طوكيو ـ وكالات
سبب ارتفاع الين خلال الخمس سنوات الماضية بنسبة 34% مقابل الدولار، ضربة قوية لقطاع الصادرات الياباني، ما أحدث موجة من هجرة الشركات إلى الخارج، الشيء الذي ساهم في حدوث عجز تجاري في اليابان. ومع ذلك لم تقو الشركات التي تعتمد على الصادرات على البقاء فحسب، بل ازدهرت وسط الفوضى التي خلفتها العملة والتي كثيراً ما يُلقى عليها لوم معاناة الشركات اليابانية.
ومن أمثلتها “تاماجوا سيكي”، إحدى الشركات القديمة التي يقع مقرها في جنوب اليابان، وتعتبر واحدة من الشركات الهامة في سلسلة التوريد في البلاد، لاسيما أنها عملت على إرساء قواعدها الصناعية في الداخل بدلاً من الهجرة إلى الخارج. ويكمن سر الشركة في تغلبها على ارتفاع الين في منتجاتها مثل الجيروسكوب “جهاز لحفظ التوازن وقياس الاتجاه” والحساسات التي تستخدم في كل شيء تقريباً من السيارات الهجين إلى الطائرات الحربية والأقمار الصناعية. وقامت الشركة في العام الحالي بإضافة خطوط للتجميع في ثلاثة من مصانعها بغرض زيادة إنتاج الحساسات للسيارات الهجين بنحو 15% إلى 10 ملايين وحدة سنوياً.
وتُعد شركة “تويوتا” أكبر عملاء “تاماجوا”، إلا أن المؤسسة المتخصصة ذكرت أنها تصدر أيضاً لشركة “جنرال موتورز” الأميركية و”فولكس فاجن” الألمانية. وتكاد الشركة تحتكر إنتاج الحساسات لتي تستخدم في تحويل المحرك من حالة الوقود إلى الكهرباء، كما يتضمن عملاؤها “فوكسكون للتقنية” التايوانية التي تعمل على تعهيد قطع الغيار المستخدمة في روبوتات المصانع ولشركات الطيران مثل “بوينج” وأير باص” التي تستغلها في تطبيقات مثل أنظمة الطيار الآلي.
و”تاماجوا” ليست الشركة اليابانية الوحيدة التي نجحت في الصمود في مواجهة ارتفاع الين، حيث توجد شركات صغيرة مثل “أوكانو كوجيو” التي تنتج إبراً دقيقة لا يتعدى سمكها 0,2 مليمتر معدة للحقن تحت الجلد، و”مايكيرو سبرينج” التي تملك 70% من الحصة السوقية من النوابض المستخدمة في الأقلام وشركة “ياماجو سيراميكس” التي تقوم بصناعة 30% من الحصة السوقية العالمية من ألياف الكريستال المسؤولة عن نقل الصوت في الهواتف النقالة، وكذلك شركة “ميزي” التي تملك ثلث الحصة العالمية من الأسلاك الفضية المستخدمة في نقل التيار الكهربائي للأجهزة المنزلية.
وفي حين تأثرت 60% من الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم من ارتفاع الين في 2011، ذكرت 40% منها أنها لم تتأثر بسعر الصرف الأجنبي. وتفسر هذه المرونة السبب وراء أن الشركات اليابانية الكبيرة مهما لحقها من ضرر، ستظل قوة عالمية لا يُستهان بها وهي في وضع يؤهلها لجني أرباح وفيرة، في حالة استمرار تراجع قيمة الين أمام الدولار والعملات العالمية الأخرى.
وتملك هذه الشركات الصناعية المتخصصة قبضة محكمة على السوق من خلال منتجاتها، بغض النظر عن مدى ارتفاع قيمة الين. وترى “تاماجوا” أن الفضل في صمودها في اليابان يعود إلى قوتها التقنية وقاعدتها العريضة من العملاء المخلصين، ومع أن الشركة الخاصة لا تكشف عن أرباحها، إلا أن مبيعاتها بلغت في العام الماضي نحو 32,6 مليار ين (395 مليون دولار).
وفي الوقت الذي كانت فيه شركات صناعة السيارات تعاني الخسائر في أوروبا الناتجة عن الركود القاسي والتراجع السريع في قيمة اليورو، قامت “تاماجوا” بفتح أول مكتب لمبيعاتها في ألمانيا في تموز/يوليو الماضي، حيث تتوقع الشركة التي بلغت صادراتها إلى أوروبا 4 مليارات ين في العام الماضي، مضاعفتها في غضون الخمس سنوات المقبلة. كما قامت الشركة في السنة الماضية تحت ضغط العملاء بفتح أول مصنع لها في الخارج في الصين، لإنتاج المكونات الثانوية المستخدمة في الروبوتات الصناعية.
أرسل تعليقك