قطعة من القماش الأسود تخفي وراءها خيوط الليل أو السلاسل الذهبية. كيف لها أن تكون حرة دون كبت؟ كيف يتسنى لأنثى تعيش في الشرق الإسلامي أن تكون قادرة على أخذ جميع حقوقها من الرجل؟ تلك هي الصورة النمطية لدى الغرب حول المرأة في الشرق الأوسط، فهي الجنس الثاني من البشر الذي يتحكم به الرجل ويسلبه حقوقه، تعيش في قمع وعجز، وهذا هو السبب الرئيسي الذي دفع 12 فتاة يعملن كمصورات فوتوغرافيا إلى تبني فكرة معرض لصور تم التقاطها بالشرق الأوسط، يعتبر الأول من نوعه في الولايات المتحدة الذي يهدف إلى تحدي الرأي السائد بأن المرأة المحجبة تعيش في قمع وعجز وكبت. أقيم هذا المعرض الذي افتتح الثلاثاء الماضي في متحف بوسطن للفنون الجميلة بالولايات المتحدة، على أساس أن الشرق الأوسط ليس ذلك الجزء من العالم الذي يشتهر بالحفاظ على حقوق المرأة، لكن الغرب المعروف بتفتحه وحبه للمساواة أحيانا تحدث به أشياء مماثلة لما يحدث بالشرق. يهدف المعرض إلى إظهار "حياة ما وراء الحجاب"، من خلال عدة صور التقطت في عدد من الدول العربية وإيران، لتفتح موضوعات للمرأة غير مطروقة؛ مثل الهوية الجنسية والحرب والسلام والمجتمع والسياسة وملامح العمل، وغيرها من الأشياء التي تعيشها المرأة في الشرق الإسلامي غير الكبت والعجز. صور قديمة تعود لعدة سنوات مضت، تُظهر وجهة نظر المصور وليس وجهة نظر الوسيلة الإعلامية، لعرض الحقيقة مجردة وليس داخل إطار الأخبار، ما جعل المعرض يتحدى الحقائق الدينية المغلوطة لدى العالم الغربي في الشرق الأوسط. أظهرت بعد الصور أيضا معنى الأنوثة في الشرق الإسلامي، وذلك من خلال فتاة لا ترتدي الحجاب، تقف ممسكة بقطتها وسط أنواع كثيرة من أدوات التجميل والماكياج والألوان، وعلى الجانب الآخر عرض صور ثلاث نساء تقفن في ملعب لكرة القدم تعدلن من حجابهن، كدليل على أنه ليس شكلا قمعيا أو أنهن تلبسنه غصبا، بل هن حريصات على عدم إظهار شعورهن. لم يغفل المعرض أيضا فكرة التعايش مع الحرب، وكيف يكون دور المرأة في تلك الأثناء، فقدمت رولا حلواني صورة غير عادية لامرأة وقفت بمنزلها الذي دُمِّر أثناء الحرب، كما تطرق للحياة الطبيعية للأنثى مع أسرتها، فجاءت صورة لسيارة على الشاطئ يجلس بجانبها أفراد الأسرة يستمتعون بالوقت، أما اللبنانية رانيا مطر فقدمت عدة صور، منها فتاة تنظر من نافذة منزلها في بيروت. وكان ضمن الصور ما قدمته الفنانة الإيرانية شيرين نشأت، التي وضعت عدة صور لسيدة وابنتها ودمية الفتاة توضح وضع المرأة وشكلها الفعلي في الشرق الإسلامي وما يتم تداوله في الغرب، فيما ذهبت مصورة مغربية إلى تغيير فكرة الصورة النمطية التي تقول إن المرأة في الشرق الأوسط ما هي إلا "حجاب" أو "حريم للرجل"، وذلك عن طريق تصوير فتيات بدون حجاب تزيِّنَّ أجسادهن بالحنة كنوع من الجمال والتدلل. شاركت في المعرض المصورات جنان العاني وبشرى المتوكل وجوهر داشتي ورنا النمر ولالا السيدي وشادي غدريان وتانيا هابجوكا ورولا حلواني ونيرمين همام ورانيا مطر وشيرين نشأت ونشوى تافاكوليان، ومن المقرر أن ينتهي 12 من يناير من العام المقبل.