أبوظبي ـ وكالات
هيئة البيئة – أبوظبي، وجمعية الإمارات للحياة الفطرية بالتعاون مع الصندوق العالمي لصون الطبيعة (EWS-WWF)، والشبكة العالمية للبصمة البيئية. والإمارات هي ثالث دولة في العالم، بعد سويسرا واليابان، تتبنى مثل هذه المبادرة. قامت المبادرة، بالتعاون مع معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا، بتطوير أداة نموذجة علمية لتقييم الكيفية التي يمكن فيها لسياسات معالجة العرض والطلب على الطاقة والمياه أن تؤثر على الانبعاثات الكربونية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وبالتالي على بصمتها البيئية لكل فرد حتى سنة 2030. وانتقلت المبادرة في المرحلة الثانية، التي بدأت في العالم الماضي وتستغرق ثلاث سنوات، الى تطوير معايير وسياسة عامة لاستخدام الطاقة بكفاءة في الإنارة، وتطوير إطار عمل تنظيمي لهذا القطاع، اضافة الى إجراء تقييم اجتماعي اقتصادي لسياسات قطاع الطاقة والمياه التي تم تقديرها في المرحلة الأولى من المبادرة. ويأتي التركيز على سياسات ترشيد الطاقة وتعزيز كفاءتها نظراً لأن البصمة الكربونية تشكل أكثر من 80% من مكونات البصمة البيئية في الامارات. إلى جانب مبادرة البصمة البيئية، أطلقت دولة الإمارات مجموعة مهمة من المبادرات وتبنّت العديد من الخيارات مثل: الطاقة المتجددة والطاقة البديلة، العمارة الخضراء، الإنتاج الأنظف، النقل المستدام، الاستخدام الكفوء لموارد الطاقة. وقد تزامنت كل هذه المبادرات مع إطلاق برامج وحملات واسعة تستهدف تعديل أنماط الاستهلاك غير الرشيدة للموارد، لا سيما موارد الطاقة والمياه. وعلى رغم أن هذه المبادرات والجهود التي رافقتها ساهمت في خفض معدل البصمة البيئية للفرد إلى 8,4 هكتار عالمي عام 2012 2010 مقارنة بحوالي 11.9 هكتار في عام 2006 ، فإن رؤيتنا كانت، وستظل، تستهدف خفض هذا المعدل بصورة أكبر في السنوات المقبلة. ولذلك كان لا بد من التفكير في نهج ينسق ويكامل جهود القطاعات كافة، ويشكل مظلة تنطوي تحتها جميع الجهود الوطنية. من هنا بدأ الاهتمام بالاقتصاد الأخضر. وقد ظهرت الإشارات لذلك الاهتمام واضحة في رؤية الإمارات 2021 وفي الخطط الاستراتيجية لحكومتنا الرشيدة في السنوات الست الماضية. وقمنا في هذا السياق باستضافة أول مؤتمر للاقتصاد الأخضر عام 2009، تلته اربعة مؤتمرات سنوية، وإجراء بحوث ودراسات حول أنجع السبل لخفض البصمة الكربونية. وتم اعتماد نهج النمو الأخضر رسمياً، عندما أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في شهر كانون الثاني (يناير) 2012، عن "استراتيجية الإمارات للتنمية الخضراء" تحت شعار "اقتصاد أخضر لتنمية مستدامة". وبناء عليه تم وضع مجموعة من الإجراءات تشمل تشكيل لجنة توجيهية عليا تتولى الاشراف على وضع مشروع الخطة، وكذلك تحديد القطاعات المستهدفة ذات الأولوية وهي : قطاع الأبنية، قطاع الغاز، قطاع المياه والكهرباء، قطاع النقل، قطاع الصناعة، قطاع النفايات، وقطاع استخدام الأراضي والزراعة ، وتهدف هذه الاجراءات الى وضع خطة طريق وطنية وقطاعية لتنفيذ تلك الاستراتيجية ترتكز على أربعة محاور رئيسية هي: السياسات والحوكمة ، إدارة البيانات، تنمية القدرات وتنفيذ مشاريع ريادية. وتم تنظيم ورش عمل تفاعلية لهذه القطاعات بمشاركة واسعة من كافة الجهات المعنية في القطاعين العام والخاص لوضع تصور منهجي لتحويل هذه القطاعات إلى قطاعات خضراء في الأعوام 2021 و 2030 و 2050 والتحديات والمعوقات التي يمكن أن يواجهها كل قطاع خلال عملية التحول. وفي ضوء مخرجات الورش التفاعلية سيتم كمرحلة أولى إعداد استراتيجيات عمل قطاعية ومن ثم دمجها في استراتيجية وطنية للاقتصاد الأخضر وذلك بنهاية شهر