موسكو - العرب اليوم
أعلنت وزارة المالية الروسية أمس عن استئناف ضخ عائدات النفط الإضافية في السوق لشراء العملات الصعبة، وذلك بعد توقف دام نحو أربعة أشهر، بغية تخفيف عوامل الضغط على الروبل الروسي.
ومع أن ذلك القرار يعني زيادة الطلب على الدولار، إلا أن الروبل الروسي لم يبد بعد أي رد فعل سلبي وحافظ على استقراره نسبيا، الأمر الذي أحاله خبراء إلى «العامل النفسي»، حيث كانت السوق مستعدة مسبقا للقرار، لكنهم أكدوا أن ضخ تلك المبالغ الضخمة في السوق لا بد أن يؤثر إلى حد ما على سعر الروبل.
وكانت الحكومة الروسية اعتمدت في ميزانياتها عامي 2017 - 2018 سعر 40 دولارا للبرميل، ومع عودة أسعار النفط في السوق العالمية للارتفاع تدريجياً، بدأت الخزينة تحصل على عائدات نفطية إضافية، هي عبارة عن الفرق بين السعر المعتمد في الميزانية وسعر البرميل في السوق، وأقرت عام 2017 خطة تنص على الاستفادة من تلك العائدات، وتخصيصها لشراء العملات الصعبة من السوق المحلية، بغية تحويلها إلى صندوق الرفاه الوطني، لتعيد تشكيل احتياطي قالت إنها ستحتاجه لتغطية عجز الميزانية في حال عادت أسعار النفط للهبوط، ولمواجهة أي أزمة قد يتعرض لها الاقتصاد الروسي.
ووضعت وزارة المالية برنامج عمل تحدد بموجبه حجم العائدات الإضافية التي ستخصصها كل شهر لشراء العملات الصعبة. بناء عليه بدأت تلك العمليات في فبراير (شباط) 2017. حيث خصصت الحكومة نحو 6.3 مليار روبل (93.9 مليون دولار) تضخها يوميا في السوق لشراء العملات الصعبة خلال الفترة من 7 فبراير وحتى 6 مارس (آذار) 2017. وفي الأشهر اللاحقة كان حجم المبالغ يتغير تبعا لارتفاع أو هبوط أسعار النفط، أي حسب زيادة أو تراجع حجم العائدات النفطية الإضافية.
مع تراكم عوامل التأثير السلبي على الروبل، لا سيما بعد إقرار الولايات المتحدة عقوبات جديدة ضد روسيا في أبريل (نيسان) الماضي، ومن ثم في أغسطس (آب)، قررت وزارة المالية والمركزي الروسي في أغسطس التوقف عن ضخ العائدات النفطية الإضافية وشراء العملات الصعبة من السوق، بغية الحد من الطلب على الدولار، والتقليل من عناصر الضغط على الروبل الروسي لكبح تراجعه الخطير أمام العملات الرئيسية. وقال المركزي حينها إنه سيواصل مراقبة الوضع في السوق وبناء عليه سيتخذ قراره بشأن استئناف تلك العمليات.
بعد توقف استمر نحو أربعة أشهر، أعلنت وزارة المالية الروسية أمس عزمها استئناف عمليات الشراء، وقالت إنها قررت بالتعاون مع «المركزي» استئناف شراء العملات الصعبة من السوق، وتنوي ضخ 265.8 مليار روبل روسي لهذا الغرض خلال الفترة من 15 يناير (كانون الثاني) الجاري، ولغاية 6 فبراير (شباط) القادم. وهذا المبلغ عبارة عن 220.6 مليار روبل قيمة العائدات النفطية الإضافية التي تتوقع المالية أن تحصل عليها خلال شهر يناير، إضافة إلى 45.1 مليار روبل عائدات إضافية حصلتها في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وكما جرت العادة سيتم تحويل العملات الصعبة إلى صندوق الرفاه الوطني، الذي يبقى حتى اليوم صندوق الاحتياطي الوحيد في روسيا، بعد أن أنفقت الحكومة كامل مدخرات «صندوق الاحتياطي» لتغطية عجز الميزانية خلال العامين الماضيين.
ولم يؤثر قرار وزارة المالية على الروبل بشكل كبير في هذه المرحلة، واقتصر الأمر على تراجعه نحو 8 - 9 كوبيك (الروبل 100 كوبيك) أمام الدولار في الساعات الأولى بعد تصريحات المالية. وترى الخبيرة المالية ناتاليا أورلوفا، كبيرة الاقتصاديين في مصرف «ألفا بنك» أن قرار استئناف ضخ العائدات النفطية الإضافية لن يؤثر على وضع الروبل خلال شهر يناير، لأن المبالغ التي سيتم ضخها قليلة نظراً لتراجع أسعار النفط، وثانياً لأن الروبل سيحصل على دعم هذا الشهر حيث ينتظر أن تقوم شركات التصدير بشراء الروبل لتسديد ضرائبها للدولة. مع ذلك ترى الخبيرة الروسية أن ضخ الوزارة لتلك الأموال في السوق يعني بكل الأحوال زيادة الطلب على العملات الصعبة، ما يعني بكل الأحوال ظهور «عامل ضغط» إضافي على الروبل، ولهذا لا يمكن تعليق الآمال بأن يتحسن موقفه على المدى القريب.