المهندس الفلسطيني ضياء ابو عاصي مع جهاز تحلية مياه البحر

 يامل مهندس فلسطيني تنفيذ مشروع لتحلية مياه البحر عبر جهاز صممه لمواجهة ازمة المياه الحادة في قطاع غزة الذي ستصبح المياه الجوفية فيه غير صالحة للاستعمال بحلول 2016.

ورغم ان المهندس ضياء ابو عاصي تلقى تشجيعا من الجامعة الاسلامية في غزة والتي تمكنت من توفير الدعم المالي بعد الاتفاق مع مركز "ابحاث الشرق الاوسط لتحلية المياه" في سلطنة عمان لانجاز تصميم جهاز التحلية، الا انه يشكو من "عدم توفر المال ولا بيئة سياسية مواتية" لانشاء محطة تحلية مناسبة تعمل بتقنية التناضح العكسي "النانو".

ويقول ابو عاصي (29 عاما) وهو من سكان مدينة غزة ان "مشكلة المياه في غزة تتهدد حياة الناس والحل الجذري الوحيد هو تحلية مياه البحر وهذا ما دفعني لاختراع جهاز تحلية مياه البحر".

ويوضح علاء الهندي المحاضر الجامعي ان "تكلفة محطة التحلية في غزة تصل الى 300 مليون دولار".

ويحتاج القطاع البالغ عدد سكانه اكثر من 1،8 مليون شخص، ل"180 مليون كوب ماء" سنويا نصفها تستغل للزراعة والصناعات المحلية.

وحذر روبير تيرنر مدير عمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) من ان القطاع "سيكون مكانا غير ملائم للعيش عام 2020".

ووجهت الاونروا نداء لانقاذ القطاع من "كارثة" .

وووفق تقديرات الامم المتحدة سيزيد عدد سكان القطاع بحلول عام 2020 بنحو نصف مليون شخص.

وتعد مياه الطبقة الجوفية المصدر الرئيسي للمياه في غزة، لكن "96% منها ملوثة وغير امنة" للشرب وفق تقرير سلطة المياه الذي نشر الشهر الماضي.

واورد تقرير سابق للامم المتحدة ان نقص المياه الصالحة للشرب "تبقى الشغل الشاغل والاكثر إلحاحا".

ويفيد التقرير انه بحلول "2016 قد تصبح مياه الخزان الجوفي غير صالحة للاستعمال وسيصبح من المستحيل اصلاح الاضرار التي تلحق بها بحلول عام 2020 دون البدء باجراءات علاجية".

ويعاني القطاع وهو جيب ساحلي ضيق من شح المصادر الطبيعية وفق منذر شبلاق مدير مصلحة مياه بلديات الساحل.

ويعتبر ابو عاصي الحاصل على شهادة ماجستير في هندسة تقنية تحلية المياه شديدة الملوحة، اول عربي يصمم جهاز تحلية مياه البحر بتقنية النانو كما يقول.

ويبين ان "نسبة تركيز الاملاح في المياه هنا تبلغ من 9000 الى 25000 مليغرام/لتر فيما التركيز بمياه البحر يصل ل35000 مليغرام/لتر، هذا خطير جدا".

ويعبر ابو عاصي عن خيبة امله من عدم تبني حكومة التوافق مشروعه قائلا "لم اتلق ردا على عرض قدمته للحكومة عبر وزير الاشغال العامة والاسكان لتنفيذ محطة تحلية".

الا ان الشاب الذي يقول انه اجرى 170 تجربة لمشروعه خلال 14 شهرا، تمكن من اقناع شركة محلية بانجاز اول تطبيق عملي لاختراعه حيث اقام مصنعا متواضعا ومحطة تحلية صغيرة تنتج الف كوب يوميا.

وينتج المصنع الواقع في شمال غزة على مساحة الف متر مربع تقريبا، محطات تحلية صغيرة تستطيع انتاج الف كوب يوميا يتم بيعها لمؤسسات محلية.

وكان اربعة فنيين وعمال يعملون على تجميع محطة تحلية صغيرة، تتكون من خزان سعة الف كوب ومحرك الماني الصنع وفلاتر النانو،  لتوريدها لجمعية خيرية.

ويقول احد العاملين في المصنع "هذا المشروع هو الاول من نوعه في فلسطين واذا تم توسيعه سيتم الاستغناء عن محطات تنقية المياه المستوردة من اسرائيل والخارج".

ويشدد شبلاق على ان "الطاقة الانتاجية للخزان الجوفي يجب الا تتجاوز 55 الى 60 مليون متر مكعب في السنة ولكننا نستهلك منه حوالى 200 مليون متر مكعب" مضيفا "يجب ان يتوقف مؤقتا الاعتماد الكلي على الخزان الجوفي وايجاد مصادر بديلة".

ويوصي برنامج الامم المتحدة للبيئة بوقف استنزاف طبقة المياه الجوفية "فورا" حيث من المتوقع ان تصل الحاجة ل260 مليون متر مكعب سنويا عام 2020.

كما يوضح ان "الكلورايد يجب الا يتجاوز 250 ملغرام في اللتر الا انه وصل1500 ملغرام لكل لتر بسبب زحف مياه البحر للخزان الجوفي"، مبينا ان "النترات ايضا عنصر خطير جدا قد يكون احد مسببات الامراض التي ظهرت في قطاع غزة اخيرا كالسرطان".

وتشير وزارة الصحة الى "ارتفاع معدلات بعض الامراض التي ربما لها علاقة بتلوث المياه".

ويؤكد محمود ضاهر ممثل منظمة الصحة العالمية لفرانس برس ان "امراض الاسهالات التي تنتقل بالمياه سجلت ارتفاعا في القطاع خصوصا لدى الاطفال الاكثر عرضة للاصابة بها".

وشدد على "زيادة نسبة الملوحة في المياه حيث باتت غير مطابقة للمواصفات العالمية ،اكثر من 96% من مياه القطاع ملوثة بملوثات كيماوية".

وحذر ضاهر من "المخاطر التي قد تنتج عن مياه الشرب التي يعتمد عليها كثير من الناس في القطاع لان 50% منها لا تخضع للرقابة الصحية".

وما يزيد من صعوبة الوضع حسب سلطة المياه هو تسرب نحو "35 مليون متر مكعب من المياه العادمة و12 مليون متر مكعب من المياه المعالجة جزئيا او غير المعالجة" لمياه الخزان الجوفي.

وتناشد سلطة المياه الفلسطينية المجتمع الدولي التدخل ل"انقاذ القطاع من تداعيات ازمة المياه الخطيرة حيث انه في عام 2020 ستصل حاجة السكان من المياه الى 26 مليون متر مكعب سنويا".

ويأمل ابو عاصي تنفيذ مشروعه باعتباره "يعني الحياة لقرابة مليوني انسان" في القطاع.