هي ليست صدفة وربما لا تكون مدبرة، ولكنها في كلتا الحالتين "حاجة مريبة جدًا"، وصف مختصر لحالة التفاعل الجماهيري التى تجتاح السوشيال ميديا مع كل كليب جديد يصدره المطرب المغربي سعد لمجرد، ليست نتيجة "حلاوة الكليب" أو أن الأغنية "رائعة بزيادة" ولكنها تأتي فقط بعد تمهيد وإثارة وتشويق ولا "أجدعها فيلم درامي"، حيث يصدر كل كليب جديد للمعلم فور خروجه من السجن نتيجة "تهمة اغتصاب"، آخرها كليب "بدك إيه" الذى سيظهر خلال أيام.
صدفة تكررت عدة مرات فى أقل من سنتين، ولو تتبعنا توقيت كل كليب من كليباته لوجدنا صدوره يأتي بعد "مصيبة" يقوم بها المعلم، نرتكز هنا على ماهية ارتباط كليبات سعد لمجرد الأخيرة بفكرة محاولة "تجميل مصيبة ما"، ومحاولة تناسى جمهوره لارتباط اسمه عالميًا بتهمة الاغتصاب، ويصبح عن جدارة "معلمًا" فى هذا المجال، بعد ثبوت التهمة عليه مرتين في نفس السنة من فتاتين مختلفتين تجمعهما جنسية واحدة، وهي الفرنسية.
آخرها تلك التى كانت بمثابة القشة التى قسمت ظهر البعير، باعتدائه على فتاة عشرينية في ضاحية سان تروبيه الساحلية فى الجنوب الفرنسي، وتم إلقاء القبض عليه عقب اتهامها له رسميًا بالاعتداء عليها جسديًّا وجنسيًّا، وتم توجيه تهمة الاغتصاب إليه من قبل الإدعاء الفرنسي وقتها، وأودع فى السجن يومين على ذمة التحقيقات، حتى انتشرت الأفراح المؤقتة على مواقع التواصل بالإفراج عنه تحت مسمى "البراءة"، إلا أنها كانت مجرد "إطلاق سراح مشروط" على ذمة التحقيقات التى وصفها القضاء بـ"قضية معقدة"، إثر تضارب الأقاويل بين لمجرد والفتاة، وأقر سعد باصطحابه إياها إلى غرفته بالفندق برغبتها، وتم عمل علاقة جنسية بالتراضى، فتم إعطاء حرية مؤقتة للمعلم بعد دفعه كفالة 150 ألف يورو ما يقارب الثلاثة ملايين بالجنيه المصري، وبعد قرابة ثلاثة أسابيع بالتمام عن "براءة المعلم المزيفة" تم الطعن فى قرار إطلاق سراحه رسميا بعد استئناف ممثلى الادعاء فى دراجينيان جنوبي شرق فرنسا شروط الكفالة الصادرة عنه مما دفع القضاء الفرنسي استصدار مذكرة جديدة فى حق المعلم للقبض عليه مرة أخرى وإيداعه السجن فى سان تروبيه، مع إعادة فتح التحقيقات فى نفس القضية.
وما زاد الطين بلة وقتها هو طلب فتاة فرنسية تدعى لورا للقضاء الفرنسي استعجال قرار بسجنه مرة أخرى على ذمة قضيتها الشهيرة منذ سنتين، حيث يعتبر تاريخ المعلم حافلًا بالإنجازات في مجال الاغتصاب فى فرنسا، حيث تم إثبات تهمة اغتصابه لورا وسجن على إثرها لعدة أشهر، حتى خرج منها "زي الشعرة في العجين" بعد وقوف المحامى الفرنسي إيريك، الملقب بالغول، بنفسه للدفاع عنه، وخرج المعلم من السجن باحتفالات عارمة ربيع العام الماضى، أرفقها بإطلاق كليب جديد بعنوان "let go"، ولكن سرعان ما تم تناسى تلك البراءة المزيفة مع طعن لورا للقضية ومع دخوله في دوامة قضية اغتصاب جديدة فى سان تروبيه.
ويبدو أن سيناريو "الكليب بعد السجن" والاعتماد على الدعاية الجماهيرية من حيث المشاهدات بعد فترة غياب، ستتكرر مرة أخرى، فبعد ظهور كليب "كازابلانكا" نهاية يوليو الماضى، الذي كان بمثابة "مصالحة" للجمهور وبداية انطلاقة جديدة في مشواره خلال موسم الصيف، بعد تمتعه بحرية مؤقتة بالخروج من فرنسا والقيام بفترة نقاهة في موطنه المغرب، وقع فى فخ الاغتصاب مرة أخرة بعدها بأيام بالقضية الجديدة، والذي غاب على إثرها لقرابة الأربعة أشهر، حتى قرر الخروج علينا بمفاجأة جديدة، بعد إطلاق سراحه منذ أيام، عقب دفع كفالة مالية مع استمرار التحقيقات الجارية إبان "فضيحة" اغتصابه فتاة فرنسية فى التاسعة والعشرين من عمرها، بعد استدراجها فى أحد النوادي الليلية فى سان تروبيه نهاية أغسطس الماضي، وتم إيداعه السجن وقتها بتهمة الاغتصاب وتعد هذه هي المرة الثانية التى يتم فيها الإفراج المؤقت عن سعد لمجرد في نفس التهمة، بعد إطلاق سراحه منتصف سبتمبر الماضى تحت شروط رئيسية أهمها سحب جواز سفره وحرمانه من مغادرة الأراضي الفرنسية وإلباسه حزام ممغنط لتتبعه مع إجباره على تسليم نفسه يوميًا في الدرك الفرنسي، والأهم من ذلك إعلانه كـ"إطلاق سراح مشروط" أي مازال على ذمة التحقيق.
