الأحساء – العرب اليوم
يظل للماضي حلاوته رغم قسوة الظروف وصعوبة الحياة، لذلك تجد من يعبر عن الماضي بـ"الزمن بالجميل" ويظل عالقا بالذاكرة في الكثير من تفاصيله.
ورمضان بالتأكيد يحمل الكثير من الذكريات والحكايات والصور التي يحتفظ بها كبار السن ويستعيدونها كلما لاح هلال رمضان.. تعالوا نستجلي شيئا من تلك البقايا الجميلة رغم ما فيها من التعب.
عادت الذاكرة لـ الحاج عيسى بن حجي الحميد، للوراء وتحسَّر على الزمن الجميل خاصةً في شهر رمضان المبارك
وأوضح: كُنَّا نعلم بدخول شهر رمضان المبارك عن طريق الأذان، حيثُ يقوم المؤذنون برفع الأذان حينما يثبت دخول الشهر الكريم، ويتم إبلاغ المؤذنين بالإعلان عن دخول الشهر من قبل عمدة البلد وأهل الخبرة والدراية والتواصل مع المشايخ، لأنَّ في ذلك الزمان كنا نفتقر إلى جميع الخدمات ووسائل التواصل والمعرفة، وحينما يثبت هلال الشهر تكون هناك حالة استنفار من الأهالي، حيثُ يقومون برفع أعلام على أسطُح المنازل وتزيين مداخل البلدة في إشارة لدخول الشهر الكريم، وتسمع صوت القُرآن الكريم يتردد في أحياء البلدة ويقوم أهل الحي بتزيين مداخل "الفريج " بالفوانيس والإتريكات في الليل.
و تحدث بن حميد عن أبرز العادات الرمضانية القديمة في شهر رمضان المبارك في ذلك الزمن،: استمرار فتح المجالس والجلوس تحت العريش، والتواصل مع الأرحام وإعداد الولائم وحضور دروس العلم بالمساجد وتلاوة القرآن.
وعن الأعمال التي يقومون بها خلال نهار رمضان، قال الحميد: نعمل في المزارع والبساتين من الصباح الباكر يتجهون إلى نخيلهم وهم في نشاط وحيوية وكلهم يتدفقون حُبا وإخلاصا رغم حرارة وصعوبة الحياة في ذلك الوقت.
وكُنَّا نتقوى على الحرارة بسلاح الصبر، والبعض منَّا كان يضع قطعة قماش مبللة بالماء على رأسه كي تُبرِّد الحرارة، وكُنا نلوذ بحيطان البساتين من شدَّة الشمس والرطوبة، والبعض ينام في الدهاليز الباردة، وكانت المهفَّة المصنوعة من خوص النخل هي بمثابة المكيف عندنا وشاهدنا البعض يتخذ مغارة الجبل مأوى له هروبا من الحرارة والرطوبة.
والإفطار في شهر رمضان المبارك كان جماعيا حيثُ كُنا جيشا من العيال نلتَّف حول السفرة الواحدة وكانت وجبة الإفطار عبارة عن المرق والهريسة والعيش الأرز وكانت وجبة رئيسة في الإفطار وفي السحور كان العيش هو الأساسي وكما يقولون في العيش المعيشة.
و ذكر الحميد: عن ليل رمضان، ليل رمضان يتم إحياؤه بالعبادة والجلسة في مجالس الذكر والمسامرة مع كبار السِن والاستماع إلى أحاديثهم وقصصهم المُسلية، وترى الرجال يتجولون داخل الأحياء من مجلس إلى مجلس في جوٍ أُسري مفعم بالإيمان والزُهد والتقوى، وننتظر أبو طبيلة لِنُلاحقه ونُتابعه ونُردِد معه الأهازيج الإسلامية وكانت ليالي حلوة كثيرا مع صعوبتها وقساوتها.
كانت النساء يجتمعن سويا كل يوم في بيتٍ من الصباح الباكر للمساعدة في عملية تنقية الحبوب وعمل المخبوزات وتهيئة المطحنة و كل ما يتعلق برمضان، وبعض النساء يقُمن بإحضار الماء من العين "البئر"، كما تقوم النساء بنسف وتنظيف الرز من الشلب، وطحن الأرز لعمل المجرَّح.
وتحسر الحميد على الزمن الجميل وقال: رمضان لم يتغيَّر هو شهر الله الفضيل والكريم، ولكن الناس تغيَّرت أحوالهم وأوضاعهم وعاداتهم وتقاليدهم، فانقطعت الزيارات والتواصل بين الناس بسبب التكنولوجيا.
أرسل تعليقك