دمشق - سانا
يختار الشاعر فرحان الخطيب عنوان قصيدته "بوح ليس إلا" ليكون عنواناً لمجموعته الشعرية الجديدة نظراً لمكانة القصيدة في نفسه إضافة إلى أنها فازت بالمرتبة الأولى في مسابقة الزباء في تدمر عام 2009 وهي تحمل في حروفها وصفاً لتدمر وجمالها ولعادات وتقاليد أهلها وما في هذه المدينة من مآثر وجماليات ..
قلبي على صحراء تدمر أخضر .. والروح من سيل الأوابد تنقر
قلبي يجيء إلى هنا ويحبها .. وأراه من مزن المحبة يقطر
فهنا أرى أهلي تضيء عيونهم .. وسماتهم أهلاً وبيت خير.
وفي بعض قصائد المجموعة التي تقع في 116 صفحة من القطع المتوسط يشكل الخطيب تعابيره بمفردات بسيطة استعارها من واقعه الاجتماعي حيث انعكست البيئة عليها فتكونت كما شاءت عاطفته دون تكلف وهي تؤدي ما يريد في وصفه للوحة فنية أعجب فيها فغنى أمامها وقال:
من أين هذا اللحن في الألوان والتشكيل يصدح
أو كيف تدعو الجلنار إلى خيالك .. كيف قام الزهر يمرح.
وفي مجموعة الخطيب تأخذ قصيدة الومضة مكاناً مرموقاً لأنها تقدم موضوعاً متكاملاً في بضع كلمات شفافة مبتكرة خالية من الجوازات التي تثقل أحياناً على النص الشعري فتربكه إضافة إلى قدرة الشاعر على تحميل تلك الومضة موضوعاً كاملاً في قصة متوازنة .. يقول في قصيدة عتاب:
نظرة الأحداق ترنو .. أيقظت وجه المرايا ..
زنرت خصر المساكب ..
ما مضى .. في درج تلك الليلة العرجاء .. شكراً .. لا تعاتب.
ويرى الشاعر الخطيب أن الصداقة حالة إنسانية راقية تسمو إلى أعلى الدرجات وتعبق في كرام النفوس وأصحاب القلوب الطيبة والندية إضافة إلى أنها أهم من كل أواصر القربة فهي كنائز الحنان وهي أحلام يملؤها الشاعر بمكنوناته وإنسانيته فيقول لصديقه في قصيدة ما دمت قد خيرتني ..
ما دمت أنت .. وأنت تسبح في دمي
بعضاً من الخبز المملح .. فلنكن لحناً يفيض على تضاريس المودة من ضحى ناي الرعاة.
ويعبر الشاعر في مجموعته عن انتمائه الشديد للشعر فلا يمكن له إلا أن يسير في حدائقه وأن يبوح له بما يكنه ومهما كانت النتائج فلا بد للشاعر من أن يقف أمام حدائق الشعر ليبوح بما يفرحه أو يحزنه وذلك ما أفصح فيه في قصيدة شاعر يقول:
إني لأنأى عن شرور الشعر .. أو عن خيره .. أنأى ..
وإني لا أسير إلى حدائق غيره ..
سأظل ما مر الزمان .. أنام فوق سريره
وفي قصيدة ورد على شباك قلبي يفور الحب والأشواق والعواطف بين الحروف وتترادف العبارات متأنقةً لتكون أجمل ما يملكه الشاعر من تعبير وهو يهدي لولده عصارة موهبته وما تحمله من إرث لأن القصيدة تعبر عن مدى أهمية الابن بالنسبة لأبيه فليس أعظم وأجل من الشعر ليكون رسول شوق وبرهان حب بين الشاعر وولده كقوله:
ورد على شباك قلبي .. من أناملك الجميلة
إني فخور يا بني .. وأنت تطلق زهرة الألحان .. في حضن الخميلة
فهي الفراشات التي .. ملأت زوايا البيت .. أنغاماً أصيلة
وتأخذ القدس أهم ما كتب الشاعر في المجموعة لأنها رمز وطني يخلد في روحه وذاكرته نظراً لما يشكله استعمارها من غصة تتحول إلى هم كبير في حياة الشاعر وألم صعب في ضمير الأمة العربية بأجمعها فينتقي لها البحر الكامل الذي يتلاءم مع المواضيع القومية والوطنية ومع تطلعات الشاعر إلى زوال الاستعمار.. يقول في قصيدة وللقدس فتاها:
والقدس عطر الله في جنباتها .. توراة.. عيسى ...أو نبي مرسل
والظلم يسبح في مآقي حزنها .. والحق في لغة الشعوب مؤجل
أرسل تعليقك