الكاتب البريطاني روبرت فيسك

تساءل الكاتب البريطاني روبرت فيسك عن السبب وراء الشعور لدى الانتهاء من قراءة التقارير الصحفية اليوم أن التاريخ كأنما بدأ بالأمس، أو قبل أسبوع على أقصى تقدير .
وقال فيسك - في مقال نشرته الإندبندنت اليوم - إن الصحافيين فيما يبدو مصابون بداء فقدان الذاكرة المؤسسية أكثر من غيرهم.. ودلل على صدق قوله برصد تقارير حول التصعيد الإسرائيلي على الفلسطينيين في قطاع عزة من عدد متنوع من المصادر الصحفية، مفادها جميعا أن "إسرائيل منذ أسبوع تقصف غزة للحيلولة دون إطلاق حركة حماس صواريخها صوب إسرائيل، وأن الفلسطينيين يعانون، لكنها غلطة حماس.. وأن ثمة مشكلة".
ثم كشف فيسك عن أن هذه التقارير الصحفية قديمة؛ بعضها يعود إلى أواخر ديسمبر 2008 وأوائل يناير 2009...وقال "مع ذلك ليس ثم من يذكرنا اليوم أن المذبحة القائمة على الجانبين إنما هي تكرار وإعادة لما حدث من قبل".
ونوّه فيسك عن تدوين المؤرخ الإسرائيلي اليساري إيلان بابيه "كيف أفادت منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية "بتسليم" في 28 ديسمبر 2006 مقتل 660 فلسطينيا في ذلك العام وحده ، معظمهم من غزة، بينهم 141 طفلا؛ وأنه منذ عام 2000 قتلت القوات الإسرائيلية نحو 4 آلاف فلسطيني فيما أصابت 20 ألفا بجروح" .
ولفت فيسك إلى أن هذا التأريخ من جانب بابيه لم يرد له ذكر نهائيا في أي من التقارير الأخيرة عن الحرب في غزة .
وتساءل فيسك عن السبب وراء مشاركة القراء ، فضلا عن الصحفيين ، فيما أطلق عليه اسم "محو جماعي للذاكرة"؟ ..وهل هذا لأننا كسالى؟ أم لأننا لا نهتم؟ أم لأننا نخشى من أن تتسبب التفسيرات لإراقة الدم المتكرر بإسرائيل في دفع القراء إلى البحث عن أسباب أعمق، أو أن تتسبب في دفع أصدقاء إسرائيل بالخارج إلى اتهامنا نحن الصحافيين عديمي الضرر بالترويج أن إسرائيل، فضلا عن حماس الفاسدة، متورطة في حرب بلا شفقة ولا نهاية ، بخلاف ما توحي به طريقتنا في التغطية الصحفية الشبيهة بتغطية الوكالات.
وأكد صاحب المقال أن فكرة "محو الذاكرة" ليست جديدة... وضرب مثلا آخر شبيها بالمثال السابق، وهو تقارير صحفية تحذر من "اندلاع حرب أهلية ذات صبغة طائفية في كل من لبنان والعراق " .. ورأى أن هذه التقارير كانت ستبدو مألوفة جدا للقراء لو نُشرت في هذه الأيام الأخيرة، مع العلم أن بعضها منشور منذ عشرة أعوام .
وقال فيسك " أخشى أن يكون الأمر متعلق بالسياق ، في هذا المحو للذاكرة.. إنه متعلق بالطريقة التي تريد منا الجيوش والحكومات أن نفكر بها فيما يفعلون ، أو أن ننسى.. إن الأمر متعلق بتغطية تاريخية.. متعلق بمراقبة مراكز القوى على حد تعبير الصحفية الإسرائيلية أميرة هاس " .
ورأى فيسك في ختام مقاله أن "السؤال الذي ينبغي علينا طرحه كصحافيين وقراء ومشاهدي تلفاز هو "ألم نكن هنا من قبل؟ وإذا كان ذلك كذلك ، فلم التكرار في الأداء؟ ".