إصدارات من مجموعة «كأننى حي» إلى «الوثائق السرية لحكم الجماعة الفاشية»
آخر تحديث GMT09:18:26
 تونس اليوم -

إصدارات من مجموعة «كأننى حي» إلى «الوثائق السرية لحكم الجماعة الفاشية»

 تونس اليوم -

 تونس اليوم - إصدارات من مجموعة «كأننى حي» إلى «الوثائق السرية لحكم الجماعة الفاشية»

مجموعة «كأننى حي»
القاهرة - تونس اليوم

«اقرأ» هكذا بدأ الأمر الإلهي، فى محكم التنزيل، مثلما كانت كلمة عيسى ابن الإنسان فى الإنجيل: «فى البدء كان الكلمة» لكننا فرطنا فى هذا وذاك، ولم نعد نقرأ، وكأن القراءة باتت موضوعا، ينتمى إلى حالة من حالات الرفاهية، وكأن أسوأ سؤال يمكن أن تواجهه هو: ما هوايتك؟ وتكون الإجابة: القراءة، القراءة ليست هواية، إنها ذروة لحظات بناء الإنسان، ولا داعى لتكرار ما قيل إن الأهم من بناء المصانع هو بناء الإنسان، لا داعى لتكرار أن وزير دفاع الدولة العبرية «موشى دايان» سئل ذات مرة: لماذا جاءت خطط حرب 67 هى بالضبط ما جرى فى حرب السويس فى 56؟ وكانت إجابته: إن العرب لا يقرأون.

واليوم يمر العرب بظروف قاسية، ولحظة تحولات،مخاضها عسير، فلا صوت يعلو فوق صوت الرصاص، تعطلت المطابع عن الدوران فى غير بلد عربي، وأجهضت مشروعات دول تدعو للقراءة (مصر) ونهضت تجارب أخرى (الإمارات) كانت طوابير الشباب على إصدارات مكتبة الأسرة تدعو للفرح، الآن توقف المشروع، وتراجعت معدلات القراءة، فلا بأس من أن نتذكر ما جرى فى إسبانيا زمن الحرب الأهلية، وهزيمة الجمهوريين على يد قوات الديكتاتور فرانكو.

كانت تلك القوات تحاصر أحد المواقع، التى يتحصن بها الجمهوريون، وكان الرصاص ينهال من جميع الاتجاهات، إلى أن خيم الصمت والهدوء الحذران على المكان، وتقدمت قوات فرانكو من الموقع، وفوجئ الجنود بأن رجلا واحدا، هو الذى كان يطلق كل هذا الكم من الرصاص.سأله قائد المجموعة المهاجمة: عم كنت تدافع يا رجل؟ أنت واحد ونحن كثر، ولا شك أنك كنت ستنهزم فى النهاية، قال الرجل:كنت أدافع عن هذين، وأخرج من جيبه كتابا ورغيف خبز، بالتأكيد نحن نحتاج الآن، أكثر من غيرنا، إلى ترديد إجابة هذا الرجل الإسباني، وها نحن نفعلها، ونأتى إليكم بـ " سور الأزبكية ":

حوارات صحفية مع شهود على التاريخ
ما الجديد الذى يمكن أن يضيفه كتاب إلى المكتبة العربية، يحوى حوارات صحفية جرت قبل عقود من الزمن؟ كان الكاتب الصحفى ماهر مقلد، مشغولا بإجابة هذا السؤال قبل أن يقدم على تجميع حوارات أجراها مع شخصيات بارزة فى أكثر من اتجاه، ومن ثم يصدرها فى كتاب صادر عن دار الأدهم للنشر والتوزيع بعنوان "شهود على التاريخ" فهذه الشخصيات لها رصيد من العمل والإنجاز، يقول: "اكتشفت أن إجابات هذه الشخصيات كانت تحمل رؤية متقدمة جدا لجملة من المواقف المؤثرة التى نعيش تفاصيلها فى هذا العصر، فى القضايا السياسية والفنية والاقتصادية والأديان".
رصد ماهر مقلد فى كتابه ما حدث مع عدد كبير من الشخصيات قبل الحوار وبعد النشر، اعتمادا على الذاكرة، ولم يجد صعوبة فى استدعائها وكتابتها، بما يحفظ للضمير المهنى أخلاقه، ويبتعد عن شبهة الادعاء أو اختلاق الوقائع، ومع ذلك لم يتسع الكتاب لكل الحوارات التى أجراها خلال مشواره المهنى على مدى 35 عاما، فى مهنة الصحافة، لكنه جمع الحوارات التى أجراها مع شخصيات مصرية، مرجئا الحوارات مع الشخصيات العربية لما بعد ذلك.

