البرلمان الجزائري

أثار قانون جديد وضعته الحكومة الجزائرية وأقرّه البرلمان لحماية المرأة من العنف الأسري وأعطاها حق ملاحقة زوجها قضائيًا في حال اعتدى عليها جسديًا، خلافًا حادًا تحت قبة البرلمان بين نواب ينتمون إلى 5 أحزاب متشددة من جهة ووزير العدل الجزائري حافظ الأختام الطيب لوح من جهة أخرى.
 
يأتي ذلك في وقت رفضت جمعيات نسائية مغربية مشروع قانون أقرّته حكومة «حزب العدالة والتنمية» المتشدد برئاسة عبد الإله بن كيران، لإقرار المناصفة وحظر التمييز ضد المرأة بحجة أنه لا يرقى إلى تطلعاتهن.
 
واتهم النواب المتشددون في الجزائر الحكومة بـ "الانسلاخ تدريجاً من الشريعة الإسلامية"، فيما رفض الطيب لوح "هذه الاتهامات الباطلة"، مؤكداً أن الحكومة "لا تشرع أبداً لتفكيك الأسرة".
 
وكرس القانون الجديد المثير للجدل حماية المرأة من الاعتداءات الجسدية داخل الأسرة، وصنف العنف ضد الزوجة و «التحرش» في الأماكن العامة ضمن الجرائم الجنائية.
 
وتضمن القانون الجديد مواد تقر حماية الزوجة من الاعتداءات المتعمدة التي تسبب لها جروحًا أو عاهات أو تؤدي الى بتر أحد أعضائها أو الوفاة، مع إدراج عقوبات متناسبة مع حجم الضرر. كما نص على استحداث مادة لتجريم أي شكل من أشكال التعدي أو العنف اللفظي أو النفسي أو المعاملة المهينة.
 
وصادقت غالبية في البرلمان الجزائري على القانون على رغم طعن نواب محسوبين على المعارضة. وشكك نواب تكتل «الجزائر الخضراء» (3 أحزاب متشددة) و «جبهة العدالة والتنمية» و «البناء الوطني»، بجوهر المشروع، معتبرين أنه «يتنافى مع مبادئ المجتمع الجزائري وثقافته».
 
وانتقد نواب المعارضة تمرير القانون بطريقة «من شأنها المساس باستقرار الأسرة وتعرضها للمؤامرة والتفكيك»، لاسيما أنها أتت بعيدةً من «فلسفة قانون الأسرة المستمدَّةِ مبادئُه من الشريعة والتراث الجزائري». وأكدوا للرأي العام أنهم تبرأوا من هذا القانون وطالبوا بسحبه.
 
ورد وزير العدل على الانتقادات قائلًا: «إذا لم نتخذ أي إجراء فنحن نخالف الأحاديث والآيات الكريمة، وليس العكس». واستغرب انتقادات المتشددين، مشيرًا إلى أن القانون صدر عن «حكومة جزائرية ووزير عدل منتخب من الشعب... يعني أننا نعرف الواقع». وأضاف: «اسمحوا لي، أنا لا أقبل هذا الاتهام الخطر جداً»، مؤكداً أن «الحكومة لا تشرع قوانين لتفكيك الأسرة».
 
في المقابل، وجهت حركة «البناء الوطني» أمس، رسالة إلى الجزائريين تحذرهم فيها من القانون الجديد، داعيةً «المجتمع الجزائري إلى التفطن لما يُحاك والعودة الى الأخلاق الأصيلة والتربية الاجتماعية التي تشكل الحصن الحصين في مواجهة التهديدات المختلفة لمستقبل العائلة الجزائرية». ودعت الحركة «الأئمة والمربين إلى تحصين المجتمع من أخطار الانزلاقات المختلفة على المرأة والأسرة، التي لا تُبنى إلا في ظل المودة بين الزوجين والرحمة مع الأبناء».
 
واعتبرت «حركة مجتمع السلم» أن «الدستور في مادته الـ28 يقر المساواة بين الرجل والمرأة»، وتعتقد أن في ذلك «تقليداً للنظام البائد في تونس (نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي)، وتلك كارثة».
 
من جهة أخرى، انتقد خبراء مستقلون ثغرة في القانون الجديد، إذ رأوا أنه يخل بمبدأ المساواة بين الجنسين المكرّس في الدستور، بمعنى أنه يجيز للمرأة الاحتماء بقانون خاص في حال تعرضت لاعتداء من الزوج، أما في حال وقع العكس، فعلى الرجل اللجوء إلى القانون العام.