دمشق _ سانا
بمناسبة مرور أسبوع على وفاة الشاعر العراقي الكبير عبد الرزاق عبد الواحد أقامت الأمانة العامة لمجلس القبائل والعشائر العراقية بالتعاون مع المركز الثقافي العربي في جرمانا حفل تأبين شارك فيه عدد من الشخصيات الأدبية والفكرية في العراق وسورية تناولت في قصائدها وكلماتها مناقب الراحل وأهمية شعره وكتاباته في الأدب والمسرح وأثره على الشعر العربي.
أكد الأمين العام لمجلس القبائل والعشائر العراقية الدكتور نزار العبيدي خلال كلمة ألقاها في حفل التأبين أهمية الشاعر الراحل كقامة أدبية في العراق والوطن العربي وانعكاس تألمه للأحداث الدامية التي شهدها العراق على قصائده.
وبين العبيدي أن قصائد عبد الواحد تجمع الأصالة بالإبداع والحرية بالحق والخير والجمال ما جعل منه شخصية شعرية تحفل بالجميل والطريف وتنبض بالحزن والألم وتحمل هموم وتطلعات وطن معتبرا أن الراحل خريج كل الحقب الشعرية الزمنية بألوانها المتباينة ومدارسها المتعددة.
وقالت مديرة ثقافة ريف دمشق ليلى الصعب “إننا في هذا التأبين نرثي أنفسنا ونرثي مناقب الراحل لأنه من أهم كبار الشعراء وقصائده تسير على ألسنة الصغار والكبار كشاعر للعروبة وابن بار للعراق نبع الابداع وشقيق الجرح السوري”.
أما رئيس جمعية الصابئة المندائيين غسان بطي رأى أن الأجيال ستبقى تتحدث عن هذا الشاعر المتميز بشعره ووطنيته وحبه لعراقه ولشعبه الأبي لتبقى قيمته الأدبية راسخة في أذهاننا وسيخلده التاريخ فخرا لبلاد الرافدين كما اعتادت الأمم الحضارية أن تفتخر بمبدعيها.
وقال الروائي حسن حميد عضو المكتب التنفيذي في اتحاد الكتاب العرب “كان الشعر حياة عبد الرزاق عبد الواحد ومدونته الشعرية هي قلعة الشعر العربي موقدا شعلة نيران الشعر لديه منذ قصيدته الأولى وهو في دور المعلمين العالية وفي صحبة السياب والبياتي وسليمان العيسى وغيرهم ليروي لنا أن العراق كالنخيل وكالضوء عصي عن الانحناء”.
وأشار الشاعر الدكتور نزار بريك هنيدي إلى أن التمعن في العدد الكبير من القصائد التي كتبها عبد الرزاق عبد الواحد على نظام الشطرين كفيل بأن يتيح للمرء الوقوف على براعته في المحافظة على أهم سمات القصيدة الكلاسيكية من متانة البناء وفصاحة البيان وقوة التراكيب اللغوية ورونق الجملة وتناسب الألفاظ بالإضافة إلى جمال الأسلوب ورشاقة الصور التخييلية وهي أشياء لا يأتي بها إلا الشاعر الكبير.
أما الشاعر الدكتور راتب سكر الأستاذ في جامعة دمشق فقال في كلمته “كان شاعرنا قويا يكاد يرتفع عن الأرض وهو يلقي الشعر ناظرا إلى سماء الموجود ليبحث عن مكان يليق بقصائده في سمو بعيد متميزا بما يمتلكه من أدب رفيع وحضور كبير”.
ولفت أستاذ الأدب الحديث في جامعة دمشق الناقد الدكتور غسان غنيم إلى أن النص الشعري عند عبد الواحد يبدو مهندسا بإتقان تزينه لوحات ترتفع إلى مصاف كبار المصورين والملونين لوحات تحفها الضلال المشحونة بكل طاقات الوجدان وعذوبة الخيال تملؤها عذابات الغربة وحب بغداد وتعلقه بها لدرجة التصوف والذوبان.