يقول ماهر مقلد:"كنت عندما أتصفح الحوار وأطالع الأسئلة والإجابات، أتخيل تلك اللحظة التى تقابلت فيها مع الأساتذة: أمين هويدى وسامى شرف ومحمود السعدنى وأسامة أنور عكاشة والسيد ياسين وعبد الصبور شاهين ومصطفى محمود والشيخ الشعراوى وغيرهم من قائمة الأسماء التى لها تاريخ وقيمة. كان مقلد أمام مشكلة من نوع خاص، ومطلوب منه أن يجيب عن أسئلة من نوعية: من أين تبدأ؟ هل بالترتيب الزمني؟ أم بتغليب وجهة النظر التى ترى أن هذا الحوار أكثر جاذبية للقارئ أم بثقل الشخصية ووضعها؟ ويرى أن هناك مدرسة تضع شخصية بطل الحوار فى مقدمة الاعتبارات التى على أساسها يتم تصنيف الكتاب وفهرسته، وفى النهاية جرى تصنيف الحوارات بحيث تكون متجانسة، وكل فصل يحتوى على نوعية الحوارات، التى تتناول موضوعا محددا.

الكتاب يجمع بين شخصيات كانت بحكم المسئولية والمكانة حاضرة فى الأحداث التاريخية التى مرت بها مصر، عاصرت المواقف الفارقة، واحتفظت بالتفاصيل الصغيرة، التى تغيب عن الكثيرين، وهم شهود على التاريخ.ويبحث الكتاب عن الدوافع التى تدفع البعض إلى تغيير المبدأ فى الحياة، ويجمع الكتاب بين رموز عاصرت أحداثا تاريخية، بل كانت جزءا من صناعة الأحداث، فهناك جيهان السادات ونجيب محفوظ وعادل إمام أيضا وغيرهم من الأسماء التى تركت بصمات مؤثرة فى شتى المناحي، وتباينت أفكارها، لكنها حافظت فى الوقت نفسه على وضوح الرؤية.

«الاغتراب» فى مجموعة «كأننى حى»
(ما أقسى أن نمشى فى جنازة من نحب، فلا نعرف ماذا نفعل بالضبط؟ وهل البكاء كاف للحزن أم لا؟ وهل يعرف الآخرون مقدار حزننا وهم يرمقوننا من آن لآخر كأنهم فى كل مرة يبحثون عن شىء ما فى كل دمعة وشهقة وحرقة قلب؟)

هكذا يستهل محسن عبد العزيز مجموعته القصصية الأخيرة (كأننى حى) التى يعود فيها الكاتب إلى عالمه الأثير، وميدانه الذى يعشقه ويجيد فيه ويحفظ زواياه وحدوده جيدا .. عالم القصة القصيرة، تلك العودة التى جاءت عقب خوضه تجربته الروائية الأولى (شيطان صغير عابر) بعد مجموعتيه القصصيتين الأوليين (ولد عفريت تؤرقه البلاد) و (مروة تقول إنها تحبنى).

وكما كان إحساسا "الاغتراب" و"الفقد" شعورين حاكمين فى الأعمال الثلاثة الأولى للمؤلف ، فإنهما يستمران كذلك فى مجموعته الجديدة الصادرة ضمن سلسلة أصوات أدبية الصادرة عن الهيئة العامة للكتاب.
فالكاتب "ابن القرية" الذى هجرها منذ أعوام طويلة، لم يستطع أن يغادرها بعد، وهى أيضا لم تغادره، ليظل الشعور ب "الغربة" ملازما له فى المدينة التى يحيا فيها بجسده فقط ، بينما روحه هناك، تمرح فى قصص (الجلباب الجديد)، (الجسر الطويل) و(عجل الطلوقة) وغيرها، تمرح حيث التربة الخصبة ورائحة الطمى والندى، الغيطان والسواقى وبيوت الطين وأصوات الطيور وخوار المواشى وأزيز الجسور الخشبية فوق الترع، وحياة الفلاحين وسهراتهم المعجونة بالنميمة، عاداتهم ، خرافاتهم التى يتداوون بها فتداويهم، أحزانهم وأفراحهم، دموعهم وضحكاتهم التى تنبجس من القلب مصحوبة بالسعال برغم كل ما يحملونه من هم، عالم كامل يرصده محسن عبد العزيز بعين ولغة العاشق الحانى حينا، وحدة الناقد الساعى للكمال حينا آخر.

