واشنطن - العرب اليوم
أثبتت الدراسات أن تخفيف الضغط على الموظفين هو السبيل لزيادة إنتاجيتهم ووجدت كثير من الشركات في انتشار الهواتف الذكية وإمكانية وصول موظفيها إلى بريدهم الإلكتروني في أي وقت، فرصة لتحميل هؤلاء الموظفين أعباء لا تطاق، ولكن شركات اليوم بدأت بتغيير هذا النهج بعد أن رأت "آثاره السلبية" على إنتاجية العاملين. فشركة "فولكس فاغن" الألمانية مثلا بدأت بتعطيل البريد الإلكتروني لموظفيها بعد دقائق من انتهاء فترة عملهم، بينما يحرص "غولد مان ساكس" على إقناع المحللين الماليين الجدد لديه بالاستمتاع بعطل نهاية الأسبوع، أما "بي إم دبليو" فتسعى إلى منع المدراء من الاتصال بموظفيهم بعد انتهاء فترة عملهم. كل هذا الإحسان ليس لأن الشركات وإداراتها أصبحوا أكثر حنانا ولطفا، بل لأنهم أدركوا أن تلك الممارسات تصيب إنتاجية العاملين في مقتل وهذا ما لا يريدونه. ووضعت بعض الشركات قوانين جديدة تضع حدودا للوصول إلى العاملين خارج أوقات عملهم، لأن هذه الشركات علمت عبر دراسات أن الموظف الناجح والذي يؤدي عمله بأفضل وقت يجب أن يكون قادرا على "الهرب من العمل" أي الاستمتاع بعطلته بعيدا عن أجواء الضغط. كاري أندرسون، البروفسور في علم النفس والصحة في جامعة لانكستر البريطانية قال إن "إمكانية الوصول الحتمي للموظف عبر هاتفه أو كمبيوتره اللوحي خارج أوقات العمل لا تجدي نفعا في زيادة الإنتاجية، بل تسهم في زيادة إرهاق الموظف وبالتالي ضعف إنتاجيته خلال أوقات العمل الرسمية". دراسات أخرى أظهرت أن تلك الضغوط وما قد تؤدي إليه من ترك الموظفين لعملهم توجب على الشركات مصاريف ليست بالقليلة للبحث عن بدائل. ووفقا لدراسة أجراها "مركز التقدم الأميركي" فإن كلفة استبدال موظف بآخر قد تصل لحوالي 20 % من راتب الموظف العادي، وقد تصل إلى 213% من رواتب الموظفين ذوي المناصب العليا وبالتالي فإن تلك الضغوطات التي يتعرض لها الموظفون تنعكس سلبا على أداء المؤسسة. وبعد كل هذه المخاوف بشأن تعريض العاملين لضغوط كبيرة بدأت الشركات بالبحث عن أساليب لراحة موظفيهم وضمان زيادة إنتاجيتهم. فبنك "غولد مان ساكس" قرر عند توظيف محللين ماليين مبتدئين ألا يحتوي العقد على فترة تجريبية ليشعر الموظف باستقرار قد يزيد إنتاجيته. وظروف العمل في البنوك الأميركية خاصة كانت مثار نقد كبير وتحديدا بعد وفاة متدربة في مصرف "بنك أوف أميركا" في لندن بعد نوبة صرع قال الأطباء إن سببها التعب. وعلى الرغم من الإيجابيات التي قدمتها التقنية في دفع عجلة قطاع الأعمال، إلا أن الدراسات تشير إلى أثر سلبي في بعض الجوانب على الأداء الوظيفي. فمع الإنترنت الذي يتيح للموظف القيام بكل شيء وهو جالس على مكتبه، فإن ساعات العمل الطويلة تلك وعدم وجود فواصل يبتعد بها الشخص عن الكمبيوتر تؤثر سلبا على الإنتاجية، لأن تلك الفواصل هي التي تساعد الموظف على تجديد نشاطه والعمل بشكل مستمر وفقا لما قال إدوارد تينر مؤلف كتاب "واي ثنغز بايت باك" الذي يتحدث عن الأثر السلبي للتقنية.