وألقى الشاعر الدكتور نزار بني المرجة قصيدة عبر فيها عن حزنه العميق لفقدان صديقه الشاعر عبد الواحد بأسلوب رمزي لا يخلو من الإيحاءات والدلالات المؤدية إلى مودة كبيرة بينهما قال..”سلاما صديقي .. على عمر ينتهي .. دون صبر الوصايا دون تلويحة للوداع ..سلاما صديقي على كل حزن تراءى لنا وللقادمين سلاما على رعشة للخيول”.
وجاءت قصيدة الشاعر العراقي الدكتور علي العبيدي بأسلوب الشطرين معددة لصفات الفقيد ومليئة بالفخر به و خاصة أنه أخلص لوطنه ولأدبه ولثقافته سابحا في البحر البسيط على روي ملائم لألفاظ قوية كقوله.. “ومن مثلك استسقى الغمام بشعره .. وقال لها جودي بفيضك وأكرم
وخلي يباس الأرض يرفل خضرة .. وخلي ربيع القوم أوضح معلم وداعا أبا العصماء كانت رسالة .. لجيل يهب اليوم هبة ضيغم”.
وقدم الشاعر محمد خالد الخضر قصيدة معبأة بالحب والأسى لفقدان شاعر عربي مبينا معاناة الراحل من لوعة الغربة ومرارة البعد عن الوطن بسبب الظلم والطغيان فقال..”لا تكتئب أنت من شاركتني ألمي .. مثلي تحط غريبا ثم تنتقل وكنت أكبر من أرض ومن شجر .. وكنت صقرا على الأوجاع يرتحل أبكيك صرت حزينا في مواجهة .. وليس عيبا بكاك الفارس الرجل”.
وبدا الحزن كبيرا في قصيدة الشاعرة وليدة عنتابي التي صورت حالها وحال الأدباء والشعراء والمثقفين الذين حزنوا لفقدان الشاعر عبد الواحد فقالت.. “دعيني بعين أبكي لوعتي حرقا .. بكى العراق وغامت في المدى أفق والعرب قاطبة في ذاتها فجعت .. يا سيد الحرف سيفا سله ألق”.
وأوضح الإعلامي الدكتور بدر فهد ابراهيم في كلمته أنه لا شعر ارتقى إلى شعر عبد الواحد خلال العقود الأخيرة كما تميز في وطنيته عندما تحدى الاحتلال الأجنبي للعراق وأعوانه وظل صامدا حتى الرمق الأخير من حياته وجاء في وصيته أن تكون رفاته في العراق بعد تحريره.
وألقى الإعلامي علي فوزي عددا من قصائد الشاعر الراحل التي تعبر عن حب العراق وعن تصويره للحزن وللرحيل ولفقدان الأهل والتي تبدو فيها صورة الوطن وألمه على فقدانه كقوله.. “متى من طول نزفك تستريح .. سلاما أيها الوطن الجريح”.
وعزف الفنان شكري سوباري بعض المقطوعات الحزينة التي تعبر عن الأسى والغربة إضافة الى قصيدة لحنها وغناها للشاعرة عنتابي ليختم ناجي الزبيدي رئيس لجنة الثقافة والإعلام عضو الأمانة العامة لملتقى قبائل وعشائر العراق بقراءة لشعر الراحل وصفاته الابداعية والإنسانية منوها باهتمام سورية بالمبدعين العراقيين ورعايتهم واحتضانهم.
ثم عرض فيلم وثائقي عن حياة الشاعر عبد الواحد والأماكن التي عاش فيها وأهم القصائد التي ألقاها في الغربة.
يذكر أن الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد ولد في محافظة العمارة جنوب العراق سنة 1930 تخرج من دار المعلمين واشتغل مدرسا للغة العربية في المدراس الثانوية ونال العديد من الجوائز العالمية ومنحته وزارة الثقافة في سورية درع دمشق عام 2008 له عدد كبير من الدواوين منها أوراق على رصيف الذاكرة الخيمة الثانية و في لهيب القادسية وفي مواسم التعب وقمر في شواطئ العمارة وقصيدة حب وغيرها.