سبتمبر 2013 إن شاء الله. تتوزع استراتيجية الإمارات للتنمية الخضراء على مسارات رئيسية ستة. المسار الأول هو مسار "الطاقة الخضراء"، ويستهدف تنويع مصادر الطاقة والتركيز على زيادة حصة الطاقة النظيفة في مزيج الطاقة، اضافة الى تطوير المعايير المتعلقة بتعزيز كفاءة استهلاك الطاقة في مختلف القطاعات. وقد دشن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان – رئيس الدولة في شهر آذار (مارس) 2013 محطة (شمس 1) التي تعتبر أول محطة للطاقة الشمسية محطة "شمس 1" بقدرة 100 ميغاواط في أبوظبي، تكفي لتغذية 20 ألف منزل بالطاقة الشمسية، وتعد هذه المحطة أكبر محطة للطاقة الشمسية المركزة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فيما يستعد المجلس الأعلى للطاقة لتدشين أول مشروعات مجمع الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية في شهر أكتوبر 2013. أما المسار الثاني فهو مسار "الاستثمار الأخضر"، الذي يستهدف تطوير السياسات الحكومية الهادفة الى تشجيع الاستثمارات في مجالات الاقتصاد الأخضر، وتسهيل عمليات إنتاج واستيراد وتصدير المنتجات الخضراء، وبناء القدرات الوطنية وخلق فرص عمل خضراء في القطاعات كافة. "المدن الخضراء" هي المسار الثالث، الذي يرتكز على تطوير سياسات التخطيط العمراني الهادفة للحفاظ على البيئة ورفع كفاءة المساكن والمباني من الناحية البيئية، وتشجيع النقل المستدام، وتحسين نوعية الهواء الداخلي للمدن. وتمثل مدينة مصدر في أبوظبي أول مشروع حضري منخفض الكربون على المستوى العالمي، حيث ستدار المدينة بالكامل عن طريق الطاقة المتجددة. المسار الرابع يُعنى بـ"التعامل مع آثار التغير المناخي" ووضع السياسات والبرامج المتعلقة بخفض الانبعاثات الكربونية في القطاعات كافة. وقد تم حتى الآن تسجيل 11 مشروعاً بواسطة مكتب آلية التنمية النظيفة في بون، وثمة 28 مشروعاً برسم التسجيل، ويبلغ اجمالي تخفيض الانبعاثات الكربونية لهذه المشاريع نحو 160 مليون طن سنوياً. المسار الخامس هو مسار "الحياة الخضراء" الذي يرمي الى ترشيد استخدام الموارد الطبيعية، وفي مقدمتها موارد الكهرباء والمياه، والاهتمام بمشاريع إعادة التدوير، وتطوير التوعية والتعليم البيئي لرفع مستوى تفاعل الجمهور مع مبادرات الاقتصاد الأخضر. وبلغت الاستثمارات الموجهة لصناعة التدوير نحو 6 بلايين درهم (1.6 بليون دولار). وتم اعتماد مواصفات أجهزة تكييف الهواء ذات الكفاءة في استخدام الطاقة، ومعايير أجهزة الانارة المنزلية المرشدة للطاقة. المسار الأخير هو مسار "التكنولوجيا الخضراء" الذي يركز على اعتماد تقنيات التقاط الكربون وتخزينه وتحويل النفايات الى طاقة وتعزيز كفاءة الطاقة. وتعمل شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) مع معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا لتنفيذ مجموعة من المشاريع ضمن آلية التنمية النظيفة، مثل تخزين ثاني أوكسيد الكربون وحقنه في الآبار النفطية لتعزيز إنتاج النفط. وهناك خيارات لتحويل النفايات الى طاقة يتم درسها ضمن مشروع إدارة النفايات في الإمارات الشمالية. وتشير الدراسات المبدئية التي أجريت في إطار اللجنة الوطنية للتغير المناخي إلى أنه يمكن، من خلال سياسات المحافظة، خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 56 في المئة بحلول سنة 2030. ونعتقد أن نسبة الخفض قد تكون أكبر بعد تطبيق سياسات ومعايير الاقتصاد الأخضر وفق المسارات التي حددتها استراتيجية الإمارات للتنمية الخضراء. نحن في الإمارات العربية المتحدة نؤمن بأن الاقتصاد الأخضر هو الخيار الأمثل لضمان نمو اقتصادي طويل المدى يحافظ على البيئة، وبيئة غنية تدعم النمو الاقتصادي.