تقوم وزارة الصحة الجزائرية منذ أعوام بحملات توعية واسعة لإقناع الأمهات بضرورة «الرجوع» إلى الرضاعة الطبيعية لأطفالهن لحمايتهم من الأمراض وضمان نموّ سليم لهم، والكف عن الاعتماد الكلي على الرضاعة الصناعية، التي تفشت على نطاق واسع في السنوات الأخيرة، في ظل تزايد خروج المرأة الجزائرية للعمل. تأتي هذه الحملة بعد أن أكد «المعهد الوطني للصحة العمومية» أن عدد الأمهات اللواتي يتممن إرضاع أطفالهن من صدورهن حولين كاملين قد انخفض من 12 بالمائة في سنة 2010 إلى 7 بالمائة فقط في سنة 2011، ولم يُصدر المعهد بعد أرقاماً خاصة بسنة 2012، وإن كانت الأوساط الطبية تتخوف من تراجع آخر لنسبة الرضاعة الطبيعية بالبلد. وأبدت مسؤولة برنامج التغذية بوزارة الصحة زكية فضيل الشريف استغرابها من هذه النسب المتدنية للرضاعة الطبيعية في الجزائر مقارنة بما هو سائد في بلدان أخرى، حيث تتراوح بين 30 و47 بالمائة لدى دول الجوار، بينما ناهزت حدود الـ95 بالمائة في الدول الاسكندنافية بفضل سياسات التوعية الاجتماعية التي تُعتمد هناك على نطاق واسع. وتنتشر قارورات الرضاعة الاصطناعية، البلاستيكية والزجاجية، في مختلف المحلات بالجزائر، وحتى محلات المواد الغذائية تقوم ببيعها، كما تنتشر على نطاق واسع مختلفُ أنواع الحليب الاصطناعي المستورَد من بلدان عديدة، وخاصة سويسرا وهولندا، والموجّه إلى تغذية الطفل، ويلقى إقبالاً كبيراً من الأمهات، وبخاصة الأمهات الشابات والعاملات. ويأتي خروج المرأة بكثافة إلى العمل في العقود الأخيرة في مقدمة أسباب الإفراط في اللجوء إلى الرضاعة الاصطناعية، وتكاد الأمهات العاملات لا يُرضعن أطفالهن من صدورهن بشكل مشبع سوى في الأشهر الثلاثة الأولى التي تلي الولادة، حيث يستفدن من عطلة الأمومة، وبعدها يبدأ الاعتماد بإفراط على الرضاعة الاصطناعية التي تتكفل بها المربِّيات، بينما تعود النساءُ العاملات إلى بيوتهن كل مساء منهَكات من العمل ليجدن أشغال البيت في انتظارهن، فلا يتفرغن لإرضاع أطفالهن إلا قليلاً، وبمرور الوقت يصبح اللجوء إلى الرضاعة الاصطناعية «عادة» سهلة ومريحة للمرأة العاملة التي تواجه أعباء متعددة، فلا تكاد تشعر بتأنيب الضمير لإهمالها إرضاع صغيرها من صدرها.