سيطرت حالة من الغضب العارم على مواطني شارع الصاغة في حي الجمالية فور علمهم بتفاصيل الجريمة التي أضحت حديث الصحف والمواقع الإخبارية، وسط مخاوف من تأثيرها على "أكل العيش"، بالإضافة إلى صدمتهم بشأن المتهم الثالث في الواقعة صاحب الـ15 سنة.
يوضح عامل بإحدى المحال أن الصدمة الكبرى التي تلقاها كانت بشأن تورط "أحمد.م"، الذي كان يعمل بمحل المتهم "هشام" قائلا: "ده طفل إزاي يشوف حاجة زي دي ويسكت".
و اعتاد أحمد"الذهاب إلى مدرسته في الصباح، حيث أنه طالب في الصف الثالث الإعدادي، ينطلق في تمام الثالثة عصرًا -بعد انتهاء اليوم الدراسي- إلى محل أمين الصاغة" لبدء "ورديته" كعامل نظافة، لا يعرف طعم الراحة طيلة ساعات العمل حتى موعد إغلاق المحل في المساء.
يتذكر شاب يعمل في محل مشغولات فضية تفاصيل تلك الجلسة التي جمعته بأحمد منذ فترة ليست بالبعيدة، عندما سأله عن ظروفه المادية، فأخبره آنذاك -الطفل الذي حمل المسؤولية مبكرا- أنه يحلم بالحصول على شهادة جامعية، ويتوجب عليه توفير مصروفات الدراسة؛ بسبب ظروف أسرته الصعبة.
حملت الجريمة متهمًا آخر شاب لا يزال في مرحلته الجامعية، هو محمد نجل هشام "المتهم"، الذي قال عنه عم حسني، العامل بمحل مجاور لموقع الحادثة: "اتصدمت في الواد محمد.. كان يتمتع بدماثة الخلق، ويحظى باحترام الجميع داخل وكالة أبو الروس.. ده كان بيصلي جماعة في المسجد.. كل ذنبه انه اتولد لأب زي هشام".
"ويعبر "أ. م"، صاحب محل مشغولات ذهبية، عن صدمة التجار يوم اكتشاف الواقعة (الأربعاء قبل الماضي)، ويضيف: "تلقينا الفاجعة على لسان أحد الضباط حينما قال في هدوء: في جريمة قتل هنا"، لتتوالى المفاجآت غير السارة عقب توصل المباحث إلى الجاني "محدش مصدق إن هشام عمل ده".
وورَّث هشام المحل عن والده، كما يوضح جاره "أ. م"، الذي أكد أنه كان يتمتع بدماثة الخلق وعدم إثارة المشاكل، ويلزم محله طوال اليوم "كان بيظهر وقت الصلاة في الزاويا اللي جنب المحل".
ويتذكر عامل بمحل مشغولات فضية مجاور عادة اشتهر بها المتهم "هشام": "كان بيرش عرقسوس قدام المحل كل يوم.. بيقول علشان الزرق".
رغم كشف أجهزة الأمن عن ملابسات الجريمة، إلا أن رجل خمسيني يمتلك محلًا ملاصقًا لمسرح الجريمة لا يزال يحاول استيعاب وجود سرداب أسفل المحل، استغله المتهم لتقطيع الجثة ووضعها في أكياس قبيل التخلص منها "إزاي فكر في ده.. عمله امتى.. أنا بقالي سنين هنا عمري ما شوفت ولا سمعت عن حاجة زي كده!".
"يشدد عجوز من على باب محله الصغير بشارع الصاغة على أن غالبية المحال مملوكة لعائلات معروفة، وتجار عُرفوا منذ عقود بحسن الخلق والتعامل الجيد مع الجميع "اللي حصل ده نشاز عن القاعدة"، حسب وصفه.
وأكد أصحاب المحال أن "سوق الصاغة معروف من زمان.. اللي عارفنا عمره ما هيتأثر بأي كلام يتقال أو حاجة تحصل"، موضحين أن الواقعة فردية لا تمس أصحاب المحال بتلك المنطقة العتيقة "الجاني اتمسك وهياخد عقابه.. مافيش قصة أصلا".
تلقى مدير فندق أبو سمبل بميدان العتبة، تفاصيل الجريمة "أنا قولت للمباحث من الأول إن السر في شارع الصاغة لأنها بتروح هناك كل ما تنزل مصر"، مشيرا إلى أنه لم يجمعه أية مواقف معها من قبل "غالبا مبتعملش مع النزلاء إلا لو في شكوى".
ويؤكد أن كافة المشاهدات، أثبتت مغادرة الضحية للفندق بمفردها، وعدم عودتها ثانية "دي اول مرة متدفعش فلوس"، لافتا بأن أسعار الإقامة في الفندق منخفضة تقترب من 35 جنيها في الليلة، يرتفع الثمن وفق موقع ومساحة الغرفة "كل زبون وطلبه".
ويشير المدير إلى أن غالبية النزلاء السودانيين يسقطون فريسة لمحترفي النصب "كل شوية واحد منهم يتنصب عليه في تغيير عملة أو بيع حاجات معينة"، مشددا على أن غالبية المقيمين لديه من التجار "الفندق شغال من سنة 1966".
و اصطحبت قوة من قسم شرطة بولاق الدكرور بقيادة الرائد طارق مدحت والنقيب أيمن سكوري، معاونا المباحث، المتهم "هشام.س"، 50 سنة، ونجله "محمد" - الذي كان شاهدا على الواقعة- إلى المحل لإجراء المعاينة التصويرية للجريمة في حضور المستشار محمد خالد، رئيس نيابة الحوادث، والمستشار شريف صديق، مدير النيابة، أعقبها صدور قرار بسجنهما على ذمة التحقيق.
أرسل تعليقك