انتخابات مصر

أكدت صحيفة "الوطن" السعودية انتصار سلاح الإرادة المصرية في المضي قدما نحو استكمال خريطة المستقبل ، مشيرة إلى أن الاستحقاق الثاني جاء من خلال تصويت 26 مليون ناخب ، يضعون مصر على أعتاب مرحلة تاريخية جديدة ، فيها الكثير من التحديات في الداخل والخارج.
ورأت أن التحدي الداخلي فى مصر قد أوشك على الخلاص من الحقبة "الإخوانية" ، التي استمرت نحو ثلاث سنوات ، أنهكت الداخل المصري اقتصاديا وسياسيا وأيضا أمنيا ، وقالت إن الاستحقاق الثاني واجه الكثير من الإعاقات من قبل جماعة الإخوان "الإرهابية"، التي أرادت بكل صلف وتكبر أن تعيق مسيرة الشعب المصري في اختيار رئيسه ، فتوالت الانفجارات في شتى المناطق ، وتوالت أيضا حوادث اغتيالات رجال الشرطة والجيش ؛ في محاولة لإخافة وزعزعة رجال الأمن ، وبث الرعب في نفوس المصريين.
وأضافت أنه "لم يدر في خلد جماعة الإخوان "الإرهابية" أن ما يفعلوه ما هو إلا إرهاصات البؤس والفشل ، وتناسوا أن كلمة الشعب هي العليا ، فحينما خرج المصريون في 30 يونيوحزيران ليعلنوا رفضهم لحكم الإخوان ، أبى "مرسي" وزمرته أن يستمعوا إلى صوت الشعب ، وفي 3 يوليو أنصت الجيش وقائده "السيسي" إلى مطلب المصريين الوحيد بعزل الرئيس والانحياز لإرادة الأمة المصرية".
وقالت "استدعى المصريون "المشير"، وطالبوه أن يتولى مقاليد الحكم عبر عدة حملات ، منها "كمل جميلك" على سبيل المثال ، لم يكن استدعاؤه نوعا من العاطفة أو الكاريزما ، كما يصوره البعض ، لكن العقلاء من الشعب المصري توسموا فيه أنه المناسب لتلك المرحلة ، لما وصلت إليه البلاد من منحدرات خطرة اقتصاديا وأمنيا".
وأكدت أن المؤشرات الاولية لنتائج الانتخابات الرئاسية بفوز "المشير" الساحق دليل قاطع على شعبيته الجارفة ، وأضافت "وفيما يبدو أن هذه الشعبية تعد حملا ثقيلا عليه ، فهو لا يريد أن يخذل من حملوه أمانة هذا الوطن ، فالشعب المصري عقد عليه آمالا كبارا؛ كي ينجو بهم من فشل اقتصادي مترنح يعاني منذ عقود ، يعتمد على المسكنات ، أيضا عودة الأمن والأمان ، وهو مطلب رئيسى عند جموع المصريين ، فلا سبيل لعودة السياحة والاستثمار الداخلي والخارجي إلا بعودة الأمن إلى الشارع".
واختتمت تعليقها قائلة "يبقى أمام الرئيس القادم التحدي الآخر، وهو السياسة الخارجية ، وقراءته الجيدة لخارطة السياسة العربية والعالمية ، هى القادرة على العودة بمصر إلى مكانتها الدولية في محيطها العربي والعالمي".
من ناحية أخرى ، إستبعد محللون مصريون إمكانية إجراء مصالحة بين الحكم الجديد وجماعة الإخوان ، وقالوا لـصحيفة "عكاظ" السعودية اليوم إن الرئيس الجديد لايمكن أن يتصالح مع أعداء الوطن الذين قتلوا جنود الجيش والشرطة ، وما زالوا يواصلون مسلسل الإرهاب.
وتوقع المتحدث السابق للتنظيم الدولي للإخوان الدكتور كمال الهلباوي عدم تصالح الرئيس المصرى الجديد مع قيادات وأعضاء الإخوان ، مؤكدا أن الرئيس الجديد لن يتصالح مع من حرض على قتل المصريين من مدنيين وجيش وشرطة ، ولن يتصالح مع من لا يزال يحمل أفكارا متطرفة ، ورأى أن الرئيس الجديد سيستوعب من لم تتلوث أفكاره أو يداه بمثل هذه الأفعال لدمجهم مع المجتمع ، وأفاد بأن الشارع المصري أيضا ليس مستعدا للتصالح مع الإخوان ؛ لأنه يعلم أن أي عودة للإخوان ستكون للانتقام من الشعب والنظام الجديد.
من جانبه ، قال القيادي في حزب التجمع الدكتور رفعت السعيد إنه لا يتصور أن الرئيس الجديد يقبل المصالحة مع الإخوان ، لافتا إلى أن من تحدى الإخوان وتصدى لهم لا يمكن أن يتصالح معهم.. وأضاف أن الشعب يتوحد خلف قائده لإسقاط المخططات التي تحاك للنيل من هيبة الدولة من قبل جماعات العنف والإرهاب ، ورأى أن جماعة الإخوان لن تقبل المصالحة ولا تريدها لأنها فقط لا تفهم إلا لغة الدم والقتل.