وإذا كان الشعور بالاغتراب ظاهرا فى بعض قصص المجموعة، فإن شعور (الفقد) يبدو مسيطرا على أغلب القصص، ذلك الفقد الذى يتفاوت ما بين فقد الأم ومعاناة اليتم، كما فى القصة الأولى التى تحمل المجموعة عنوانها (كأننى حى) أو فقدان الطفل لحيوانه الأليف الذى يمنحه بعض الخصوصية والتميز بل والحماية أحيانا كما فى (كلب أحمر)، أو فقدان الحب "الحقيقى" كما فى قصة (ذبابة) التى تحولت فيها حبيبة مجهولة إلى روح هائمة تفسد عليه علاقته "الجسدية" العابرة بامرأة أخرى، وقصة (الحلمان معا) التى يطارد فيها الراوى حبيبتين فى حلمين لم يتحققا تحت وطأة الزواج والحياة "العادية".

وبرغم هذين الإحساسين: (الاغتراب) وما يخلفه من وحدة ، أو (الفقد) إثر الموت وما يخلفه من يتم ، أو إثر الهجر وما يخلفه من حب مستحيل ، وما يستتبع هذين الإحساسين من ذاتية وانكفاء على النفس، فإن المجموعة زاخرة بالقصص التى تحمل العديد من العذابات الإنسانية العامة، والآلام التى ترتبط بالفقر ومعاناة المهمشين، كما فى قصص (سيدة وطفلان) و(بياع الأنابيب) و(قسوة) التى يختمها بعبارة كاشفة وهو يتناول معاناة امرأة تقوم بتلميع الأحذية للعابرين، حيث يقول الكاتب على لسان الراوى: "كيف أضع حذائى فى وجه امرأة فقيرة، وبعد ذلك أدعى أننى رجل شريف؟".

وكما تنوعت قصص المجموعة من حيث مضامينها ، تنوعت كذلك من حيث الشكل ما بين القصص القصيرة و الأقاصيص، وما تعارف عليه أخيرا بـ"القصة الومضة"، فتفاوتت مساحات القصص ما بين الثلاث صفحات إلى الصفحة الواحدة أو النصف صفحة حتى وصلت أحيانا إلى الثلاثة أسطر والسطرين كما فى (أبدا) و (صياد) و(كلب الدار) التى اقتصرت على الكلمات القليلة التالية: (عوى كلب الدار على "سيد الدار"، فاندهش الرجل وصرخ فيه بغضب، لكن الكلب زاد فى العواء.

كلمات قليلة ، مقتضبة، مصوبة نحو الهدف وجارحة، ولقطة كاشفة، وسمات أخرى تتكشف عبر جمل قصيرة معدودة، لكنها تعكس فى الوقت ذاته روح (كأننى حى) كاملة، بشفافيتها وطزاجتها ولغتها المتفردة (الجارحة أحيانا)، تلك اللغة التى لم يتخل عنها محسن عبد العزيز على مدار المجموعة التى تعد استكمالا لمشروعه الأدبى الذى يواصل بناءه لبنة فوق لبنة .. بهدوء وثقة.

الثورة الذهنية طريق المستقبل
ثورتان غيرتا حياة الإنسان منذ بدء الخليقة حتى الآن، الآلة التى حلت محل عضلاته، والكمبيوتر الذى يسارع الآن نحو الإحلال مكان ذهنه أو عقله، نتجت عن الأولى الثورات الصناعية، وعن الثانية الثورة الذهنية، والثانية هى موضوع هذا الكتاب الصادر عن دار العين للنشر والتوزيع للدكتور منصور الجنادى، الذى يوضح أن الثورات الصناعية بشكل أو بآخر وصلت إلى بلادنا العربية، أما الثورة الذهنية التى بدأت فى منتصف القرن الماضى فى أوروبا، فلم تطرق باب الوعى العربى بعد، برغم كونها أحد أهم تطورات التاريخ الإنساني، إن لم تكن أهمها على الإطلاق.

