دمشق-سانا
دخلت بطلة تخت شرقي الميدان بعد غياب أربع سنوات بزي المحارب الذي يرى أن الساحة لا تتحمل الانتظار أكثر مستحضرة المسرح وأدواته لتضعه في الشاشة الصغيرة التي احتجت عليها في بداية مشاهدها في مسلسل قلم حمرة دونما أن نعلم حينها أنها تسعى لشق طريق جديد على مستوى الأسلوب وتتطلع لإيصال أفكار تعالج الوضع الراهن في ذات الوقت.
ولعل تناول موضوع الأزمة في سورية جعل يم مشهدي كاتبة النص تعمل بمقولة شكسبير “الحياة ما هي إلا مسرح كبير” حاشدة هذا الكم من الشخصيات التي تعمل في مختلف مفاصل الفن من كتاب إلى طلاب المعهد العالي للفنون المسرحية أو الفنون الجميلة أو الموسيقا لتكون الراوية ورد “سلافة معمار” هي مايسترو العمل والتي تلعب فيه أيضاً الدور المحوري في العمل ككاتبة سيناريو ما يستحضر طيف كاتبة العمل التي مرت بنفس ظروف البطلة.
يمكن القول أن هذا الوسط سهل مهمة السفسطة والتنظير ليبلغا مستويات عالية خلال العمل الذي يمتزج فيه الخيال بالحقيقة والواقعية بالسريالية الأمر الذي جعله خلطة لذيذة لكنها سرعان ما تسبب التخمة لمتناوليها إلا أن نسبة المتابعة العالية للمسلسل رغم عرضه على قناة وحيدة هي السومرية تعكس المزاج العام للجمهور السوري الذي يبدو لاهثاً وراء أجوبة عن ملايين الأسئلة التي تقض مضجعه أكثر من أي وقت مضى.
ويبدو الشكل العام للعمل متعدد الأجناس فمشاهد الحلقات الأولى تبتدئ بخواطر البطلة حول مواضيع حياتية وأخرى وجودية بأسلوب روائي نجد أحياناً طروحاً مشابهة له على منشورات الفيسبوك ثم تنتقل خلال الحلقة إلى قصة العمل بشخوصها الأخرى وفقاً للنمط الدرامي المعهود إلا أن الكثير من الحوارات التي ترد على لسان الشخصيات بغالبيتها تأتي وعظية ومكثرة في إطلاق الحكم لدرجة أنها محت إلى حد ما خصوصية كل شخصية وتفردها فمثلاً ممكن أن تأتي نظرية.. “عندما يوجد مال لا يوجد شعور وعندما يوجد شعور لا يوجد مال” على لسان ورد أو بسام أو نورس… الخ وذلك ضمن بيئة من الواقعية الميالة إلى العبثية بأداء مسرحي في العديد من المشاهد وبفنيات سينمائية في سواها كحال مشاهد الزنزانة.
ومن جهة ثانية مكنت تقنية الخطف خلفاً الفلاش باك الكاتبة من العودة بالزمن إلى الوراء راصدة المشهد قبل الأزمة من قلب زنزانتها لتجعل من المسلسل قلم أحمر والذي ستضفي به المسحة العبثية ومن موقع المجرب على مشهد البلاد وهي تعيد إنتاجه من عدة جوانب كالموروث الاجتماعي والثقافي ثم الانتقال إلى مظاهر الفساد المنتشرة مستخدمة مختلف وسائل التفريغ النفسي لبلوغ تلك الغاية كالكتابة وتعاطي المخدرات وحبوب الاكتئاب إضافة إلى الرسم والموسيقا ولاسيما الهارد روك منها لكنها لسبب ما غيبت اللجوء إلى التيار المتطرف كآلية نفسية رغم أنه حضر في المشهد السوري الحقيقي.
وتتبع سيرورة العمل شكلاً متحلقاً حيث تمر كل شخصية بتجربتين تعي كل منها حقيقة معضلتها ولكنها تفشل في الخروج منها في المرة الأولى لتعاود هذه المشكلة الظهور محدثة تحولاً بمسار الشخصية ثم لتغلق الحلقة الأخيرة نهاية المطاف من نقطة توازي البداية الشخصيات ذاتها بنفس المناسبة ولكن من الملفت أن تشير الكاتبة إلى ذلك على لسان ورد الراوية التي تعلق على الأحداث وتفسد في كثير من الأحيان متعة الكشف لدى الجمهور فهي التي عقبت قائلة “الخبرات تتكرر لكنها تودي إلى مطارح تانية” وكمثال آخر جاء على لسان تيم عابد فهد الطبيب النفسي قوله واصفاً حازم رامي حنا بالشخص التنافسي الذي يحب الحصول على ما يمتلك أقرانه رغم أن شخصية الأخير باتت واضحة للمشاهدين دون الحاجة إلى هذا التحليل.