المنخفض الجوي "هدى"

رفعت الجهات الحكومية في قطاع غزة حالة الطوارئ لمواجهة المنخفض الجوي العميق "هدى" الذي يضرب الأراضي الفلسطينية حاليا في ظل تواضع الإمكانيات واستفحال أزمة انقطاع التيار الكهربائي ونقص إمدادات الوقود وتهالك البنية التحتية بسبب العدوان والحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ عام 2007.

ويحبس سكان القطاع أنفاسهم خشية أن يؤدي المنخفض المتوقع استمراره حتى السبت المقبل مصحوبا بالعواصف الرعدية والأمطار الغزيرة إلى وقوع فيضانات عارمة على غرار ما أحدثه منخفض "إلكسا" الذي ضرب القطاع أواخر عام 2013.

وشهدت شوارع مدينة غزة حركة بطيئة للمارة مع اشتداد قوة الرياح بعد وصول المنخفض الجوي للقطاع الليلة الماضية،حيث أغلقت المحال التجارية أبوابها قبل مواعيدها المعتادة وقلت حركة السيارات والتزم الجميع بيته ليعلن المنخفض الإقامة الجبرية على المواطنين لا سيما أنه تزامن مع إجازة رسمية بمناسبة أعياد الميلاد.

ويتخوف الغزيون من وقوع آثار كارثية للمنخفض الجديد بالنظر الى تهالك البنية التحتية جراء الحصار الاسرائيلي وتدمير آلاف المنازل وتشريد سكانها خلال العدوان الأخير على القطاع في شهري يوليو وأغسطس الماضيين.

كما يخشى سكان المناطق الشرقية للقطاع من اشتداد حدة المنخفض خاصة الذين دمرت منازلهم خلال الحرب الاسرائيلية الأخيرة واضطروا للسكن في الخيام والكرفانات بانتظار اعادة الاعمار وادخال مواد البناء .كما عبر أصحاب المنازل القديمة في المخيمات "الأسبست، والزينقو" عن مخاوفهم من عدم قدرة مساكنهم على مقاومة شدة الرياح والأمطار الغزيرة.

وتفرض إسرائيل حصارا بحريا وبريا وجويا على غزة منذ فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية يناير 2006، وشددته عقب سيطرة الحركة على القطاع في يونيو من العام 2007،وما زال الحصار مستمرا رغم تشكيل حكومة التوافق الوطني في 2 يونيو الماضي.

وكان قطاع غزة قد تعرض في نهاية نوفمبرتشرين الثاني الماضي لمنخفض جوي عميق أدى الى سقوط أمطار غزيرة مصحوبة بعواصف رعدية وتسبب في غرق الكثير من المناطق لا سيما منطقة النفق دون وقوع خسائر في الأرواح.

وضمن الجهود الحكومية لمواجهة تداعيات المنخفض الجوي الجديد، شكلت بلدية غزة لجنة طوارئ لمواجهة أي كارثة إنسانية قد يتسبب بها المنخفض الجوي.محذرة من آثاره على بنية القطاع التحتية التي تعاني من تدمير واسع بفعل العدوان الإسرائيلي الصيف الماضي.

وكشفت أن طواقم لجنة الطوارئ انتهت من تجهيز ثماني مضخات لتصريف مياه الأمطار المتدفقة من عدة مناطق في مدينة غزة إلى البركة البديلة في منطقة النفق بحي الشيخ رضوان شمال المدينة.

وكان ارتفاع منسوب المياه في بركة الشيخ رضوان خلال منخفض "إلكسا" الذي ضرب الاراضي الفلسطينية في منتصف ديسمبر عام 2013 قد أدى إلى اغراق مئات المنازل وتشريد سكانها بعد ارتفاع منسوب المياه بمناطق النفق والشجاعية والزيتون بمدينة غزة ودير البلح وسط القطاع.

وأشارت بلدية غزة إلى أن طواقم لجنة الطوارئ تعمل على مدار الساعة لحل كافة الشكاوي الواردة من المواطنين أو من غرفة العمليات المركزية التابعة لوزارة الداخلية.

وبالتزامن مع قدوم المنخفض، يعيش قطاع غزة أزمة كهرباء صعبة حيث تبلغ فترة وصل التيار 6 ساعات يوميا مما يضطر المواطنين الى الاستعانة بمصادر بديلة على رأسها المولدات والشموع لإنارة منازلهم.

وفجر تفاقم أزمة الكهرباء غضبا عارما بين سكان القطاع البالغ عددهم نحو 8ر1 مليون نسمة الذين عبروا عن استيائهم البالغ لانقطاع الكهرباء لمدد تصل الى 18 ساعة يوميا في ظل الطقس السييء والمنخفض الجوي الذي يضرب القطاع حاليا.

وللتخفيف من معاناة سكان غزة بسبب أزمة الكهرباء،قررت حكومة التوافق في اجتماعها الاسبوعي أمس تجديد إعفاء الوقود المزود لمحطة غزة لتوليد الكهرباء من الضرائب لمدة أسبوع ينتهي يوم 12 يناير الجاري،وذلك لضمان استمرار تشغيل المحطة وتزويد المواطنين بالتيار الكهربائي.

