراء المحافظ ديفيد كاميرون إلى جانب شخصيات سياسية كثيرة، كما ستحضرها الملكة إليزابيث، التي كانت علاقاتها مضطربة مع تاتشر، وزوجها دوق أدنبره. ومن المرجح أن تكون جنازة تاتشر، التي تصاحبها كل المراسم العسكرية، أعظم جنازة لسياسي بريطاني منذ الجنازة الرسمية التي نظمت لتشرشل عام 1965. وكان نواب محافظون قد طالبوا بإجراء مراسم دفن وطنية، وذلك عبر موقع "تويتر"، لكن على الإنترنت تكاثرت العرائض المطالبة بعدم إثقال كاهل دافعي الضرائب، موصين بـ"خصخصة" دفن السيدة التي كسرت دولة الرعاية وكانت من أنصار "الخصخصة"، وكتب أحد رواد الإنترنت ساخرا: "الطريقة المثلى لتكريم ماغي هي نقل مراسم دفنها إلى الصين". وأفاد المتحدث باسم تاتشر، تيم بيل، بأنها لم تكن ترغب أصلا في مراسم وطنية "ولا عائلتها". كما أنها لم تكن تريد عرض جثمانها ولا "عرضا جوياً" لأنها كانت "تعتبر ذلك هدرا للمال". وقالت وكالة "رويترز" بأنه سيتم حرق جثمان الفقيدة في مراسم خاصة.وبعدما قرر البرلمان قطع عطلة الربيع لإحياء ذكرى تاتشر، يفترض أن يجتمع النواب واللوردات، اعتبارا من الساعة الثانية والنصف، ظهر اليوم (الأربعاء)، ويفترض أن يتوصلوا إلى اتفاق حول رسالة تكريم تقدمها الحكومة، مما يرجح أن يثير جدلا نارياً مجدداً.وبينما كان جزء من البلاد يبكي "قائدة عظيمة"، نزل مئات الأشخاص، مساء أول من أمس، إلى الشوارع في لندن وغلاسكو وبريستول احتفالا بوفاة "المرأة الحديدية" المتهمة بالتضحية بالصناعة البريطانية عبر إغلاق المناجم، وتقليص تأثير النقابات، وإبداء الصرامة التامة حيال الجيش الجمهوري الايرلندي. وينعكس تضارب الرأي هذا في استطلاع نشرت نتائجه صحيفة الـ"غارديان" يفيد بأن 50% من البريطانيين اعتبروا أن ما قدمته للبلاد إيجابي، مقابل 34% يرون العكس. واعتبر نحو ثلثي المشاركين البالغ عددهم 965 أنها ساهمت في تطوير العقليات حيال دور النساء في المجتمع.وخلال حياتها السياسية، أشاد بها البعض على أساس أنها كانت من مؤيدي الحداثة، وأنها غيرت وجه البلاد، في حين اتهمها آخرون بحدة بترسيخ الفجوة بين الأغنياء والفقراء. والصور التي تتبادر إلى الذهن عن فترة توليها رئاسة وزراء بريطانيا (1979 - 1990) ستظل تلك المتعلقة بالصراع؛ مواجهات عنيفة بين الشرطة ونقابة عمال المناجم، وركوبها دبابة مرتدية وشاحا أبيض، وتصاعد الدخان في سماء ميدان الطرف الأغر، خلال أعمال شغب، حول ضريبة محلية، مما أدى في نهاية الأمر إلى سقوطها. وبخصوص السياسية الخارجية، اصطدمت تاتشر على مدى 11 عاما قضتها في السلطة، مع الاتحاد الأوروبي، ووافقت على إعادة مستعمرة هونغ كونغ إلى الصين، وخاضت حربا لاستعادة جزر فوكلاند من الغزاة الأرجنتينيين. ووثقت العلاقة مع رونالد ريغان رئيس الولايات المتحدة خلال حقبة الحرب الباردة، وأيدت الرئيس جورج بوش الأب في حرب الخليج عام 1991، وأعلنت أن الزعيم السوفياتي ميخائيل غورباتشوف رجل يمكن التعامل معه. وعارضت فرض عقوبات على جنوب أفريقيا كوسيلة لإنهاء التمييز العنصري، وكانت مؤيدة بقوة للديكتاتور التشيلي الراحل أوغيستو بينوشيه.