يشير المؤلف إلى أنه على مدى قرنين من الزمان حاول الكثيرون فى العالم العربى اللحاق بشىء ما، سمى أحيانا الحداثة، وأحيانا النهضة والتنوير أو التحديث والإصلاح، لكن للأسف لم يحالف أحد منهم الحظ فى أى من هذه المحاولات، وكما يرى المؤلف فإن لدينا الآن أدوات جديدة لفهم أنفسنا لا تتوافر لآبائنا من قبل، منذ سقراط حتى الطهطاوى ومحمد عبده (دعاة النهضة العربية) فعلوم الثورة الذهنية تمكننا من فهم أذهاننا (عقولنا) من وجهات نظر متعددة، لكنها تتكامل بشكل ممتع: الذهن واللغة، الذهن والنفس، الذهن والأعصاب، الذهن والتاريخ البشري، الذهن والفلسفة، والذهن والكمبيوتر، جميع علوم الذهن هذه وضعها علماء الغرب فى علم واحد، يدرس الآن فى هارفارد والعشرات من الجامعات الأخرى حول العالم.

يحاول الدكتور الجنادى فى هذا الكتاب تبسيط الثورة الذهنية بعلومها المختلفة للقارئ غير المتخصص، وذلك فى مقالات قصيرة، يمكن قراءتها كل على حدة، فى دقائق قليلة، تعالج اهتماماتنا اليومية وهمومنا وطموحاتنا الشخصية والعامة، من منظور العصر، وبعين على المستقبل، وتختلف الثورة الذهنية عن الثورات السياسية فى أنها لا تهتم بالسلطة وشئون الحكم، وتختلف عن الثورات الثقافية فى أن موضوعها ليس الفكر وإنما الذهن الذى يفكر، لذلك فالثورة الذهنية ليست مع أو ضد أى فكر أو مشاعر، أيا كانت، لكنها محايدة، لا تبغى سوى الفهم والنهوض بالوعى، كأى علم يبحث ويتعلم، ثم يترك التطبيق لأصحابه.
يوضح الجنادى أن الثورة الذهنية هى ثورة بكل مل تعنيه الكلمة من تغيير جذري، لكنها فى حد ذاتها لم تبدأ فى الماضى ببناء ولا بهدم، ولن تفعل ذلك فى المستقبل أيضا، فهى ككل تقدم علمى تكنولوجى تكاد تكون حتمية تاريخية، لم يكن من الممكن تفاديه فى الماضي، وغالبا لن يمكن تفاديه فى المستقبل، إنه تراكم معرفى ملك للبشر والإنسانية، يمكنك أن تحسن أو تسىء استخدامه.

وكما يقول د. حسام بدراوى، فى تقديمه للكتاب، فإننا أمام علم متعدد المداخل، ويشمل دراسة العقل ووسائله فى إدراك الطبيعة والحياة، هو علم يشمل دراسة الذكاء والسلوك الإنسانى ومعرفة كيفية عمل الجهاز العصبي، وإدراك تحول المعلومة إلى تراكم معرفي، ويشمل هذا العلم اللغويات والانطباعات والذاكرة والوعى والمنطق والعواطف، ويشمل الإلمام بالسيكولوجى والذكاء الاصطناعى، والكمبيوتر والفلسفة وعلم الأعصاب والإنسان، إنه كتاب يخاطب العقل، وينير الطريق على الماضى والمستقبل، ويزيد المعرفة لحاجتنا إلى الثورة الذهنية، أداة العصر ووسيلته، فمن لا يستطيع تغيير عقله، لن يستطيع مواكبة المستقبل.