وإعتبر المتحدث الرسمي باسم حزب المصريين الأحرار شهاب وجيه أنه ليس من حق أي رئيس أن يدعو إلى مصالحة مع تنظيمات أو أشخاص أجرموا في حق مصر والمصريين ، وقال إن الشخص الذي لم يتورط في العنف ولم تتلوث يده بدماء المصريين ولم يرتكب جريمة فهو مواطن مصري ، ويجب استيعابه في المجتمع ، وهو ما لا ينطبق على قيادات تنظيم الإخوان.
بدوره ، قال الأمين العام للحزب الاشتراكي المصري أحمد بهاء الدين شعبان إن تاريخ الجماعة يتلخص في ممارسة العنف والقتل من أيام مؤسسها حسن البنا ، مؤكدا أن من يمد يده للتصالح مع الإخوان أو مع أي قاتل سيكون خائنا للشعب.
فى سياق متصل ، توقع عدد من الخبراء السياسيين والأمنيين أن يؤدي تولي الرئيس الجديد لمقاليد الحكم في مصر إلى انحسار موجة العنف والإرهاب ، مؤكدين أن الفترة المقبلة سوف تشهد توجيه ضربة قاسمة لجماعات العنف لكسر شوكتهم ، والقضاء على هذه الظواهر الإجرامية ، واعتبروا فى تصريحات ل"عكاظ" أن إقبال المصريين على المشاركة في الانتخابات ، يؤكد إصرارهم على استكمال خارطة الطريق وشرعية 30 يونيوحزيران ، وأنه لن يرهبهم أو يخيفهم إرهاب الإخوان والجماعات والتنظيمات المؤيدة والتابعة لهم.
وقال أستاذ الاجتماع السياسي الدكتور عمار علي حسن ، إن تولي رئيس جديد مقاليد الحكم بمثابة ضربة قوية لجماعة الإخوان والتنظيمات الإرهابية ، مؤكدا أنه على تنظيم الإخوان أن يعيد حساباته ويتوقف عن ممارساته الإرهابية. وأشار إلى أن الجماعة فشلت فشلا ذريعا في رهانها على إفشال الانتخابات الرئاسية ، وهو ما كشف حقيقتهم أمام العالم وأربك حساباتهم.
أما الخبير الأمني والاستراتيجي اللواء سامح سيف الليزل ، فرأى أن تولي رئيس جديد للسلطة سوف يصيب الإخوان بخيبة أمل ويأس كبير ، وهو ما سوف يؤثر سلبا على عملياتهم الإرهابية ، وتوقع أن يلجأ الإخوان إلى المراوغات وطرح حلول ومبادرات للصلح للخروج بأقل الخسائر ، لافتا إلى أن الدعم العربي والخليجي سيستمر لمصر حتى تعبر بر الأمان وتقضي على الإرهاب.
من جانبه ، اعتبر الخبير السياسي الدكتور عمرو هاشم ربيع ، أن تهديدات وإرهاب جماعة الإخوان لن تخيف الشعب المصري ولن تكسر عزيمته ، وتوقع أن تتجه الأمور إلى مزيد من الاستقرار عقب تولي الرئيس الجديد ، إذ أن المشاركة الواسعة في الانتخابات أكدت للإخوان ضرورة إعادة حساباتهم ، لأن الشعب لن يتراجع عن تأييده ثورة 30 يونيوحزيران.
ويتفق اللواء حمدي بخيت الخبير الاستراتيجي ، مع ما ذهب إليه ربيع في انحسار العمليات الإرهابية بعد تولي الرئيس الجديد ، مشيرا إلى أن عبور مصر مرحلة الانتخابات الرئاسية يتجه بها إلى مزيد من الاستقرار والتركيز في محاربة الإرهاب. ولم يستبعد إصابة الإخوان وأنصارهم باليأس والإحباط ، إلا أنه توقع تزايد وتيرة العنف من قبل جماعة الإخوان وأنصارهم من خلال استهداف تجمعات سلمية ومنشآت عامة فضلا عن استمرارهم في مسلسل شل حركة الطرق ، ومهاجمة عناصرهم لقوات تمركز الجيش والشرطة في سيناء ، وهو ما قد يصعب السيطرة عليه إذا لم يقابل بكل حسم وقوة.
وفي رأي الخبير الأمني خالد عكاشة ، فإن التعامل مع جماعة الإخوان سيكون قانونيا ، مشددا على أن كل من سيخالف القانون أو يعبث بالأمن العام ، ستتم معاقبته واتخاذ الإجراءات الرادعة ضده ، وأضاف أن الشعب رفض أي وجود سياسي للجماعة ، وبالتالي فإن استخدام القانون معها هو الأسلوب الأمثل.