حرية مؤقتة أتت مع تأزم موقفه القانونى خاصة مع قرار "الغول" انسحابه بشكل رسمى من الدفاع عنه بعد "شكوك" حول مصداقية موكله، وهو ما يعنى بالتبعية تخلى من ساندوه من قبل فى قضيته الأولى، وزادت المصائب تباعًا بعد قرار أكبر الإذاعات المغربية "هيت راديو" منع إذاعة أغانيه، استجابة لحملة جماهيرية ظهرت للنور مثلت بدايات "زوبعة" ربما تكون تمهيدًا لعاصفة تمحو تاريخه السمعي والبصري في المغرب، بإطلاق حملة "ماساكتاش ، عبر منصات السوشيال ميديا انطلاقًا من تويتر، على غرار هاشتاج "مي تو" الشهير عالميًا المناهض للتحرش والاغتصاب، تبنتها ضحيته الشهيرة لورا، وهدف الحملة الجديدة بسيطة جدًا، "حظر إذاعة أغاني سعد لمجرد على الإذاعات المغربية"، وزاد الأمر للضعف بعد قرار إدارة جوائز الموسيقى الأفريقية سحب ترشيح سعد لمجرد رسميًا من لقب أفضل مطرب مغربى لعام 2018، عقب ثبوت تهم الاغتصاب عليه، والمريب فى الأمر هو تجاهل "عشاق المعلم" وجماهيره المخلصين لكل تلك الأمور والتداعيات الأخلاقية التى تصيب تاريخه الفنى فى مقتل، ويظلون يقيمون الاحتفالات مع كل قرار "إطلاق سراح مؤقت" يناله وكأنه وصم بالبراءة المطلقة من تهم تم إثباتها سلفًا.
براءة لن تدوم اعتاد عليها لمجرد مؤخرًا، يستغلها فى القيام بالدعاية لعمل فنى جديد، ويبدو انه لم يدخر وقتًا فى التخطيط للكليب هذه المرة، فكان أول رد فعل رسمي من المعلم نشره صورة غريبة على الانسجرام نصف عاري وهو في مسبح، مرفقة بكلمة شكر كالعادة لجمهوره ممن وقفوا بجانبه ووثقوا في براءته، مع إرفاقه بالكشف عن مفاجأة "غير متوقعة"، تكمن في تجهيزه لإطلاق كليب جديد مساء 17 ديسمبر، تحت مسمى "بدك إيه"، نفس النهج الذى قام به من قبل في كليب "let go"، ولكن الاختلاف هذه المرة كمن في تفصيلة "مريبة" ظهرت في الصورة، بعيدًا عن كونه يجلس في "حمام سباحة" عاريًا فى عز البرد، لكن ظهرت على جسده علامات "جروح" و"ندوب"، منها إصابته في عينه اليسرى وكأنه تلقى لكمة قوية فيها، مع وجود ندب كبير على كتفه الأيسر ويمتد على طول صدره، مما يثير الشكوك حول ماهية لعبه "دور الضحية" فى قصة الكليب الجديد، ضحية ضرب أو اعتداء ما نتجت عنها تلك الجروح والندبات، ما يثير أيضًا السخرية حول ماهية إجادته لهذا الدور، خاصة بعد نجاحه الباهر فى أداء دور "المغتصب" خلال الفترة الأخيرة من مشواره الفنى.
وبالفعل ظهر الكليب الجديد للنور في موعده المحدد، وقجم نفسه فيه سعد بشكل مسويقي جديد بغعادة إحياء أغنية الفيلم الهندي "padmaavat"، ولكن بكلمات عربية، وجسد خلال الكليب قصة حبيب يضحى من أجل محبوبته ويتعرض بالفعل للضرب والاعتداء من قبل "بلطجية" يتركون عليه ندبات طعنات سيف على جسده وآثار ضرب على عينه، حتى كلمات الأغنية نفسها حملت جرعة مكثفة من الاستعطاف، وكأنه هو الطرف الأضعف فى العلاقة وضحية عذاب الحب من عشيقته التى لا تكن له نفس مقدار الحب وتقرر هجرته، يقول: "بدك إيه لك أيامي، بدك إيه لك أحلامي، عمري كله فدا خدمة حبي، أنا عمري كله فدا خدمة عمري أنا"، وكأنه يتذلل الحب، فيما يشبه كثيرًا لفكرة "الذل العاطفي والجنسي"، ليقرر فعليًا لعب "دور الضحية" فى أجدد كليب يظهر بعد خروجه "مؤقتًا من السجن"، لكن المثير للسخرية هنا أن تلك الندبات مشابهة لما يتركه المعتدى على ضحية الاغتصاب، خاصة بعد تصنيف حالة لمجرد النفسية بـ"السادية" أي محب للعنف الجنسي، وربما تكون هذه بداية لسلسلة كليبات يلعب فيها سعد دور الضحية بعد نجاحه فى دور "الشرير".
أرسل تعليقك