واحد من مليارات البشر فى عالم مجنون
أصدر الكاتب الصحفى "أكرم القصاص" كتابه "السيبرانى اضغط هنا" متناولا عالم السوشيال ميديا بصورة تغوص فى كل التفاصيل المحيطة، بمن يدخلون إلى هذا العالم أو المتاهة، ثم يخرج بالتحليل الدقيق لكل ما نراه من ظواهر، عبر الفضاء الإلكترونى، من هذه التفاصيل التى يتوقف أمامها أكرم القصاص: تحليل إستراتيجى، صورة لطفل يلعب مع كلب، وأخرى لرجل تعرفه معلقا فى محاليل الإنعاش، ومائدة عليها إفطار شهى، وصورة ضاحكة لفريند يبتسم ببلاهة، وسب من فتاة جريئة لشخص مختلف معها فى الرأى، وتحليل عميق منقول لرجل يتحدث فى السياسة بإحصائيات وأرقام تشبه الحقيقة، ويستعرض علاقة الديمقراطية بحرية الرأي، وسرعان ما يمنح مختلفا معه "البلوك".

تفاصيل كثيرة ومختلفة يتوقف أمامها أكرم القصاص، فالكل يكتب وينشر ويتحدث، وعليك أن تختار أو تعلق أو تكتفى بالفرجة، تشارك أو تضع "لايك" أو ابتسامة، تقدم العزاء فى ميت، أو التهنئة لعريس، أو عيد ميلاد، أقوال و"بوستات" مقبضة، أو شتيمة، أفراح ومعارك، نصائح و"كورسات" تنمية بشرية، مولد يزدحم بالكلام والضجيج والصمت، كل هذا وأكثر تجده ما إن تدخل إلى عالم "فيسبوك وتويتر وإنستجرام ويوتيوب" وعليك أن تختار البقاء أو المغادرة، لكنك تجد صعوبة فى حال استسلمت للبوستات والتقارير والروابط، التى يقود بعضها لبعض، وتبعدك عن هدفك أو تقربك منه، تنتقل بينها لتمر الساعات، أو تنزل من المترو وتغادر السيارة، أنت واحد من ملايين، بل مليارات البشر فى عالم عاقل مجنون، تافه، عميق، خادع، صادق، أبدي، مؤقت.

بعد هذا كله يأتى السؤال: ماذا يحدث لو أننى بقيت بعيدا عن أدوات هذا العصر، من التليفون المحمول إلى حساب على "الفيسبوك"؟ يقول أكرم القصاص: ما إن تطأ بقدمك أو أصابعك هذا العالم فأنت واحد من مليارات البشر، نزلوا إلى البحر، وعليهم أن يعوموا، كل منهم يظن نفسه سباحا، ومهما كنت عارفا أو جاهلا، فلن تستطيع أن تنجو من هذا الضجيج، وتتوالى الأسئلة: هل هؤلاء الذين أراهم على صفحات الإنترنت هم نفس الناس الذين أعرفهم فى الواقع؟ بحسه الساخر يجيب القصاص: هؤلاء الذين تسمعهم وتقرأهم وتنقل عنهم، وتتعاطف معهم أو تلعنهم أو تستنكر سلوكهم، هم زملاؤك فى الإنسانية، تراهم فى الشوارع وتجاورهم فى السكن، وفى مقاعد المترو، ومكاتب العمل، بشر تعرضوا لجرعات من الإشعاع السيبرانى.

الوثائق السرية لحكم الجماعة الفاشية
"تخيلت الجماعة الفاشية عندما وصلت لكرسى الحكم أنها قادرة على إرهاب الجميع، قادرة على سحلهم والتنكيل بهم، قادرة على قطع ألسنتهم وقطع أرزاقهم، ولم لا، وهى تجلس على كرسى الحكم، تحكم وتتحكم فى كل شىء؟"

