عمان - ايمان يوسف
تعاني سائدة "اسم مستعار" وهي موظفة في القطاع الخاص من مشكلة تبدو للوهلة الأولى مشكلة صغيره وعادية، ولكنها اضطرتها إلى ترك العمل على الرغم من مطالبتها لصاحب العمل إيجاد حل لمشكلتها دون جدوى.
وسائدة سيدة أربعينية تعاني من مرض السكري منذ سنوات، قالت "الأمر يتطلب مني الذهاب إلى دورة المياه كثيرًا خلال اليوم الواحد، وقد واجهتني هذه المشكلة أثناء ذهابي وعودتي للعمل، كما واجهتني داخل المؤسسة التي أعمل فيها لذلك تحتاج الى استخدام المواصلات للوصول إلى مكان عملي، ويستغرق ذلك مدة تتراوح بين نصف ساعة إلى ساعة ونصف حسب أزمة المواصلات، لذلك تضطر في أكثر من مرة لاستخدام دورة المياه، ولكن للأسف لم تجد أي مكان يوفر هذه الخدمة العامة، مما دفعها إلى الاستئذان من بعض أصحاب المحلات لاستخدام دورات المياه لديهم، بما يحمله ذلك من مخاطرة وخوف حيث تكون تلك الدورات في مكان خلفي للمحلات التجارية أو في الطابق العلوي، إضافة الى أن معظمها لا تحتوي على أقفال داخلية صالحة للاستعمال، والنظافة شبه معدومة.
كما أنها لم تكن تجرأ العودة إلى المكان نفسه إذا اضطرت في يوم آخر إلى استخدام دورة المياه تجنبًا للشبهة أو الإحراج، وتابعت سائدة "في مكان عملي لا يوجد إلا دورة مياه واحدة أستخدمها أنا وخمسة موظفين آخرين ذكور، وهي أيضًا غير نظيفة في أغلب الأحيان وقديمة والمياه في معظم الأوقات مقطوعة، الأمر الذي لم يعد يحتمل خاصة وأنا أستخدمه كثيرًا بسبب مرضي، وطلبت من صاحب العمل تجديده وتأمين طريقة لتكون المياه متوفرة باستمرار، إلا أنه لم يستجب لطلبي، وزاد من معاناتي استخدام باقي الموظفين لدورة المياه بطريقة مؤذية من الناحية النفسية كما امتنعت عن الأكل والشرب في مكان العمل تفاديًا لدخول دورة المياه، وحاولت جاهدة الانتظار حتى عودتي إلى المنزل، إلا أن كل ذلك أدى إلى حصول مزيد من المشاكل الصحية لي، مما دفعني الى اتخاذ قرار بترك العمل والبقاء في المنزل.
من جهتها قالت جمعية المعهد الولي لتضامن النساء "تضامن" بأن توفير خدمات الصرف الصحي بخاصة دورات المياه الآمنة والنظيفة في الأماكن العامة والمدارس وأماكن العمل، ستؤثر بشكل إيجابي على تعليم الفتيات وإنتاجية النساء العاملات واستمرارهن في العمل.
وطالبت "تضامن" بأن تشمل جولات تفتيش العمل التي تقوم بها وزارة العمل دورات المياه، بخاصة في المصانع والمؤسسات التي تعمل فيها نساء، والتأكد من أن النساء قادرات على الاستخدام الآمن لهذه الدورات بما توفره من متطلبات السلامة والنظافة، وإلزام أصحاب العمل الذين يستخدمون خمسة عمال فأكثر بتخصيص دورة مياه للنساء.
إن الالتزامات المترتبة على الدول بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان ترتب عليها أن تكفل لكل شخص إمكانية الحصول على مياه الشرب المأمونة للاستخدامات الشخصية والمنزلية، وأن تكفل سبل الوصول الى الصرف الصحي الملائم، بوصفه عنصرًا أساسيًا لكرامة الإنسان وخصوصيته.
وبينت تضامن أن النساء عندما تفكر في الخروج من المنزل الى السوق، فإن أكثر ما يثير قلقهن هو عدم وجود دورات مياه عامة في معظم المدن الأردنية، بخاصة إذا كان برفقتهن أطفال أو كن كبيرات في السن أو يعانين من أمراض مزمنة كالسكري، وتضطر العديد منهن إلى العودة إلى منازلهن من دون إتمام المهام التي خرجن من أجلها، لا بل بعضهن لا يخرجن من الأصل عند تفكيرهن في هذا الجانب، كما أن توفير دورات مياه عامة لوحده لا يكفي، فيجب أن تكون هذه الدورات نظيفة وآمنة بخاصة للنساء، وتخضع للصيانة الدورية، فإن لم تكن كذلك فلن يتم استخدامها على الأرجح تفاديًا لانتقال الجراثيم والأمراض.
ولعدم وجود دورات مياه في أماكن العمل له تأثيرات كبيرة على الشركات بسبب المشاكل التي تتعرض لها القوى العاملة، كاعتلال الصحة والتغيب عن العمل وقلة التركيز والإنهاك وانخفاض الإنتاجية، وقد قدر بأن تحقيق وصول 50% من الأشخاص إلى الصرف الصحي والمياه الآمنة يؤدي إلى تقليل عدد أيام الإجازة المرضية بـ 322 مليون يوم عمل عالميًا كل عام، ويوفر لقطاع الصحة نحو 7 مليارات دولار.
إضافة إلى أنه تتم خسارة 260 مليار دولار تقريبًا كل عام على النطاق العالمي نتيجة مرافق الصرف الصحي الرديئة والمياه غير الآمنة في جوانب عدة من الاقتصاد.