عند مغادرة مدينة مراكش الحمراء على بعد كليومترات في اتجاه سهول منطقة الحوز، يلوح للزائر، بعد تجاوز عشرين كيلومترا، سهلا أخضر في قرية قائمة على جنبات التلال والتي تسمّى قرية "أربعاء تغدوين" التي تضم بين طيّاتها نهراً كبيراً في جنباته غطاء نباتي يشتمل على أشجار الزيتون والمشمش والجوز المثمرة، وهي كلها تجتمع في منظر طبيعي ساحر يثير عشق الزائر ويدفعه إلى الرغبة القوية في الاستطلاع والاكتشاف والتعرف على المنطقة ومميزاتها البيئية والطبيعية التي تسحر العين، كما يصبح لديه دافع قوي لمعرفة سكان المنطقة وبساطة عيشهم التي تختلف كليّاً عن عيش سكان المدينة. وفي الطريق إلى قرية "أربعاء تغدوين" يوجد سوق أسبوعي يقام كل أربعاء، ومن هنا جاءت تسمية هذه المنطقة بـ"أربعاء تغدوين"، وهي عبارة عن فضاء للتسوّق والتجارة بالنسبة للسكان المحليين ولبعض الزوار والبحث عن الأسعار المناسبة والمنتجات الجيدة بالإضافة إلى كون هذا السوق يعتبر نقطة للالتقاء إذ يستقطب، حسب الفصول، ما بين 200 و2000 شخص الذين يقطعون لساعات من المشي على الأقدام عشرات الكيلومترات. ويعتبر هذا الملتقى الأسبوعي بمثابة مدينة كبيرة من الخيام المقا-مة وفق تنظيم وتوزيع محكم، لكون السوق له مسالكه ويتوفر على أماكن مخصصة للتجارة وأخرى للمطعمة، فضلا عن كونه فضاء للتواصل الاجتماعي ومناسبة للمزارعين لقضاء شؤونهم الإدارية. تعتبر قرية "أربعاء تغدوين" محجّاً طبيعيّاً وبيئياً يقصده سكان المدن المغربية والسياح الأجانب لقضاء وقت ممتع، كما أنه فضاء يستقبل زوراه بأطباق لذيذة للمطبخ البربري حيث يقف الزائر على مطاعم صغيرة في شكل أكواخ موزعة على ضفاف وادي المنطقة الذي تلقّبه السكان بـ"الشاطئ"، والتي تقدم أكلات محلية مختلفة مرفوقة بكؤوس من الشاي البربري بتحضير محلي. إنها المغامرة الجميلة التي لا يرغب أحد في انتهائها خصوصاً عندما يسير مشياً على الأقدام وبعد مسيرة شاقة وتسلّق الجبال، يمكن استكشاف شلالات القرية التي يستغلها كل من يحط رحاله بها للاستمتاع بمنظر طبيعي يرسم لوحة خضراء، تعطي الأمل في العودة إلى هذه المنطقة للقيام بجولة سياحية أخرى وقضاء فترات زمنية تبقى راسخة في الذهن وبعيدا عن تلوث المدينة واستنشاق هواء من بيئة تحيى حياة نظيفة.