الرياض: العرب اليوم
لم يكن شهر رمضان ونهار الصوم في الماضي عند أبناء البادية سهلا وميسرا كما هو الحال الآن، من حياة مريحة ورغد عيش، وحياة يتوفر فيها جميع أنواع الأطعمة وثلاجات حفظ المأكولات وتبريد المياه وأجهزة التكييف، حيث كان أهل البوادي يصومون في درجات حرارة عالية، ويمارسون أعمالا شاقة لتوفير أسباب الرزق لأسرهم، بينما كانت ثلاجتهم القِربة ومكيفاتهم الشراشف المبللة.
وعن تلك المعاناة يتحدث مشاري جاسر النجيمي (82 عاما) فيقول: كنا في الماضي بدوًا رُحلا نعيش في صحراء قاحلة، نصوم نهار رمضان في درجة حرارة تقترب في بعض الأحيان من 50 درجة مئوية، ونعاني من الصوم في القيظ أشد المعاناة، والصيام في حياة البدو يختلف كثيرا عن الحضر، حيث كانت حياة البدو عسيرة جدا، ويومياتهم يكتنفها العديد من التحديات والصعوبات، فهم يتبعون ماشيتهم في المراعي، حيث تبدأ رحلتهم مع طلوع الشمس كعادتهم، ويقطعون المسافات الطويلة في الرعي ببطء وهدوء، وهمهم الأول أن يروا مواشيهم وقد شبعت لا يهم ما يقطعونه من مسافات وما يصعدونه من جبال، فهم يقضون وقتا متعبا جدا خلف ماشيتهم التي تأتمر بأوامرهم كما يشاءون.
ومع تقدم الساعات يزداد التعب والعطش لارتفاع الحرارة، والتي تقترب أحيانا من الـ50 درجة تحت الشمس الحارقة، التي ترسم على أجسادهم ألوان المعاناة، فالظلال ليست متوفرة في البوادي، والأخطار تتهدد مواشيهم من ذئاب وغيرها، واليقظة مطلوبة في كل وقت، فإذا كان سكان المنازل في الحضر يعانون من الحر فكيف حال البدو؟!، ولكنهم تكيفوا مع الصيام وتأقلموا مع الحر، فبعد صلاة الظهر يقومون برش الشراشف بالماء والنوم تحتها، ولكن سرعان ما يوقظهم الحر مرة أخرى بعد أن تنشف تلك الشراشف المبللة بسبب شدة الحرارة، فيقومون برشها مرة أخرى، وهكذا.
ويضيف العم النجيمي: لم يكن لدى أبناء البادية وسائل راحة متوفرة حاليا من أجهزة تكييف أو مراوح، وكل ما يملكه البدوي هو المهفة المصنوعة من خوص النخيل ومقبضها من الجريد، ثم بعد صلاة العصر نعود لتفقد الماشية وسقايتها من الماء الذي نقوم بسحبه من البئر بواسطة الدلو، وقبل المغرب يجتمع الجميع في بيت أحدنا لتناول وجبة الإفطار سويا، فقد جرت العادة أن يتناول الرجال والأبناء الإفطار الجماعي معا، والنساء والبنات مع بعضهن البعض، ونادرا جدا ما يفطر الرجال والنساء سويا.
ويكمل النجيمي: نبدأ إفطارنا بالتمر، والماء من القِربة، وهي ثلاجة البدوي في الماضي، مصنوعة من جلد الماعز أو الضان، فيوضع بها الماء وترفع في مكان يسمى الصفيف وهو من خشب الأثل، وبعد صلاة المغرب نجتمع على ما يتوفر لدينا من طعام ويكون في الغالب الخبز والسمن والعسل والتمر وحليب النياق واللبن، بالإضافة إلى القهوة والشاي.
أرسل تعليقك