هذا ما يؤكده الكاتب الصحفى خالد حنفى فى كتابه "الوثائق السرية لحكم الجماعة الفاشية" الصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، موضحا أن كثيرين واجهوا الجماعة دون خوف، فالجماعة كانت تحرق الأرض سريعا، ونهمها فى إحكام قبضتها على مؤسسات الدولة، أسقط عنها ورقة التوت، فقد تمكنت من كرسى الرئاسة، لكنها أبدا لم تقترب من تنظيمها، لم تفكر فى تسوية وضعها، ولا منحه صبغة قانونية، هى تعرف أن وضعها منذ أن تم حلها فى الخمسينيات هو الأمثل، هو الوضع الذى يمكنها من فعل أى شيء دون مساءلة، يمكنها من التواصل مع دول أجنبية وأوروبية، دون أن تتهمها بالتجسس أو العمالة، يمكنها من تلقى أموال من أشخاص ودول دون أن تتهمها بالخيانة، أيضا وضعها بهذا الشكل يجعلها تحاسب غيرها إذا ما اقترب منها أو حاول كشفها وكشف مخططاتها، وهى فى الحكم.
تعرض خالد حنفى للجماعة بنشر وثائق عن تحركاتها ومخططاتها، وتعرض للخطابات المتبادلة بينها وبين دول أجنبية وأوروبية، وهو ما عرضه للوقوف أمام النيابة، فلم تكن الجماعة الفاشية عدوا حقيقيا لأمريكا، حسبما يذكر خالد حنفي، وكما تدعى هى دائما، الجماعة كانت دائما مع الأمريكيين فى لقاءاتهم السرية قبل 25 يناير وفى لقاءاتهم المعلنة بعدها، كانت على وفاق معها، وهو ما تكشفه الخطابات المتبادلة، قبل 25 يناير كان يحلو للجماعة أن تهاجم أمريكا فى محاولة لكسب الشارع، لكن ما تحرمه الجماعة على الآخرين تحلله لنفسها، هى من تمد يدها للغرب والأمريكيين، وتدعى ما ليس فيها من أنها جماعة داعمة للحرية لكى يرضى عنها الغرب.

بعد 25 يناير جرى استخدام الجماعة من الأمريكان، عمت الفوضى، حين تلقت أمرا من الرئيس الأمريكى الأسبق أوباما بالنزول إلى الشارع، وهنا يوضح خالد أن الجماعة نزلت واختطفت كل شىء، وكان هناك لقاء مؤثر بين أمريكا والجماعة، وهو اللقاء الذى جمع بين آن باترسون السفيرة الأمريكية فى القاهرة ومحمد بديع، وكما جاء فى الوثائق فقد سعى بديع إليهم طلبا للأمان، معلنا أنه يتعاون مع "حكومة الجنزوري" على الرغم من رفض الليبراليين التعاون معه، والأغرب ما قاله: "نحن ليبراليون أكثر منهم، فإن كنا لسنا شركاء فى السلطة، فنحن شركاء فى المسئولية".

يقول خالد حنفى: إن هذه الجماعة كانت تعيش تحت الأرض، لأن مثلها لا يحب النور، فالنور كاشف لوجهها الحقيقي، النور يظهر ما تخبئه فى اللحى، وما تبطنه فى صدرها، وفى الوقت نفسه كانت لها حياة أخرى فوق الأرض، تغازل المسئولين لتحصد المكاسب الخاصة، وتتعاون معهم لينمو اقتصادها، وتتوسع شركاتها، حتى إذا ما حلت اللحظة المناسبة، استخدمت هذا الاقتصاد لخدمة أهدافها فوق الأرض.

قد يهمك ايضا 

وزير الثقافة الفلسطيني يفتتح مكتبة "باب الرحمة" في رام الله والبيرة

"إبليس في المقهى" أول إصدار للكاتب حد مسعود عبد الحكيم

 

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إصدارات من مجموعة «كأننى حي» إلى «الوثائق السرية لحكم الجماعة الفاشية» إصدارات من مجموعة «كأننى حي» إلى «الوثائق السرية لحكم الجماعة الفاشية»



GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:21 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الجدي الخميس 29-10-2020

GMT 14:05 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الأسد الخميس 29-10-2020

GMT 08:29 2021 الجمعة ,07 أيار / مايو

مسلسل ''حرقة'' أفضل دراما رمضانية في تونس

GMT 05:48 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

اكتشاف تقنية جديدة تساعد في إنقاص الوزن الزائد

GMT 05:31 2016 السبت ,26 آذار/ مارس

البردقوش فوائده واستخدامه

GMT 00:15 2016 الثلاثاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

فوائد الشطة لعلاج مرض الصدفية

GMT 10:54 2013 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ندوة عن القبول في جامعات الولايات المتحدة في "أميركية دبي"

GMT 09:15 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أيتام «داعش» مَنْ يعينهم؟
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia