"اليونسكو" تحتفل باليوم العالمي للمحيطات


تحتفل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة ( اليونسكو ) غدا باليوم العالمي للمحيطات 2014 تحت شعار"معا ، لدينا القدرة علي حماية المحيطات" لزيادة الوعي العالمي بالتحديات التي يواجهها المجتمع الدولي في ما يتصل بالمحيطات.
فالمحيطات هي رئات كوكبنا التي تقدم توفر الأكسجين الذي نتنفسه، كما أنها مصدر رئيسي للغذاء والدواء و جزء هام من المحيط الحيوي.ويتزامن الاحتفال هذا العام مع اليوم الأول من الاجتماع الرابع والعشرين لاجتماع الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، كما يصادف الذكرى السنوية العشرين لبدء نفاذ الاتفاقية.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أعلنت بموجب قرارها 111/63 في ديسمبر عام 2008 ، يوم 8 يونيو يوما عالميا للمحيطات ، وجري أول احتفال في عام 2009 .
كما أقرت الجمعية العامة بالمساهمة الهامة للتنمية المستدامة وإدارة الموارد واستخدام المحيطات والبحار في تحقيق أهداف التنمية الدولية، بما في ذلك الأهداف الذي يحتويها إعلان الأمم المتحدة للألفية.
وأشار بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة في رسالتة بهذه المناسبة إلي أن الاحتفال باليوم العالمي للمحيطات هذا العام يتزامن مع الذكرى 20 لبدء نفاذ اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار المعروفة باسم "دستور للمحيطات"، ويوفر هذا الصك نظام قانوني شامل لجميع الأنشطة في المحيطات وأمر بالغ الأهمية لاستخدام المستدام للبحار ومحيطات العالم. وذكر مون أنه علينا أن نضمن الاستمرارية للمحيطات لتلبية احتياجاتنا دون المساس به للأجيال المقبلة . أن تنظيم المناخ علي كوكب الأرض يمثل مصدراً هاماً من مصادر التغذية .
كما يوفر سطح المحيطات المرور الأساسي للتجارة العالمية ، في حين أن أعماقها يمثل الحلول الحالية والمستقبلية لاحتياجات الطاقة البشرية .
ودعا كون في هذا اليوم العالمي للمحيطات، أن نتأمل على الفوائد المتعددة للمحيطات. علينا جميعا الالتزام للحفاظ على صحية ومنتجة واستخدام مواردها بصورة سلمية ومنصفة ومستدامة لصالح الأجيال الحالية والمستقبلية.
وتغطي المحيطات ثلاثة أرباع سطح الكرة الأرضية ، وتحتوي على 97 % من المياه ‏الموجودة على سطح الأرض ، وتمثل 99 % من حيز العيش على الكوكب بحسب الحجم ، بينما يتمتع بالحماية حوالي 1 % منها فقط. تحتوي أعماق المحيطات على ما بين 50 و80 % من جميع أشكال الحياة فوق سطح الأرض ، وعلى 99 % من المجال الحيوي للكوكب الذي لم يكتشف الإنسان منه سوى أقل من 10% . ويعتمد أكثر من 3 مليارات شخص على التنوع البيولوجي البحري والساحلي فيما يتعلق بسبل ‏معيشتهم من بينهم كثيرون في البلدان النامية يمثل صيد الأسماك بالنسبة لهم نشاطاً رئيسياً.‏ وتمثل المحيطات أكبر مصدر في العالم للبروتين، بحيث يعتمد أكثر من 2.6 مليار شخص على ‏المحيطات كمصدر رئيسي للبروتين بالنسبة لهم ، في حين يعمل في مصائد الأسماك البحرية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة أكثر من 200 مليون شخص.‏
