القاهرة - وكالات
أكدت الاختصاصية في العلاج النفسي-العائلي إستير بو أنطون في حديثها الأسبوعي لـ"الجمهورية" أنّه "بالاضافة الى العناية الصحيّة خلال فترة النموّ، يحتاج الولد الى عناية نفسيّة وتربويّة متوازنة أيضاً، حيث أن إعطاءه الثقة يُعتبر من أهمّ المستلزمات التي تساهم في نموّه بشكل سليم". وتابعت بو أنطون موضحةً أهميّة الثقة المعطاة الى الأولاد على الصعيد النفسي، وقالت، "إن منح الثقة لأولادنا يعني جعلهم يشعرون أننا نصدّق ما يقولونه، وأننا نؤمن بقدراتهم على التصرّف السليم، على النجاح المدرسي أيضاً وإنجاز أمور كثيرة تتناسب مع أعمارهم: كالقدرة على النجاح في ممارسة رياضة ما أو نشاط فنّي معيّن، بالاضافة الى إقامة علاقات إجتماعيّة سليمة ومتوازنة". ... وتكوين نظرة ذاتية وأوضحت المعالجة النفسية في حديثها أنّ الثقة تجعل الولد يكوّن فكرة معيّنة عن نفسه، "فتكون إيجابية إذا شعر بثقة أهله ودعمهم له، أما في حال فقدان الثقة واستخدام الأهل لألفاظ وتعابير محطّمة لنفسيّة الولد وشخصيّته، عندئذٍ تكون نظرته لذاته سلبية". وبما أن الشعور بالثقة يخضع الى عامل الوقت "ويتطوّر مع التقدّم في العمر وتطوّرالخبرات الحياتيّة المختلفة منذ الطفولة، وصولاً الى مرحلة الشيخوخة"، دعت بو أنطون الاهل الى "منح أبنائهم الثقة خصوصاً في مراحل الطفولة الاولى، حيث أنّه من الضروري منح الولد الثقة من قبل الأهل والاشقاء والأقارب والأساتذة والأصدقاء". الثقة تعني الأمان وما يساهم في منح الولد شعوراً أكبر بالثقة بنفسه وبأهله، هو شعوره بأنّه محاط بالعناية والعاطفة والاهتمام والأمان، وبأنّ أهله يولونه أهميّة كبيرة "فإذا بكى الولد لسبب ما وشعر باهتمام أهله الكافي به ومواساتهم له، فهذا يمنحه شعوراً داخلياً بأنّه محبوب وبأنّه مهمّ... وفي فترة لاحقة إذا أصغى الأهل لحديث ولدهم لدى إبداء رأيه في موضوع معيّن، وتركوه يختار ما يريد من ألعاب أو أفلام أو أيّ شيء يخصّه، فهذا يمنحه شعوراً بالثقة وبقدرته على القيام بما يريد والتعبير عن رأيه وإحتياجاته من دون أن يُقمَع أو يُعاقَب". ومن عوامل إكتساب الثقة بالذات ذكرت بو أنطون حاجة الولد الى الشعور بأنّه جميل ومحبوب "فهذا الشعور يمنحه انطباعاً وثقةً بأنّ لديه مكانة خاصة في محيطه، وأنّ لديه دوراً يلعبه في المجتمع فيما بعد". للأمان ... متطلّباته وبما أنّ شعور الولد بالثقة وتعزيزها يتطلّب تواجده في محيط آمن، ذكرت المعالجة النفسية متطلّبات الأمان: 1 - الاستقرار العائلي: الذي يمنح الولد الشعور بالثقة، "حين يكون الجوّ العائلي مستقراً ويعيش فيه الأفراد بشكل طبيعي ومن دون صراعات عائليّة حادّة، فإنه يؤثّر إيجاباً في نموّ شخصيّة الولد ويمنحه شعوراً بالأمان والثقة بنفسه". 2 - المتابعة: متابعة الأهل لبرنامج ولدهم والمحافظة على نمط عيش ثابت ومنظّم، هو أيضاً عامل إيجابي يمنحه الشعور بأنّه محاط بأهله ومحميّ من كلّ ما يهدّد حياته من خطر أو عدم إستقرار. 3 - الإحترام والثبات: إحترام الآخرين وعدم تخطّي الحدود في التصرّف تجاههم، هو أيضاً عامل تربوي يساهم في خلق الثقة لدى الأولاد. وهنا لفتت بو أنطون الانتباه الى أنّ "تطبيق القواعد العائليّة يجب أن يكون ثابتاً من قبل الأهل، أي من الضروري أن يبتعدوا عن المزاجية في تطبيق القواعد تجاه أولادهم"، فالثبات في النظام العائلي والتربوي يمنحهم -أي الاولاد- الشعور أن المربّين والأهل هم موضع للثقة وأنّ في إمكانهم الاعتماد عليهم. لكن، تجدر الاشارة الى أنّ "تطبيق نظام معيّن في البيت والمدرسة لا يعني التصلّب، بل يعني الوضوح في ما يُطلب من الولد مع ليونة حين تستدعي الحاجة". 4- الوالدان مثال أعلى: من المهمّ أن يكون الوالدان مثالاً أعلى لأولادهم في ما يقولونه أو يفعلونه، فهذا يقوّي ثقة أيّ ولد بأهله، ويشعره بأنّهم مصدر ثقة وأمان. • وفي الختام، دعت بو أنطون الاهل الى "النظر لصفات اولادهم الإيجابية وليس السلبية" حيث أنّ "الأساليب السليمة في التربية لمنح الولد الثقة ترتكز على أن ننظر الى الصفات الايجابية التي يتحلّى بها الولد وليس الى السلبية منها"، مشددةً على أنّ "منح الثقة للولد يتطلّب من الأهل عناية ووقتاً خاصّاً يكرّسونه للاهتمام به، ليلمس الولد أنّه محبوب ومحاط بالاهتمام والعناية الوالديّة المناسبة".