وكانت سلطة الطاقة والموارد الطبيعية في غزة أعلنت الأحد الماضي عن عودة محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع الى العمل جزئيا اليوم بعد توقف دام نحو أسبوع اثر نفاد الوقود الصناعي اللازم لتشغيلها وبعد انتهاء تمديد إعفائه من الضرائب من قِبل حكومة التوافق.

وقالت السلطة إنه سيتم تشغيل مولد واحد فقط بمحطة الكهرباء لتدعيم برنامج التوزيع الحالي بواقع (6 ساعات وصل و12 ساعة قطع للتيار) والذي يتضرر كثيرا وتتقلص ساعاته مع الأجواء الشتوية الباردة هذه الأيام.

ويحتاج قطاع غزة الى نحو 380 ميجاوات من الكهرباء لسد احتياجات سكانه البالغ عددهم حوالى 8ر1 مليون نسمة، لا يتوفر منها سوى قرابة 200 ميجاوات.

ويحصل القطاع حاليا على التيار الكهربائي من ثلاثة مصادر، أولها إسرائيل التي تمد القطاع بطاقة مقدارها 120 ميجاوات، وثانيها مصر وتمد القطاع بـ 28 ميجاوات، فيما تنتج محطة توليد الكهرباء في غزة نحو 60 ميجاوات.

وفي اطار الجهود الحكومية لمواجهة تداعيات المنخفض الجوي، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة جاهزيتها للتعامل مع آثار المنخفض.

ودعا الناطق باسم الوزارة أشرف القدرة المواطنين إلى اتخاذ إجراءات السلامة اللازمة أثناء التدفئة والسير في الطرقات.

كما أعلنت "مصلحة مياه بلديات الساحل" في قطاع غزة عن تقديمها خدمات طارئة للعديد من البلديات في القطاع للمساعدة في مواجهة المشاكل التي قد تنجم عن حدوث المنخفض في ظل أزمة انقطاع التيار الكهربائي.

وذكر بيان صادر عن مصلحة مياه بلديات الساحل أنها زودت كل من بلدية خان يونس ورفح وجباليا وبيت لاهيا وبيت حانون بقطع غيار مولدات تشمل "زيوت" و"فلاتر" و"بطاريات" لعمل الصيانة اللازمة للمولدات المتوفرة لديها واستخدامها في الحالات الطارئة .

وأشارت الى أنها عملت منذ بداية موسم الشتاء على تزويد كافة بلديات القطاع والمقرات الفرعية التابعة لها بما يتوفر لديها من مولدات ومضخات وقطع الغيار اللازمة لها وتوزيع كميات مختلفة من السولار لتشغيل تلك المعدات لتتمكن من الاستمرار في العمل لمواجهة هطول الأمطار وتخفيف الأضرار التي قد تنجم عن ذلك.

ودعت المؤسسات المانحة إلى الاستمرار بتقديم كافة السبل لدعم ومساعدتها في مواجهة الأزمات التي قد تحدث في فصل الشتاء خاصة توفير الوقود الكافي لتشغيل المولدات في حال استمرار انقطاع التيار الكهربائي.

في السياق ذاته،قال الناطق باسم وزارة الداخلية والأمن الوطني بغزة إياد البزم إن الوزارة استنفرت كافة أجهزتها وإداراتها لمواجهة تأثيرات المنخفض الجوي، واتخذت كافة الاجراءات اللازمة لتفادي وقوع أي كوارث تلحق بالمواطنين وجاهزة لمساندة جهاز الدفاع المدني.

ودعا البزم المواطنين إلى أخذ اقصى درجات الحيطة والحذر واتباع إجراءات السلامة الصادرة عن جهاز الدفاع المدني.

بدوره،أكد جهاز الدفاع المدني في قطاع غزة مواصلة استعداداته للتعامل مع المنخفض وأي كوارث قد تحدث نتيجة استمرار تساقط الأمطار وانقطاع التيار الكهربائي.

وقال مدير الاعلام في الجهاز محمد الميدنة "رفعنا جاهزيتنا لمواجهة أي طارئ في القطاع، حيث رفعنا درجة الجاهزية والاستعداد خاصة مع تعرض القطاع لمنخفض جوي".

وأشار إلى وجود لجنة طوارئ تم تشكيلها وتعمل على مدار الساعة لمواكبة التطورات التي تصاحب المنخفضات ، حيث يشترك في اللجنة كل من جهاز الدفاع المدني والعمليات المركزية والشرطة من وزارة الداخلية، والبلديات عن الحكم المحلي بالإضافة لشركة الكهرباء.

ودعا المواطنين إلى البقاء في المنزل والاستماع إلى تعليماته تباعا وحسب أحوال الطقس وعدم الخروج إلا للضرورة وعدم استخدام السيارة إلا عند الضرورة القصوى مع الالتزام بالحذر الشديد وإتباع تعليمات الدفاع المدني ووزارة النقل والمواصلات والشرطة المرورية بشأن حالة الطرق.

ونبه إلى ضرورة تجنب الخروج من المنازل أثناء الليل وفي ساعات الصباح الباكر وفي حالات البرد القارص.مؤكدا ضرورة مراعاة وضع الطرق والظروف الجوية عند قيادة السيارات أثناء الضباب وفي حالات اضطرارية فقط وعدم تخزين المواد القابلة للاشتعال قريبا من وسائل التدفئة وتوفير التهوية المناسبة أثناء استخدام المدافئ للوقاية من الاختناق.