وعالمياً تقدر القيمة السوقية للموارد والصناعات البحرية والساحلية بمبلغ 3 تريليونات من ‏الدولارات سنوياً، أو نحو 5 % من الناتج المحلي الإجمالي العالمي ، وتوفر النظم البحرية ‏والساحلية نسبة تقدر بما يبلغ 63 % من خدما ت النظم الإيكولوجية العالمية.‏ وتمتص المحيطات نحو 25 % من غاز ثاني أكسيد الكربون الذي ينبعث سنويا في الغلاف الجوي جراء الأنشطة البشرية، وبالتالي تحدد تأثيره المسبب للاحتباس الحراري في المناخ. وتقوم نباتات بحرية صغيرة تدعى العوالق النباتية بإفراز 50% من نسبة الأوكسجين في الغلاف الجوي ، وقد يصل مجموع ودائع الكربون في النظم الساحلية ، كالأيكات الساحلية والمستنقعات المالحة ومروج الأعشاب البحرية، إلى ما يزيد عن خمسة أضعاف نسبة الكربون المختزن في الغابات الاستوائية. وتعتبر نسبة تصل إلى 40 % من محيطات العالم "متضررة بشدة" من الأنشطة البشرية، ومن ‏بينها التلوث واستنفاد مصائد الأسماك وفقدان الموائل الساحلية من قبيل الشعاب المرجانية وأشجار ‏المنغروف والحشائش البحرية، وكذلك من جراء الأنواع المائية الغازية.‏ وتوفر الشعاب المرجانية خدمات ثمينة كثيرة، من أجل إدارة المخاطر الطبيعية (بقيمة تصل إلى ‏‏ 189 ألف دولار أمريكي للهكتار الواحد كل سنة) ، والسياحة (بقيمة تصل ‏إلى مليون دولار أمريكي للهكتار الواحد كل سنة) ، والمواد الوراثية والتنقيب ‏عن الموارد البيولوجية (بقيمة تصل إلى 57 ألف دولار أمريكي لكل هكتار ‏كل سنة) ، ومصائد الأسماك (بقيمة تصل إلى 818 3 دولاراً أمريكي لكل ‏هكتار كل سنة).‏ وتساهم الإعانات التي تقدم لصيد الأسماك في سرعة استنفاد أنواع سمكية كثيرة وتحول دون بذل ‏جهود لإنقاذ وإعادة مصائد الأسماك العالمية وفرص العمل المتعلقة بها، مما يتسبب في خسائر ‏بمبلغ قدره 50 بليون دولار من دولارات الولايات المتحدة كل سنة كانت مصائد الأسماك المحيطية ‏يمكن أن تحققه.‏
أن حماية البيئة البحرية، التي تعرف أيضًا باسم الحفاظ على الموارد البحرية هي حماية وحفظ النظم البيئية في المحيطات والبحار. وينصب تركيز الحماية البحرية على الحد من الأضرار التي يسببها الإنسان للنظم البيئية البحرية ، كما ينصب تركيزها على استعادة النظم البيئية البحرية التالفة. كما تركز حماية البيئة البحرية على المحافظة على الأنواع البحرية المعرضة للأخطار.
ويتم تعريف حماية البيئة البحرية على أنها دراسة الحفاظ على الموارد البحرية الفيزيائية والبيولوجية ووظائف النظم البيئية. وهذا يعتبر أحد التخصصات الجديدة نسبيًا. ويعتمد علماء حماية البيئة البحرية على مجموعة من المبادئ العلمية المستمدة من علم الأحياء البحرية وعلم المحيطات وعلم مصائد الأسماك، وكذلك على عوامل بشرية مثل المطالبة بقانون حماية الموارد البحرية والاقتصاد والسياسة من أجل تحديد أفضل السبل لحماية وحفظ الأنواع البحرية والنظم البيئة. ويمكن اعتبار حماية البيئة البحرية تخصصًا فرعيًا للحفاظ على علم الأحياء.
وتعتبر الشعاب المرجانية هي مركز لكميات هائلة من التنوع البيولوجي ولاعب رئيسي في بقاء النظام البيئي بأكمله. ذلك أنها تزود مختلف الحيوانات البحرية بالغذاء والحماية والمأوى، الأمر الذي يبقي أجيالاً من الأنواع على قيد الحياة. وعلاوة على ذلك ، تعتبر الشعاب المرجانية جزءًا لا يتجزأ من الحفاظ على حياة الإنسان من خلال كونها مصدرًا للغذاء (مثل الأسماك والرخويات وغيرها ، فضلاً عن كونها فضاءً بحريًا للسياحة البيئية التي توفر فوائد اقتصادية. ولكن لسوء الحظ، وبسبب تأثير الإنسان على الشعاب المرجانية ، تصبح هذه النظم البيئية على نحو متزايد في حالة تدهور ومن ثم في حاجة إلى الحماية . وتشمل أكبر التهديدات الصيد الجائر وممارسات الصيد المدمرة والترسيب والتلوث من المصادر البرية ، هذا جنبًا إلى جنب مع زيادة الكربون في المحيطات وتبيض المرجان والأمراض وعدم وجود شعاب بكر في أي مكان في العالم. فقد بات ما يصل إلى 88% من الشعاب المرجانية في جنوب شرق آسيا الآن مهددًا، حيث إن 50% من تلك الشعاب إما في خطر "مرتفع" أو "مرتفع جدًا" للاختفاء، وهو ما يؤثر مباشرة على التنوع البيولوجي وبقاء الأنواع التي تعتمد على الشعاب المرجانية على قيد الحياة.
