الإماراتية خديجة يندر

تعدُّ قصّة خديجة يندر من النوادر في زماننا هذا، لا لأنها شقت طريق تعليمها في كبر، فلهذا قد خلقت فصول محو الأمية وتعليم الكبار، ولا لأنها امرأة، فالمرأة في الإمارات أصبحت رائدة في المجالات كافة، بل لأنَّ خديجة، ذات الستين عاماً، تحتضن بين جوانحها 20 حفيداً وعشرة أبناء، أربعة منهم أبناء ضرّتها، الذين تعهدتهم بالعناية والرعاية كأفضل ما يكون، وجمعت كل هؤلاء في منزل واحد، خلال 30 عاماً من التعب والسهر والتربية، قصة كفاح جليلة توجّتها خديجة بنجاح باهر، وفرحة غامرة تملكتها حين نجحت في الثانوية العامة، بمعدل 82.2%.
كانت خديجة الأم والأب في آن واحد، ترعى وتدلل وتوجه وتعلم، وهي أمية لا تقرأ ولا تكتب، ولكن كان حلمها دائماً وأبداً أن تصل إلى مصاف الأوائل والمتفوقين، حتى يتسنى لها أن تكرّم من طرف نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.
وتعتبر المواطنة خديجة أحمد عمران، التي تبلغ من العمر 60 عاماً، والتي أدّت دوراً مهمّاً في حياة أسرتها، العمود الفقري الذي يتكئ عليه الكبير والصغير، إذ اعتمدت عليها والدتها منذ صغرها في معاونتها على تربية أخواتها، وكانت فكرة التعليم في ذلك الوقت أمراً صعباً على الفتاة، ولكنها احتفظت بتلك الرغبة داخلها، حتى بلغت سن الأربعين، عندها كان أبناؤها في عمر الزهور، وكانوا يدرسون، فتحمّست أن تلتحق بمركز "جمانة بنت أبي طالب" في منطقة اليرموك في خورفكان.
ووجدت خديجة التعليم في الكبر كالنقش على الماء، ولكن حلمها بإنهاء الثانوية العامة ومجاراة تغيرات الحياة، جعلها تكافح تعليمياً وفي تربية أبنائها، فكانت لا تكل ولا تمل في العمل في البيت، وخدمة أبنائها، ومن دراستها، ونظراً إلى ضغوط الحياة والظروف، انقطعت خديجة عن الدراسة لأعوام، ولكنها عادت إليها بحماس قوي، مدعم بأبناء حصلوا على الشهادات الجامعية، ويعملون في أماكن مرموقة في الدولة، ولديها 20 حفيداً، تعمل على تربيتهم بكل حب.
وروت خديجة أنّها "كانت تبذل أقصى جهدها حتى وصلت إلى هذا المجموع، فكانت لا تنام بشكل جيد، وكانت قلقة بشأن الامتحانات، ولكن دعم أبنائها وتشجيعهم لها كانا يخففان عنها القلق والتوتر"، موضحة أنها "اختارت القسم الأدبي، لكونها أحبت المواد الأدبية، وانصرفت عن المواد العلمية، لكونها تحتاج إلى نسبة تركيز عالية".
وأضافت "أطمح إلى أن يكرمني صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، على مسيرة عمل كان طريقها شوكاً، ولكنني كسرته".