الشارقة ـ وام
اختتمت الليلة الماضية فعاليات الدورة الثالثة من المجلس الرمضاني لمركز الشارقة الإعلامي التي أقيمت هذا العام في مركز إكسبو الشارقة تحت شعار / في ثقافة الحوار / تضمنت سبع جلسات تناولت موضوعات متنوعة جمعت بين الثقافة والتراث والشعر والفن والرياضة والإعلام وشهدت مشاركة واسعة من شخصيات محلية وعربية وعالمية أسهمت بآرائها وتجاربها وخبراتها في إثراء ثقافة الحوار وتعزيز احترام الآخر بما يتوافق مع نهج إمارة الشارقة في ترسيخ التوافق والمحبة والتسامح.
وتناولت الجلسة السابعة والختامية التي أقيمت بحضور الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي رئيس مركز الشارقة الإعلامي جوانب تراثية وتاريخية من الحياة في إمارة الشارقة ودولة الإمارات العربية المتحدة مستحضرة بعضا من قصص الماضي بحميمية ذكرياته وأصالته وبساطته ومعانيه الجميلة لتعب ر عن توأمية المشهد الثقافي والفكري والتراثي الذي عكس هوية إمارة الشارقة الثقافية بما لديها من مكنوزات تاريخية وتراثية مختلفة ظلت على الدوام جزءا من حياة الإماراتيين رغم تطورات العصر وتعاقب الأزمنة.
شارك في الجلسة التي أدارها عبد العزيز المسلم مدير إدارة التراث والشؤون الثقافية بدائرة الثقافة والإعلام بالشارقة ثلاثة من الخبراء البارزين في التاريخ والتراث وهم الدكتورة فاطمة الصايغ أستاذة التاريخ في جامعة الإمارات و الدكتور حمد بن صراي أستاذ التاريخ القديم قي جامعة الإمارات وعمار السنجري الباحث والشاعر المتخصص في التاريخ الشفوي.
وأكد الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي أن المجلس الرمضاني في دورته الثالثة نجح في تسليط الضوء على موضوعات متنوعة كان الحوار والتفاهم القاسم المشترك بينها سعيا من مركز الشارقة الإعلامي إلى ترسيخ هذه الثقافة في المجتمع والتركيز عليها خلال مناقشة المواضيع المختلفة سواء في وسائل الإعلام أو في الحياة العامة باعتبار الحوار وسيلة لاكتساب الثقافة وأداة لتحقيق التقارب واكتشاف نقاط الالتقاء بين أطرافه تحقيقا للمصلحة الوطنية والمهنية.
وقال ان المركز سيواصل تنظيم هذا المجلس الرمضاني في الأعوام المقبلة بما يسهم في تحقيق التفاعل المعرفي بين الجهور والخبراء في المجالات التي سيتم التركيز على مناقشتها في كل دورة من دورات المجلس.
وأوضح عبدالعزيز المسل م إن تزامن انعقاد مجلس الشارقة الرمضاني مع تتويج الإمارة عاصمة للثقافة الإسلامية يعكس إلتزام الشارقة الدائم بالمعرفة والتراث واحتفائها المتواصل بالزمان والمكان بكل ما فيهما من ذكريات نحن إليها باستمرار ..مشيرا إلى أن الوثائق المكتوبة والروايات الشفوية في دولة الإمارات لعبت دورا بارزا في توثيق تاريخ الدولة على امتداد الزمن .
وأضاف أن الإماراتيين استعانوا بالشعر في تسجيل الأحداث التي مرت بها الدولة كما عمل الرحالة الذين زاروا الإمارات قديما على كتابة مشاهداتهم لما رأته عيونهم أو سجلته آذانهم من تفاصيل وإن كان بعضها لم يخلو من التحي ز والب عد عن الموضوعية باعتبارهم غير مقيمين في المنطقة ولا يعرفوا كثيرا من خباياها وشؤونها.
وأشاد المسلم بمنطقة قلب الشارقة التي احتلت مكانة خاصة في ذاكرة المقيمين بالإمارة وزوارها وتتواصل الآن عملية تطويرها وإحيائها لإعادتها من جديد إلى سابق عهدها يوم كانت نقطة إشعاع حضاري بكل ما فيها من نسيج حضاري تدعمه عمارة تقليدية مميزة وعلاقات اجتماعية دخلت البيوت والمتاجر والأسواق.
وأشار إلى أن تلك الفترة الذهبية من تاريخ إمارة الشارقة ودولة الإمارات تمي زت بظهور ثقافة المجالس التي كانت مكانا يناقش فيه الناس أمورهم ويحيون فيه أفراحهم وأتراحهم إلى أن تراجعت أهميتها وأصبحت اليوم أشبه بـ مجالس الصمت التي تحضر فيها الأجساد وتتباعد الأرواح بسبب انشغال الجميع بالأجهزة الحديثة والهواتف المحمولة مطالبا بإعادة المجالس إلى الثقافة الإماراتية ولكن بأسلوب جديد يجذب فئات المجتمع كافة وخاصة الشباب.
وتحدث الدكتور حمد بن صراي عن العلاقة بين المؤرخ والذاكرة باعتبارها وسيلة لحفظ التراث وتوثيقه .. وذكر ان المؤرخ يعتمد على ذاكرته وعلى ما عايشه في حياته ومر به من أحداث ومشاهدات في توثيق تاريخ بلده وخاصة الأمكنة التي نشأ فيها وعاش في ربوعها بكل ما فيها من ذكريات حزينة أو مفرحة .. مشيرا إلى أن الرواية الشفوية مهمة جدا في توثيق تاريخ دولة الإمارات لأن المجتمع المحلي كان يعتمد على الرواة والشعراء وغيرهم باعتبارهم أوعية معرفية للتراث الشعبي لذلك لم يكن هناك الكثير من الوثائق المكتوبة حول المنطقة باستثناء الوثائق البريطانية .
وقالت الدكتورة فاطمة الصايغ خلال مشاركتها بالجلسة إن المؤرخ يعتمد على ذاكرته الشخصية وعلى ذاكرة الآخرين في تسجيل التاريخ لذلك عليه أن يتحل ى بالحيادية والصدق في عمله حتى يوثق ما شاهده وسمع به بشكل واقعي وموضوعي ..مشيرة إلى أن الاعتماد على الوثائق الأجنبية في توثيق التاريخ يرجع إلى كونها موثقة بالزمان والوقت وهو ما يجعل الرجوع إليها أسرع وأسهل كما أن الشعر يعتبر هو الآخر وسيلة مهمة لتوثيق ما مرت به المنطقة من مواقف وأحداث.
وأكد عمار السنجري أن المؤرخ يظل دوما أكثر الناس حنينا إلى الماضي واصفا إياه بانه شاعر يتعامل مع الأحداث بعاطفته لكنه لا يمكن أن يكتب الأحداث بهذه العاطفة لأنه عندها لن يكون موضوعيا .. منوها الى أن أهمية التاريخ الشفوي تكمن في كونه يبدو أقرب إلى تقارير ميدانية من أبناء المنطقة لذلك فإن كتاب دليل الخليج للمؤرخ الإنجليزي ج. ج. لوريمر على سبيل المثال والذي لا يستغني عنه أي باحث يعتمد على الروايات الشفوية في توثيق تاريخ المنطقة .