لندن ـ وكالات
صفعة قوية تلقاها عمدة لندن بوريس جونسون من لجنة النقل في مجلس العموم البريطاني، التى رفضت مشروعه الشهير باسم ''جزيرة بوريس'' الذي يهدف لبناء مطار جديد بأربعة مدارج عند مصب نهر التايمز شرق لندن، وفضلت اللجنة بدلاً عن ذلك توسيع مطار هيثرو الدولي. أسباب الرفض اختصرتها اللجنة في كلمتين ''التكلفة والبيئة''، وإذا كانت هذه هي المرة السابعة التي يتم فيها رفض هذا المشروع من قبل جهات حكومية، فإن مبررات الرفض بدت وكأنها تقضي نهائيا على أحلام عمدة لندن في بناء ما يعتبره صرحاً بريطانياً عظيماً في القرن الحادي والعشرين. وبقدر ما يمثل قرار لجنة النقل في مجلس العموم هزيمة لعمدة العاصمة، فإنه يعد نصراً للجمعيات المدافعة عن البيئة، التي رحبت بالقرار بشكل واضح، لأن إحدى نقاط الارتكاز في رفض المشروع تمثلت في أضراره البيئية. ويقول مهندر شاه وهو أحد المسؤولين في الجمعية الملكية لحماية الطيور وقائد حملة إسقاط مشروع ''جزيرة بوريس'' لـ ''الاقتصادية'': إن المنطقة المقترح تشييد المطار فيها هي موطن لمئات الآلاف من الطيور، وآلاف أخرى تهاجر من مناطق مختلفة إلى تلك المنطقة، ما يعني القضاء على أعداد مهولة من الطيور، والأكثر خطورة أن الدراسات الأولية أفادت أن الأعداد المتبقية من الطيور ستمثل خطراً على سلامة الطيران. ويضيف: منطقة خليج التايمز ضخمة وفريدة من نوعها ولا توازيها أي بقعة في أوروبا، ولهذا تهجير الطيور لمنطقة أخرى مشابهة لها ضرب من ضروب المستحيل. وفي هذا السياق تقريبا تقول مارجريت مايجور الصحفية المعنية بشؤون البيئة إن الرفض يتسق تماما مع التوجهات الحكومية المتعلقة بخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، فالطيران في بريطانيا هو المصدر الأسرع نموا في توليد الغازات الملوثة للبيئة، وبحلول عام 2050 يمكن أن يشكل ربع إجمالي انبعاثات الغاز في البلاد، ومن ثم كان من غير الممكن الموافقة على هذا المشروع. وإذا كان رفض مشروع المطار كشف عن ضخامة الدور التعبوي الذي تقوم به الجماعات المدافعة عن البيئة، وقدرتها على حشد الرأي العام والتأثير في المسؤولين بما يؤثر في القرارات الاقتصادية، فإن التكلفة الاقتصادية المهولة للمشروع التي قد تتجاوز 80 مليار دولار، مثلت أيضا عاملا حاسما في رفضه. تعتبر ''جزيرة بوريس'' مشروعا متكاملا تقوم فكرته على أن يكون المطار محورا لما يمكن أن يعد مركزا تجاريا عملاقا يرتبط بالعاصمة بشبكة هائلة من الطرق والمواصلات، وهي تكلفة ضخمة في ظل الأزمة المالية في بريطانيا يصعب أن تجد لها داعما أو مبررا. لكن اللجنة البرلمانية ومع إدراكها صعوبة توفير السيولة المالية المطلوبة لهذا المشروع، فإنها تعي أيضا أن المطارات المتاحة حاليا في العاصمة البريطانية لن تفي بحاجات البلد المستقبلية، ولهذا اقترحت توسيع مطار هيثرو. من جانبه هاجم عمدة لندن بطبيعة الحال قرار اللجنة، مشيرا إلى أن اقتراح توسيع مطار هيثرو لا يتصف بالواقعية، فعملية التوسع المطلوبة لن تكتمل إلا بحلول عام 2028، ومع الانتهاء منها فإنها لن تكفي لسد الاحتياجات الجديدة المتولدة عن تزايد أعداد المسافرين القادمين إلى بريطانيا. ويرى الصحفي البريطاني ديفيد أندرسوا أن رفض مشروع ''بوريس'' يكشف أن زيارة عمدة لندن أخيرا لعدد من البلدان الخليجية ومن بينها الإمارات وقطر لم تحقق النجاح المأمول.