وهذا يمثل ضررًا بشكل خاص على الدول الجزرية مثل ساموا وإندونيسيا والفلبين؛ وذلك لأن الكثير من الأشخاص يعتمدون على النظم الإيكولوجية للشعاب المرجانية لإطعام أسرهم وكسب لقمة العيش. ومع ذلك، فإن العديد من الصيادين لا يستطيعون صيد الكثير من الأسماك كما اعتادوا، لذلك فإنهم يستخدمون على نحو متزايد السيانيد والديناميت في صيد الأسماك ، الأمر الذي يسبب مزيدًا من التدهور للنظام البيئي للشعاب المرجانية. وهذا الاستمرار للعادات السيئة يؤدي ببساطة إلى مزيد من انخفاض الشعاب المرجانية، وبالتالي إدامة المشكلة. وأحد الحلول لوقف هذه الدورة هو تثقيف المجتمع المحلي بشأن مدى أهمية المحافظة على الفضاءات البحرية التي تشمل الشعاب المرجانية. وما إن تدرك المجتمعات المحلية مدى الخطر الذي يتعرضون له فإنهم عندئذ سيكافحون من أجل المحافظة على الشعاب. والمحافظة على الشعاب المرجانية تنطوي على العديد من الفوائد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية ليس فقط للناس الذين يعيشون على هذه الجزر، ولكن للناس في جميع أنحاء العالم أيضًا.
ويرتبط تدهور الشعاب المرجانية في المقام الأول بالأنشطة البشرية ، بما في ذلك كميات كبيرة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. وتمتص المحيطات حوالي 1/3 ثاني أكسيد الكربون الذي ينتج بسبب الأنشطة البشرية ، والذي له آثار ضارة على البيئة البحرية. وتعمل المستويات المتزايدة من ثاني أكسيد الكربون في المحيطات على تغيير كيمياء مياه البحر عن طريق خفض مستوى الأس الهيدروجيني ، وتعرف هذه العملية باسم التحميض.
ويؤثر التحميض سلبا على نظام درء الكربونات ويخفض تشبع الكربونات بنسبة 30 % ، مما يؤدي إلى انخفاض في تكلس الشعاب. ولانخفاض التكلس آثار سلبية على مواد التكلس مثل المرجان والمحار. وتشمل بعض الأمثلة تناقص المرونة المرجانية من التبييض، وتناقص قدرة الكائنات الحية على محاربة الحيوانات المفترسة، مما يعوق قدرتها على التنافس للحصول على الغذاء، وتغيير أنماط السلوك. وعندما ينخفض الجزء السفلي من الشبكة الغذائية بشكل كبير بسبب التحميض، فإن الشبكة الغذائية وجهود المحافظة على الموارد البيئية بأكملها تكون معرضة للخطر. وعلى الرغم من أن البشر يسببون أكبر تهديد لبيئتنا البحرية، فإن لديهم أيضا القدرة على وضع خطط إدارة فعالة من شأنها أن تكون المفتاح للحماية الناجحة للأحياء البحرية. وعلى الرغم من أن أداة المحافظة الأكثر شهرة هي MPA، إلا أن إحدى أدوات حماية الموارد البحرية تنبع ببساطة من خيارات أكثر فردية نتخذها في إطار الجهود الرامية لتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بشكل يومي.
وتعمل اليونسكو على تعزيز قاعدة الأدلة لضمان صنع قرارات أكثر حسماً وعلى توطيد الصلة التي تربط العلوم بالسياسات والمجتمعات. ويقتضي ذلك إقامة شراكات متينة مع المجتمع المدني. وتدعم اليونسكو ضم جهود جميع المنظمات غير الحكومية من أجل إبراز القضايا المتعلقة بالمحيطات قبل انعقاد مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP) في ليما عام ٢٠١٤ وفي باريس العام المقبل. كما تعتبر كل هذه الجهود بالغة الأهمية من أجل التخفيف من مخاطر المحيطات وآثار تغير المناخ، وتعد أساسية في هذه السنة الدولية للدول الجزرية الصغيرة النامية. وتشارك اليونسكو بفعالية في إعداد المؤتمر الدولي الثالث للدول الجزرية الصغيرة النامية الذي سيعقد في سبتمبر في آبيا بساموا وسيركز الجهود على إشراك الشباب في الأنشطة. ويعتبر المحيط أساسي اً لرفاهنا ولمستقبل كوكبنا الأرض، كما أن اليوم العالمي للمحيطات يتيح لكل الحكومات والمجتمعات فرصة لضم قواها بعضها إلى بعض من أجل ضمان حمايته. كوكب واحد ومحيط واحد- نملك معاً القدرة على حماية كليهما.